النهار

تراجع نفوذ "الناتو الروسي" في آسيا الوسطى
المصدر: ا ف ب
يبدو أن نفوذ روسيا في آسيا الوسطى يتضاءل بشكل متزايد، حتى في وقت تجري موسكو سلسلة من التدريبات العسكرية مع حلفائها في المنطقة التي تعتبرها بمثابة ملعبها.
تراجع نفوذ "الناتو الروسي" في آسيا الوسطى
جنود من دول "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" يجرون مناورات عسكرية في شمال قرغيزستان (ا ف ب)
A+   A-
يبدو أن نفوذ روسيا في آسيا الوسطى يتضاءل بشكل متزايد، حتى في وقت تجري موسكو سلسلة من التدريبات العسكرية مع حلفائها في المنطقة التي تعتبرها بمثابة ملعبها.

وبينما ما زالت غارقة في حربها في أوكرانيا المتواصلة لعامها الثالث، تفقد روسيا بشكل واضح دورها التاريخي في كل من آسيا الوسطى والقوقاز.

ويسلّط مصير "منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، وهو تحالف عسكري لبلدان سوفياتية سابقة، الضوء على التحديات التي يواجهها الكرملين في وقت يسعى للمحافظة على هيمنته الجيوسياسية وتقدّمه في أنحاء أوراسيا.

وتشكّل التحالف الذي يلقّب بـ"الناتو الروسي" عام 1992 لملء الفراغ الأمني الذي خلّفه انهيار الاتحاد السوفياتي.

وقال المحلل الأرميني هاكوب باداليان لفرانس برس إن التكتل يعاني بعد مرور ثلاثة عقود من "مشاكل خطيرة تتعلّق بالتنافسية والاستمرارية".

وستقاطع يريفان المنظمة، رغم أنها بقيت عضوا رسميا فيها، إذ تتّهم منظمة معاهدة الأمن الجماعي وبالتالي موسكو، بالتخلي عنها في ظل النزاع مع أذربيجان.

ولا يعد هذا التحدي الأول المرتبط بالعضوية الذي تواجهه "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" التي تضم بيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان إضافة إلى روسيا وأرمينيا.

انسحبت منها باكو عام 1999 إلى جانب جارتها في القوقاز، جورجيا. تبعتهما أوزبكستان في 2012.

تجاهلت كل من أوزبكستان وتركمانستان الدعوات للانضمام مجددا إلى التحالف العام الماضي.

موارد أقل 
تتناقض الصعوبات التي تواجهها روسيا في أنحاء آسيا الوسطى والقوقاز مع نجاحاتها في إقامة تحالفات تتعمّق مع بلدان مثل الصين والهند وإيران وكوريا الشمالية وعدة بلدان إفريقية في ظل غزوها لأوكرانيا.

يرى باداليان بأن هذه التطورات مرتبطة ببعضها بعضا.

وقال: "في الحرب مع أوكرانيا، تملك روسيا موارد أقل بكثير لأداء دورها بالكامل كزعيمة عسكرية تقنية في منظمة معاهدة الأمن الجماعي".

وما زال أمام المنظمة دورا لتلعبه في المنطقة، وفق ما أفاد آخرون، رغم الشكوك حيال إمكانية تصرّفها كبديل روسي قوي للناتو.

وعلى سبيل المثال، تدخّل التحالف في كازاخستان عام 2022 عندما ساعدت قوات حفظ السلام، الروسية بمعظمها، في إخماد أعمال الشغب المناهضة للحكومة وإعادة الاستقرار إلى نظام قاسم جومارت توكاييف.

لعبت روسيا ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي دور ضامن الاستقرار للأنظمة الاستبدادية المتحالفة، وهو سيناريو يبدو تكراره مستحيلا الآن.

تحوّل دور منظمة معاهدة الأمن الجماعي بعد سيطرة قوات "طالبان" على أفغانستان عام 2021.

وبحسب نائب مدير المعهد الروسي لبلدان رابطة الدول المستقلة فلاديمير جاريخين، ساعدت المنظمة عبر "ضمان استقرار بلدان آسيا الوسطى المحاذية لأفغانستان" على مدى السنوات الثلاث الأخيرة.

وقال: "إن الفضل في عدم اندلاع أي نزاعات خطيرة مرتبطة بأفغانستان وبلدان آسيا الوسطى يعود إلى حد كبير إلى القواعد العسكرية الروسية في طاجيكستان وقرغيزستان".

تأمل موسكو وحليفتها المقرّبة مينسك بأن تظهر المناورات العسكرية التي أقيمت في قرغيزستان الأسبوع الماضي وتلك المرتقبة في كازاخستان الأسبوع المقبل بأن التحالف ما زال يحمل أهمية جيوسياسية.

وقال المسؤول البيلاروسي غينادي ليبيشكو في بلدة باليكتشي القرغيزية حيث أقيمت مناورات الأسبوع الماضي: "نظهر عبر إجراء هذه المناورات للمجتمع الدولي وجميع أعدائنا بأننا على استعداد لمواجهة أي تهديد".

لكن التحالف يبدو منقسما حتى على تعريف "الأعداء".

وبينما ترى روسيا في الغرب تهديدا وجوديا، تعزز بلدان آسيا الوسطى وأرمينيا علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا.

وباستثناء بيلاروسيا، لم تدعم أي من هذه الدول الحرب الروسية على أوكرانيا.

وحتى مينسك المعتمدة ماليا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا على موسكو، لا تعترف بمطالبات روسيا بالأراضي في شرق أوكرانيا.

"صداقة بلا حدود" 
تعي البلدان الغربية جيّدا احتمالات الانفتاح الجيوسياسي في المنطقة.

وزار المستشار الألماني أولاف شولتس هذا العام آسيا الوسطى حيث حضّته البلدان المضيفة له على الاستثمار في البنى التحتية المرتبطة بالطاقة والنقل لربط المنطقة بأوروبا، لتجاوز روسيا.

وفي تموز (يوليو)، نظّمت بلدان آسيا الوسطى أول مناورات عسكرية مشتركة لها في غياب موسكو، بينما استضافت أرمينيا مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة.

وتسعى أطراف أخرى، غير الغرب، للتودد إلى دول المنطقة بما في ذلك عسكريا.

استضافت كازاخستان قوات خاصة من باكستان وقطر وتركيا في مناورات أقيمت في أيلول (سبتمبر) تحت شعار "صداقة بلا حدود".

توسّع الصين نفوذها الأمني في آسيا الوسطى، سواء عبر الاتفاقيات الثنائية أو تكتلها الإقليمي الخاص بها: منظمة شنغهاي للتعاون.

وبالاعتماد على العلاقات الثقافية مع بلدان أخرى ناطقة بالتركية، كثّفت أنقرة أيضا إمدادات الأسلحة.

لكن يستبعد بأن يقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكل بساطة بتراجع نفوذ بلاده في منطقة هيمنت عليها لعقود.

وقال في حزيران (يونيو): "حان الوقت لبدء نقاش واسع بشأن نظام جديد للأمن الجماعي في أوراسيا".
الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/23/2024 7:37:00 AM
أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" عن مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني
سياسة 11/23/2024 9:48:00 AM
إسرائيل هاجمت فجر اليوم في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس قسم العمليات في "حزب الله"، محمد حيدر

اقرأ في النهار Premium