تبحث القمة الثلاثية الأولى منذ عام 2019 بين سيول وطوكيو وبكين التي ستنعقد اعتباراً من الأحد في تعزيز التبادل التجاري وتأمين سلاسل التوريد وتنمية السياحة بدون تأشيرات، عوضاً عن القضايا الجيوسياسية الحساسة.
يجتمع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء لي تشيانغ ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في سيول الاثنين، غداة سلسلة اجتماعات ثنائية.
وعلى الرغم من التوترات الإقليمية جراء تجارب كوريا الشمالية النووية والتدريبات العسكرية الصينية بالقرب من تايوان، إلا أن الدول الثلاث سوف تتجاوز في نهاية المطاف القضايا الأمنية لتبحث عن أرضية مشتركة وتحقيق تقدم دبلوماسي، وفقا لعدد من الخبراء.
أوضح لي دونغ جيو من معهد آسان لدراسات السياسة في سيول لوكالة فرانس برس أنه من المهم بالنسبة للأطراف الثلاثة أن تظهر "تصميمها على الحفاظ على زخم التعاون" رغم "المواقف السياسية المتباينة جدا".
واشار الباحث إلى العلاقات المتينة المتزايدة بين كوريا الجنوبية واليابان مع الولايات المتحدة، أكبر منافس للصين، و"المواقف المتباينة" بشكل كبير بين الدول الثلاث بشأن تهديدات بيونغ يانغ النووية والتقارب مع روسيا.
واوضح أن كوريا الجنوبية تتهم كوريا الشمالية بتزويد روسيا بأسلحة ومعدات عسكرية لاستخدامها في أوكرانيا، وهو ما تنفيه بيونغ يانغ.
واضاف أنه لضمان نجاح القمة "لن تتم مناقشة هذه المواضيع، بل سيتم التركيز بدلاً من ذلك على التعاون بين الدول الثلاث".
تخفيف التوتر
وانتهج رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، منذ أيار (مايو) 2022، سياسة التقارب مع اليابان، القوة الاستعمارية السابقة رغم الخلافات التاريخية معها، وعزز البلدان علاقاتهما مع واشنطن في مواجهة التهديد الكوري الشمالي.
وترفض الصين، الشريك التجاري والحليف الدبلوماسي الرئيسي لكوريا الشمالية، باستمرار إدانة التجارب النووية التي تجريها بيونغ يانغ، وتفضل توجيه أصابع الاتهام إلى التدريبات المشتركة التي تجريها سيول وواشنطن.
وقال دايسوك كاواي، نائب مدير برنامج الأمن الاقتصادي في جامعة طوكيو، لوكالة فرانس برس: "لن تفضي القمة إلى أي شيء ملموس على الصعيد الأمني".
واضاف أن سيول وطوكيو "تشعران بالقلق إزاء تصعيد التوترات المتزايد في شرق آسيا، خاصة على خلفية الأزمة في تايوان" وشرعتا في تحسين علاقاتهما.
ودفع هذا الوضع الصين إلى "رؤية الحكومتين متحدتين بشكل متزايد في إجراءاتهما ضد بكين"، وسيكون "تخفيف هذا الزخم وهذا التوتر" إحدى التحديات الرئيسية لهذا الاجتماع، بحسب الخبير.
واضاف أن من بين مجالات الاتفاق الرغبة في استئناف السفر بدون تأشيرة بين اليابان والصين.
"قضية ثنائية"
واعتبر مستشار رئاسي كوري جنوبي أن القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية "يصعب حلها بشكل واضح وسريع خلال فترة زمنية قصيرة" بين الدول الثلاث، لذا ستركز القمة بشكل أكبر على التعاون الاقتصادي.
وأضاف أن سيول ستحاول رغم ذلك إدراج الجوانب الأمنية في بيان مشترك تجري مناقشته حاليا.
وعلى الجانب الياباني، يأمل كيشيدا خلال هذه القمة في "الضغط على الصين" حتى تدعم عقد اجتماع كان قد طلبه وتم رفضه مع كيم جونغ أون، بحسب كاواي.
وتشهد العلاقات بين اليابان وكوريا الشمالية توترا منذ فترة طويلة، خاصة على خلفية اختطاف مواطنين يابانيّين في السبعينيات والثمانينيات. ولا تُقيم طوكيو وبيونغ يانغ علاقات دبلوماسيّة رسميّة.
ومن غير المستبعد أن تتجاهل الصين هذا الطلب، بحسب كانغ جون-يونغ، الأكاديمي في قسم الدراسات الصينية بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية.
ومن المرجح أن بكين "ترى أن موضوع المختطفين هي قضية ثنائية بين كوريا الجنوبية واليابان"، وفق الأكاديمي.