تبدأ الانتخابات التشريعية في الهند الجمعة وتستمر ستة أسابيع، فيما يعتبر رئيس الوزراء ناريندرا مودي الأوفر حظا للبقاء في السلطة على رأس الدولة الديموقراطية الأكثر تعدادا للسكان في العالم.
وما زال مودي يحظى بشعبية كبيرة بعد ولايتين زادت خلالهما الهند من نفوذها الديبلوماسي وثقلها الاقتصادي.
وأفاد استطلاع للرأي صادر عن معهد "بيو" العام الماضي أنّ 80 في المئة من الهنود لديهم نظرة إيجابية حيال مودي بعد قرابة عقد في السلطة.
وبدأ مودي (73 عاما) وحزبه بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي حملة غير رسمية الشهر الماضي، سعيا إلى تكرار الانتصار الساحق المحقّق عامَي 2014 و2019 من خلال اللعب على الوتر الديني.
هذا العام، دشّن مودي في مدينة أيوديا معبدا كبيرا مخصصا للإله رام أنشئ على موقع مسجد عمره قرون دمره هندوس متطرّفون. وحظي هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة النطاق وأقيمت احتفالات عامة في كل أنحاء الهند.
وقال أمام آلاف الأشخاص الذين تجمهروا لحضور التدشين إن "بناء المعبد يعد فجرا لحقبة جديدة في تاريخ الهند".
واعتبر محلّلون أن مودي هو الفائز في الانتخابات بحكم الأمر الواقع نظرا إلى أن ائتلاف أحزاب المعارضة لم يسم بعد مرشحه لمنصب رئيس الوزراء.
وأثارت تحقيقات جنائية فتحت ضد معارضي مودي، حفيظة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك ومنظمات حقوقية اعتبروا أن الانتخابات غير محايدة.
وقال وزير الخارجية س. جايشانكار خلال مؤتمر صحافي هذا الشهر: "لست في حاجة إلى أن تقول لي الأمم المتحدة إن انتخاباتنا يجب أن تكون حرة ونزيهة"، مضيفا: "شعب الهند سيحرص على ذلك، لا داعي للقلق".
توقيفات وتجميد حسابات
في مواجهة حزب مودي، تحوّل حزب المؤتمر المعارض الرئيسي الذي قاد نضال الهند من أجل الاستقلال ثمّ حكم البلاد لعقود، إلى ظلّ لما كان عليه، ولم يعد يشارك في السلطة سوى في ثلاث ولايات من أصل 28 ولاية في البلاد.
وسعى قادته إلى تشكيل تحالف يضمّ أكثر من عشرين حزبا إقليميا لبلورة جبهة موحدة ضدّ حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتمتّع بثقل انتخابي وقدرات مالية.
لكنّ الخلافات داخل التكتّل بشأن تقاسم المقاعد أدّت إلى انشقاق أحد أعضائه وانضمامه إلى الحكومة، وعدم القدرة على الاتفاق على مرشّح لرئاسة الوزراء.
ويتّهم التحالف حكومة مودي باستخدام القضاء لإبعاد بعض زعماء المعارضة الذين تستهدفهم تحقيقات جنائية بمن فيهم رئيس وزراء نيودلهي أرفيند كيجريوال الذي ألقي القبض عليه في آذار (مارس) الماضي بعد اتهام حزبه بمزاعم فساد مرتبطة بسياسة المشروبات الكحولية في المدينة.
ويُلاحق راهول غاندي (53 عاما) الذي يعدّ الشخصية الأبرز في المعارضة، بحوالى عشر دعاوى قانونية تمضي إجراءاتها ببطء. ويتهمه المسؤولون في حزب "بهاراتيا جاناتا" بالتشهير.
وعلّقت عضويته في البرلمان موقتا العام الماضي لأسباب متعلّقة بإحدى القضايا. كذلك، أعلن حزبه في شباط (فبراير) أنّ إدارة الضرائب جمّدت حساباته المصرفية، كجزء من تحقيق مستمر في إقراره الضريبي قبل خمس سنوات.
وصرح غاندي في آذار: "ليس لدينا أموال للقيام بحملتنا الانتخابية، ولا يمكننا دعم مرشحينا. لقد تضررت قدرتنا على خوض المعركة الانتخابية".
970 مليون ناخب
ويتهم غاندي الحكومة بالتسبب في تراجع الديموقراطية، وينتقد تبنيّها للمعتقد الديني للغالبية في الهند البالغ عدد سكانها 1,4مليار على حساب أقليات كبيرة، بمن فيها 220 مليون مسلم يشعرون بالقلق على مستقبلهم.
وفي ظل حكم مودي، أصبحت الهند خامس اقتصاد في العالم متقدّمة على المملكة المتحدة، القوة الاستعمارية السابقة.
ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن حرية الصحافة تتعرض لقمع متزايد.
ومنذ وصول مودي إلى السلطة عام 2014، تراجعت الهند 21 مركزا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تضعه "مراسلون بلا حدود"، لتصبح في المرتبة 161 بين 180 دولة.
وفي المجموع، سيُدعى 970 مليون هندي لانتخاب الأعضاء الـ543 في البرلمان، أي أكثر من عدد السكان الإجمالي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا مجتمعتين، في أوسع ممارسة للديموقراطية في العالم.
واختير تاريخ 19 نيسان (أبريل) للمرحلة الأولى من عملية التصويت التي ستمتدّ لأسابيع عدّة، على أن تكون المرحلة النهائية في الأول من حزيران (يونيو).
وستفرز الأصوات في كل أنحاء البلاد في الرابع من حزيران. وعادة ما تعلن النتائج في اليوم ذاته.