تجمع المئات في تايوان مساء الثلاثاء لإحياء الذكرى الخامسة والثلاثين لحملة القمع الدامية التي شنتها الصين في ساحة تيان انمين، بعدما تعهد رئيس الجزيرة لاي تشينغ-تي إبقاء ما جرى حيا في الذاكرة.
في العام 1989، أرسلت الحكومة قوات ودبابات إلى ساحة تيان انمين في بكين لفضّ احتجاجات سلمية، وسحقت بوحشية موجة من الاحتجاجات استمرت لأسابيع، للمطالبة بالتغيير السياسي.
بعد عقود، لا تزال الصين تفرض رقابة على أي إشارة للقمع.
مساء الثلاثاء، تجمع مئات الأشخاص في ساحة الحرية في تايبيه في وقفة احتجاجية سنوية، وأضاءوا بالشموع لافتة مسطحة تحمل تاريخ الحملة، وقد ألقى نشطاء كلمات انتقدوا فيها الحكومة الصينية واتّهموها بانتهاك حقوق الإنسان.
تصر الصين على أن تايوان الديمقراطية والمتمتعة بالحكم الذاتي جزء لا يتجزّأ من أراضيها، وتؤكد أنها ستعيدها إلى كنفها.
وكتب لاي في منشور على فايسبوك الثلاثاء: "سنواصل العمل الجاد للحفاظ على هذه الذاكرة التاريخية حية وتؤثر بكل من يهتم بالديموقراطية الصينية".
وأضاف: "لأن هذا يذكرنا بأن الديموقراطية والحرية ليس من السهل تحقيقهما، يجب علينا (..) الرد على الاستبداد بالحرية، ومواجهة توسع الاستبداد بشجاعة".
وزاد مستوى التوتر بين الصين وتايوان منذ تنصيب لاي تشينغ-تي رئيساً للجزيرة في 20 أيار (مايو). واعتبرت بكين أن خطابه الذي تعهّد فيه الدفاع عن الديموقراطية في تايوان وحرية الجزيرة، كان بمثابة "إعلان استقلال".
دافع الحزب الديموقراطي التقدمي الذي يتزعمه لاي منذ فترة طويلة عن سيادة وديموقراطية تايوان، التي لها حكومتها وجيشها وعملتها الخاصة.
وقال فنسنت لي البالغ 46 عاما إن "الصين تزداد استبدادا و(الرئيس الصيني) شي جينبينغ أشبه بإمبراطور".
وأضاف: "أعتقد أن إحياء ذكرى الرابع من حزيران (يونيو) هو وسيلة لحماية ديموقراطية تايوان وحريتها ضد ديكتاتورية الصين... نحن بحاجة إلى حماية القيم الحرة والديموقراطية لتايوان".
سياح في تيان أنمين
قُتل المئات، بينما أفادت بعض التقديرات بأنّ عدد القتلى تخطّى ألف شخص.
وصفت بكين الأحداث بأنها أعمال شغب، في حين صورتها جماعات حقوق الإنسان والمعارضون المنفيون على أنها مذبحة لأشخاص أبرياء، بينهم الكثير من الطلاب.
ولا يعرف كثير من الشباب اليوم في الصين أحداث عام 1989 بسبب الرقابة واسعة النطاق.
في بكين، زارت مجموعات سياحية الثلاثاء الميدان وقاموا بالتقاط صور تذكارية بجانب ضريح الزعيم المؤسس للصين ماو تسي تونغ.
ودعت مجموعة "أمهات تيان أنمين" المؤلفة من أقارب ضحايا حملة القمع عام 1989، إلى حل المأساة "بطريقة مفتوحة وعادلة " في بيان صدر الثلاثاء.
وقالت: "لن نسمح أبدا بالتضحية بأرواحكم عبثا. ويجب ألا تتكرر المأساة التاريخية".
وردا على سؤال حول الذكرى السنوية، أكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية: "توصلت الحكومة الصينية منذ فترة طويلة إلى نتيجة واضحة".
وأكدت ماو نينغ: "عارضنا دائما أي شخص يستخدم هذا كذريعة لمهاجمة الصين وتشويهها والتدخل في شؤون الصين الداخلية".
في غضون ذلك أعرب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في بيانين منفصلين عن "التضامن" مع ضحايا ساحة تيان انمين ونشطاء حقوق الإنسان الذين يواصلون النضال من أجل مزيد من الحريات.
"الناس ما زالوا يذكرون"
في هونغ كونغ التي كانت لفترة طويلة المكان الوحيد في الصين الذي يسُمح فيه بإحياء ذكرى القمع الدامي، تم حظر التجمع السنوي بعدما فرضت الصين في 2020 قانونا للأمن القومي للجم المعارضة.
في الأسبوع الذي سبق الذكرى السنوية، قامت الشرطة باعتقال 8 أشخاص بتهمة التحريض على الفتنة لنشرهم رسائل على شبكات التواصل الاجتماعي .
وأفاد صحافيو وكالة فرانس برس الثلاثاء بتسيير العشرات من عناصر الشرطة دوريات في منطقة خليج كوزواي حيث كان عشرات الآلاف يتجمعون كل عام تكريما للضحايا.
وأوقفت السلطات متسوقين وفتشتهم، بينهم سياح صينيون مرتبكون، وأفاد صحافيو فرانس برس باقتياد بعضهم.
وفي بيان صدر في وقت مبكر الأربعاء، قالت الشرطة إنه تم اعتقال أربعة أشخاص في المنطقة.
وبين الموقوفين امرأة تبلغ 68 عاما اعتقلت بتهمة "ارتكاب مخالفات بقصد الفتنة"، وهي جريمة بموجب القانون الأمني الجديد.
وأشار البيان إلى أن خمسة آخرين اقتيدوا "للتحقيق في الإخلال بالنظام العام" وأفرج عنهم بعد فترة وجيزة.
وفي وقت سابق قالت العاملة المسرحية تسانغ وهي جالسة على مقعد في الحديقة تقرأ النص المسرحي "35 مايو" - في إشارة مشفرة إلى 4 حزيران/يونيو - "أريد أن أظهر أن الناس ما زالوا يتذكرون"، واضافت في تصريح لفرانس برس "قد لا يخرج الناس لأنهم قلقون، لكن لا تزال هناك بذرة في قلوبهم".