أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ اليوم الخميس أن "علاقاتنا مع روسيا تجاوزت الصعوبات ودخلنا مرحلة جديدة في تعميق العلاقات".
وأضاف، خلال استقباله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "الصين وروسيا تدافعان عن السلام والنظام العالمي والدور المركزي للأمم المتحدة. إن بعض أشكال الحرب الباردة لا تزال موجودة وهناك من يعمل على تهديد أمن دول العالم".
وتابع: "الصين وروسيا متمسكّتان بعدم الانضمام إلى التحالفات والعداوات".
وقال: "نعمل على بناء علاقات على أساس المنفعة المتبادلة مع روسيا، ومن الضروري الاستمرار في التعاون معها في قطاعات التجارة والتعليم".
وعن أوكرانيا، لفت شي إلى أن موسكو وبكين تدعوان إلى "حل سياسي". وفي حين شدّد على أن "موقف الصين من هذه المسألة كان واضحاً على الدوام"، مضيفا "تأمل الصين في أن يتم إحلال السلام والاستقرار سريعاً في القارة الأوروبية، وستواصل أداء دور بنّاء لهذه الغاية".
في الموازاة، شدّد الرئيس الصيني على أن لا بديل لتسوية القضية الفلسطينية إلا على أساس قرارات الأمم المتحدة.
بدوره، جدّد الرئيس الروسي التأكيد أن "تعميق العلاقات مع الصين لا يهدف لتهديد أي طرف ثالث"، وقال: "القمّة مع شي أظهرت أهمية العلاقات مع الصين وضرورة تطويرها".
وأردف: "الصين أهم شريك تجاري مع روسيا وحجم التبادل سيرتفع إلى رقم قياسي، إن 90% من حجم التبادل التجاري يتم بالعملتين الوطنيتين، ووسّعنا التعاون في مجالات عدّة منها الاقتصاد والنقل والفضاء".
وقال: "نسعى لتأسيس عالم أكثر عدالة ومساواة يعتمد على الدور المركزي للأمم المتحدة ومجلس الأمن والقانون الدولي".
في السياق، رحّب بوتين بمبادرة الصين لتسوية الأزمة في أوكرانيا، وقال للصحافيين: "نحن ممتنون لأصدقائنا ونظرائنا الصينيين للمبادرات التي يعرضونها لحل هذه المشكلة". وتدعو بكين التي لم تندّد يوماً بالغزو الروسي، إلى احترام سلامة أراضي كل الدول بما يشمل أوكرانيا ضمنا، مع دعوتها في آن، إلى أخذ مخاوف حليفتها روسيا بالحسبان.
واعتبر بوتين أنّ أيّ تحالف سياسي وعسكري "مغلق" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ "مضر"، في وقت تتعاون الولايات المتحدة مع أستراليا والممكلة المتحدة لمواجهة النفوذ الصيني في تلك المنطقة.
وقال بوتين في المؤتمر الصحافي مع نظيره الصيني خلال اليوم الأول من زيارة دولة يقوم بها، "لا يوجد مكان لتحالفات عسكرية سياسية مغلقة. نعتبر أنّه من المضر للغاية إنشاء مثل هذه التحالفات ويؤدي إلى نتائج عكسية".
"عامل استقرار"
وكان جينبينغ قد أكّد لنظيره الروسي فلاديمير بوتين أن العلاقة بين بكين وموسكو "مواتية للسلام" معرباً عن استعداده لتعميق الروابط بين البلدين، على ما أعلنت وزارة الخارجية الصينية.
وأضافت الوزارة أن شي قال إن "العلاقات بين الصين وروسيا لا تصب في مصلحة البلدين الكبرى فحسب، بل هي مواتية للسلام أيضاً"، مؤكّداً استعداده لتعزيز هذه الروابط.
ونقلت وسائل إعلام رسمية صينية عن الرئيس الصيني قوله للرئيس الروسي إن الوصول بالعلاقات الصينية الروسية لما هي عليه اليوم لم يكن أمراً سهلاً ومن ثم فإنّه يتعيّن على الجانبين الحرص عليها.
ونقل التلفزيون الرسمي عن شي قوله إن الصين ستظل دوماً صديقة لروسيا وشريكاً جيّداً تجمعهما الثقة المتبادلة. وأضاف "الصين مستعدّة... لتنمية ونهضة بلدينا، والعمل معاً لدعم النزاهة والعدالة في العالم".
بدوره، أشاد الرئيس الروسي بالتعاون بين البلدين في كافة القطاعات خصوصاً التجارية والعلمية، وقال: "من الأهمية بمكان أن العلاقات بين روسيا والصين ليست انتهازية وليست موجّهة ضد أي أحد. وتعاوننا في الشؤون العالمية اليوم هو أحد عوامل الاستقرار الرئيسية على الساحة الدولية".
وأضاف: "العلاقات الثنائية بين البلدين تحمل طابعاً استراتيجياً وأصبحت نموذجاً لدول العالم".
ووقّع الرئيسان الصيني والروسي وثائق بشأن تعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
التقى الزعيم الصيني الرئيس الروسي في بكين الخميس، وفق ما أفاد التلفزيون الرسمي الصيني.
وأظهرت لقطات بثّتها شبكة التلفزيون الصيني المركزي "سي سي تي في" الرئيس الصيني وهو يستقبل بوتين بحفاوة خارج قاعة الشعب الكبرى بوسط بكين.
وصل بوتين إلى بكين في ساعة مبكرة من صباح اليوم لإجراء محادثات يأمل الكرملين أن تؤدّي إلى تعميق الشراكة الاستراتيجية بين أقوى خصمين جيوسياسيين للولايات المتحدة.
"الصين صامدة"
بدوره، شدّد المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف على أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى تحاول الضغط على الصين للحد من تعاونها مع روسيا لكن بكين قوية بما يكفي لمقاومة تلك الضغوط.
وصرح بيسكوف لصحيفة "إزفستيا": "هناك محاولات من الولايات المتحدة ودول أخرى للضغط على الصين بوقاحة تامة من أجل الحد من التعاون مع روسيا".
وأضاف "لكن الصينيين أقوياء بما يكفي لمقاومة ذلك".
وأعلنت الصين وروسيا شراكة "بلا حدود" في شباط (فبراير) 2022 عندما زار بوتين بكين قبل أيام فقط من إرسال عشرات الآلاف من القوّات إلى أوكرانيا ما أدّى لاندلاع أعنف حرب برّية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وباختياره للصين لتكون أول وجهة خارجية له بعد أدائه اليمين لفترة رئاسية جديدة من ست سنوات ستبقيه في السلطة حتى عام 2030 على الأقل، يرسل بوتين رسالة للعالم يؤكّد فيها أولويّاته وعمق علاقته الشخصية مع الرئيس الصيني.
وأشاد بوتين في مقابلة مع وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) بشي لدوره في بناء "شراكة استراتيجية" مع روسيا قائمة على رعاية المصالح الوطنية والثقة المتبادلة العميقة.
وقال "إن المستوى العالي غير المسبوق للشراكة الاستراتيجية بين بلدينا هو الذي أوقع اختياري على الصين كأول دولة أزورها بعد تولي منصبي رسمياً كرئيس لروسيا الاتحادية".
وأضاف "سنسعى لوضع الأساس لتعاون أوثق في مجال الصناعة والتكنولوجيا المتقدّمة والفضاء والطاقة النووية السلمية والذكاء الاصطناعي ومصادر الطاقة المتجدّدة وغيرها من القطاعات المتطورة".
وسيشارك بوتين (71 عاماً) وشي (70 عاماً) في أمسية احتفالية بمناسبة مرور 75 عاماً على اعتراف الاتحاد السوفيتي بجمهورية الصين الشعبية التي أعلنها ماو تسي تونغ عام 1949.