ترأس رئيس حكومة بنغلادش الجديد محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام الجمعة احتفالا تكريميا مهيبا لأبطال استقلال بلاده في مستهل تولّي حكومته الموقتة مهامها، بعد الانتفاضة التي قادها الطلاب وأجبرت رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة على الفرار.
بعد يوم من عودته من أوروبا وتأدية القسم "بدعم الدستور وصيانته"، بدأ يونس البالغ 84 عاما التحدي الصعب المتمثل في إعادة البلاد إلى المسار الديموقراطي.
فرت حسينة (76 عاماً) المتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان بما في ذلك سجن معارضيها السياسيين إلى الهند الاثنين بينما نزل الملايين إلى الشوارع في بنغلادش تعبيرا عن فرحهم بنهاية حكمها الذي استمر 15 عاماً.
أعلن الجيش استقالتها ووافق على مطلب الطلاب بأن يتولى يونس المعروف بعمله الرائد في مجال تمويل المشاريع الصغيرة قيادة الحكومة الموقتة.
وقال يونس الذي فضل الحصول على لقب "كبير المستشارين" على رأس إدارة موقتة تضم مستشارين مدنيين باستثناء عميد متقاعد، إنه يريد إجراء انتخابات "في غضون بضعة أشهر" من دون إعطاء تاريخ محدد.
أما مسؤولو رابطة عوامي التي تزعمتها حسينة فاختاروا التواري عن الأنظار بعد هجمات انتقامية استهدفتهم وإحراق بعض مكاتبهم، بينما بدأت حركات المعارضة السابقة مثل حزب بنغلادش الوطني تنظيم صفوفها بعد سنوات من القمع الساحق.
"يوم النصر"
لا شك في أن المهمة الملقاة على كاهل الإدارة الجديدة شاقة. ويتمثل التحدي الأول في استعادة النظام وهو ما دعا إليه الخبير الاقتصادي المخضرم بعد أسابيع من العنف الذي خلف ما لا يقل عن 455 قتيلاً، عندما طلب من مواطنيه حماية بعضهم بعضاً، ولا سيما توفير الحماية لأبناء الأقليات التي تعرضت لهجمات.
تحت المطر الغزير، وقف يونس بصمت الجمعة إلى جانب قادة الطلاب والمجتمع المدني في الحكومة "الاستشارية" الجديدة ووضع الجميع معًا إكليلًا من الزهور بألوان العلم الوطني الأحمر والأخضر عند النصب التذكاري المقام تخليدًا لذكرى الملايين الذين ماتوا في حرب استقلال بنغلادش عام 1971 ضد باكستان.
قال يونس لدى عودته الخميس إلى دكا إن إطاحة حسينة كانت لها الأهمية نفسها مثل الحرب التي قادت إلى قيام بنغلادش.
وأضاف لصحافيين: "لقد سطرت بنغلادش يوم نصر جديد. لقد حصلت بنغلادش على استقلال ثانٍ".
يرتبط العديد من مستشاري يونس على نحو ما بحزب بنغلادش الوطني بقيادة رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء البالغة 78 عامًا والتي أطلق سراحها بعد سنوات الإقامة الجبرية.
ومن بينهم كذلك قادة طلاب ضد التمييز الذين بدأوا الاحتجاجات.
كتب يونس في مجلة "الإيكونوميست" هذا الأسبوع أن بلاده في حاجة إلى جيل جديد من القادة "غير المهووسين بتصفية الحسابات، كما كانت العديد من حكوماتنا السابقة".
لكن نجل حسينة سجيب وازد جوي قال لصحيفة "تايمز أوف إنديا" إن والدته ما زالت تطمح إلى العودة. وقال: "ستعود إلى بنغلادش في اللحظة التي تقرر فيها الحكومة الموقتة إجراء انتخابات".
"القانون والنظام"
رفع هروب حسينة إلى الهند درجة الاستياء تجاه البلد المجاور الذي كان له دور عسكري حاسم في استقلال بنغلادش، لكنه قدم كل الدعم لحسينة أيضًا.
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي من بين أول من عبر عن "أطيب تمنياته" ليونس الخميس بعد لحظات من تأديته اليمين، قائلاً إن نيودلهي "ملتزمة" العمل مع جارتها.
وقالت باكستان، خصم الهند اللدود، الجمعة أيضًا إنها تأمل في أن تتمكن من تعزيز العلاقات مع دكا. وتمنى رئيس الوزراء شهباز شريف ليونس "نجاحًا كبيرًا في توجيه بنغلادش نحو مستقبل متناغم ومزدهر".
ورحبت الصين الجمعة أيضا بالحكومة الموقتة، ووعدت بالعمل معها "لتعزيز التبادل والتعاون".
وقالت فريدة أختر، مستشارة الحكومة الموقتة، لوكالة فرانس برس إن المجموعة ستزور أيضا نصباً تذكاريًا في دكا من حيث بدأت الاحتجاجات الطالبية الشهر الماضي.
وقالت: "سنقف هناك بوقار، لأن الحركة الطالبية بدأت من هناك". ثم أضافت مشيرة إلى المهمة الأولى للحكومة أن "القانون والنظام هما على رأس أولوياتنا".