أعلنت حركة طالبية تقود التظاهرات في بنغلادش الإثنين تعليق الاحتجاجات لمدة 48 ساعة إذ أكّد قائدها بأنها لا تسعى إلى الإصلاح "على حساب هذا الكم الكبير من الدماء".
وتحوّلت التظاهرات التي بدأت احتجاجا على نظام الحصص في توزيع الوظائف الحكومية باعتباره مسيّسا، إلى اضطرابات تعد من بين الأسوأ في عهد رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.
وتم فرض حظر للتجوّل فيما يسيّر الجيش دوريات في مدن الدولة الواقعة في جنوب آسيا في ظل انقطاع تام للإنترنت على مستوى البلاد منذ الخميس، ما أثّر على وصول المعلومات إلى العالم الخارجي.
وقال زعيم حركة "طلاب ضد التمييز" التي تنظّم الاحتجاجات لوكالة فرانس برس من المستشفى: "سنعلّق الاحتجاجات لمدة 48 ساعة.. نطالب خلال هذه الفترة الحكومة برفع حظر التجوّل وإعادة خدمة الإنترنت ووقف استهداف الطلبة المحتجين".
نُقل إسلام إلى المستشفى بعدما تعرّض للضرب من قبل أشخاص لم تُكشف هوياتهم قال إنهم عناصر شرطة بلباس مدني ليل الأحد.
قلّصت المحكمة العليا الأحد الحصص المخصصة لمجموعات معينة في الوظائف العامة وفق نظام يعتبره معارضوه مسيّسا، بما في ذلك حصة أبناء وأحفاد "المقاتلين من أجل الحرية" خلال الحرب التي خاضتها بنغلادش للتحرر من باكستان عام 1971.
وقال إسلام: "بدأنا هذا الحراك لإصلاح الحصص.. لكننا لا نريد إصلاح الحصص على حساب هذا الكم الكبير من الدماء والقتل والإضرار بالحياة والممتلكات".
قُتل 163 شخصا على الأقل في المواجهات بينهم عدد من عناصر الشرطة، وفق تعداد أجرته فرانس برس للضحايا الذين أفادت عنهم الشرطة والمستشفيات.
وتواصلت أعمال العنف المتقطّعة الاثنين إذ نُقل أربعة أشخاص إلى مستشفى كلية الطب في دكا إثر إصابتهم بالرصاص، وفق مراسل فرانس برس في المكان.
حمّلت شخصيات حكومية المحتجين والمعارضة مسؤولية الاضطرابات.
وقال الناطق باسم شرطة مدينة دكا فاروق حسين لفرانس برس: "أوقف 532 شخصا على الأقل على خلفية أعمال العنف" في العاصمة منذ بدء التظاهرات، بينهم بعض قادة الحزب الوطني البنغلادشي المعارض.
ووصف استاذ السياسة وكبير الخبراء في شؤون بنغلادش لدى جامعة ولاية إلينوي علي رياض أعمال العنف بأنها "أسوأ مجزرة يرتكبها أي نظام منذ الاستقلال".
وقال لفرانس برس إن "الفظاعات التي ارتُكبت في الأيام الأخيرة تظهر بأن النظام يعتمد بالكامل على القوة الوحشية ولا يكترث لحياة الناس".
وتابع أنه "لا يمكن لحكم قضائي أو إعلان حكومي أن يطوي صفحة عمليات القتل العشوائي هذه".
"أزمة"
وحضّ البنغلادشي الحائز على جائزة نوبل للسلام محمد يونس "قادة العالم والأمم المتحدة على القيام بكل ما هو ضمن صلاحياتهم لوضع حد للعنف".
وأضاف في أول تصريح يصدر عنه منذ بدء الاضطرابات: "يتعيّن التحقيق في عمليات القتل التي وقعت حتى الآن".
يعود الفضل إلى خبير الاقتصاد البالغ 83 عاما في انتشال الملايين من الفقر من خلال مصرفه للقروض الصغيرة لكنه واجه انتقادات من حسينة التي اتّهمته بـ"مص دماء" الفقراء.
وقال يونس إن "بنغلادش تعيش أزمة تزداد سوءا كل يوم.. كان طلاب في المرحلة الثانوية من بين الضحايا".
وطرح دبلوماسيون في دكا تساؤلات بشأن استجابة السلطات الدموية للاحتجاجات.
وأفادت مصادر بأن وزير الخارجية حسن محمود عرض على سفراء مختلف الدول الأحد تسجيلا مصوّرا مدّته 15 دقيقة حمّل المتظاهرين مسؤولية العنف وركّز على الأضرار التي تسببوا بها.
لكن مسؤولا دبلوماسيا رفيعا أفاد بأن السفير الأميركي بيتر هاس قال لمحمود إنه يقدّم رواية أحادية للأحداث.
ونقل المصدر عن هاس قوله للوزير: "من المدهش لي أنك لم تعرض تسجيلات مصوّرة للشرطة وهي تطلق النار على متظاهرين عزّل".
وأكّد مسؤول في السفارة الأميركية طلب عدم الكشف عن هويته صحة التصريحات الصادرة عن السفير.
وأضاف المصدر الدبلوماسي أن محمود لم يرد على سؤال صادر عن ممثل عن الأمم المتحدة بشأن الاستخدام المفترض لناقلات جنود مدرّعة تحمل شعار الأمم المتحدة ومروحيات لقمع الاحتجاجات.
تعد بنغلادش مساهما مهما في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في أنحاء العالم وتملك معدات تحمل شعار الأمم المتحدة في مستودعاتها العسكرية.
من جانب آخر، أصدرت الإمارات العربية المتحدة الاثنين أحكاما بالسجن على 57 بنغلادشيا تظاهروا ضد حكومة بلادهم على أراضيها حيث التظاهر ممنوع، بحسب وكالة أنباء الأمارات الرسمية.
وأشارت الوكالة إلى صدور 3 أحكام بالسجن المؤبد و53 حكما بالسجن عشر سنوات وحكم واحد بالسجن 11 عاما بعد إدانة الموقوفين "لدعوتهم وتحريضهم على التظاهر بهدف الضغط على حكومة بلادهم" من الإمارات.
حصة "المقاتلين من أجل الحرية"
وفي ظل وجود حوالى 18 مليون شاب عاطل عن العمل في بنغلادش، وفق الأرقام الحكومية، أثارت إعادة فرض نظام الحصص حفيظة الخرّيجين الذين يواجهون أزمة توظيف حادة.
وقلّص قرار المحكمة العليا هذه الحصة من 56 في المئة من جميع الوظائف العامة إلى سبعة في المئة، سيخصص الجزء الأكبر منها لأبناء وأحفاد "المقاتلين من أجل الحرية".
وبينما ستُمنح 93% من الوظائف على أساس المؤهلات، إلا أن القرار لا يرقى إلى مطالب المحتجين بإلغاء فئة "المقاتلين من أجل الحرية" بأكملها.
ويفيد معارضون بأن الحصة استُخدمت لإبقاء الوظائف الحكومية لأنصار "رابطة عوامي"، حزب حسينة الحاكم.
تحكم حسينة (76 عاما) البلاد منذ العام 2009 وفازت في كانون الثاني (يناير) في رابع انتخابات على التوالي جرت في غياب أي معارضة حقيقية.
كما تتّهم مجموعات حقوقية حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لتعزيز قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر قتل ناشطي المعارضة خارج نطاق القضاء.