أبدت حكومة تايوان اليوم الأحد أسفاً شديداً حيال تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الصيني خلال قمّة حوار "شانغري-لا" في سنغافورة، والتي وصفتها بأنها "استفزازية وغير عقلانية".
وقال مجلس شؤون البر الرئيسي الصيني في تايوان في بيان إن الصين هدّدت الجزيرة مراراً باستخدام القوة خلال فعاليات دولية.
وأكّد مجدّداً أن جمهورية الصين الشعبية لم تحكم الجزيرة مطلقا.
وقال مكتب الرئاسة التايواني إن الصين شوهّت موقف حكومة الجزيرة أمام الاجتماع، الذي لم يُسمح لتايوان بإرسال ممثلين إليه.
وأضاف المكتب في بيان "الصين تفتقر إلى الثقة اللازمة للدخول في حوار مع حكومة تايوان، وتصريحاتها غير العقلانية لا يمكن أن تحظى باعتراف دولي".
التحذير الصيني
وحذّر وزير الدفاع الصيني دونغ جون الأحد من أن جيشه مستعد لمنع استقلال تايوان "بالقوّة" لكنّه دعا في الوقت نفسه إلى مزيد من التبادلات مع الولايات المتحدة.
وجاءت هذه التصريحات في المنتدى الأمني السنوي في سنغافورة في أعقاب أول محادثات جوهرية وجها لوجه منذ 18 شهراً بين وزيري دفاع الصين والولايات المتحدة.
وقال دونغ في حوار شانغريلا حيث التقى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الجمعة "كنا دائماً منفتحين على التبادلات والتعاون لكن هذا يتطلّب أن يلتقي الجانبان في منتصف الطريق".
وأضاف "نعتقد أنّنا بحاجة إلى مزيد من التبادلات تحديداً لأن هناك خلافات بين جيشينا".
والتقى دونغ وأوستن لأكثر من ساعة في الفندق الفخم الذي يستضيف المنتدى الذي يحضره مسؤولون دفاعيون من كل أنحاء العالم وأصبح في السنوات الأخيرة مقياساً للعلاقات الأميركية الصينية.
بعد الاجتماع قال أوستن إن المحادثات الهاتفية بين القادة العسكريين الأميركيين والصينيين ستستأنف "في الأشهر المقبلة"، في حين أشادت بكين بـ"استقرار" العلاقات الأمنية بين البلدين.
ويُعقد منتدى شانغريلا هذا العام بعد أسبوع على مناورات عسكرية كبيرة نفّذتها الصين وفرضت خلالها سفن حربية وطائرات مقاتلة صينية طوقاً حول تايوان التي تُطالب بكين بالسيادة عليها. وحذّرت بكين من نشوب حرب بسبب الجزيرة المدعومة من الولايات المتحدة عقب تنصيب الرئيس لاي تشينغ-تي الذي وصفته بكين بأنّه "انفصالي خطير".
ولفت دونغ في منتدى حوار شانغريلا إلى أن "جيش التحرير الشعبي الصيني كان دائماً قوة كبيرة وصلبة في الدفاع عن توحيد الوطن الأم، وسيتحرّك بحزم وقوة في كل حين لمنع استقلال تايوان وضمان عدم نجاحها أبداً في محاولاتها".
وأضاف "كل من يجرؤ على فصل تايوان عن الصين سيسحق إلى أشلاء ويتسبب بتدمير نفسه".
وشدّد على أن تايوان هي "جوهر القضايا الأساسية" بالنسبة للصين، ولكن الحزب "التقدّمي الديموقراطي" الحاكم في تايوان يسعى بشكل تدريجي إلى الانفصالية ويميل إلى محو الهوية الصينية.
وتابع "أدلى هؤلاء الانفصاليون مؤخّراً بتصريحات متعصّبة تُظهر خيانتهم للأمّة الصينية ولأسلافهم. وسيتم تسميره على عمود العار في التاريخ".
وأضاف "تظل الصين ملتزمة بإعادة التوحيد السلمي لكن هذا الاحتمال يتآكل على نحو متزايد من الانفصاليين المؤيدين لاستقلال تايوان ومن القوى الأجنبية".
وفي ما يتعلّق ببحر الصين الجنوبي الذي تطالب الصين بالسيادة عليه بالكامل تقريباً وحيث تخوض مواجهات مع سفن فيليبينية، حذّر دونغ من أن لضبط النفس الذي تمارسه بكين "حدوداً".
وقال دونغ إن "الصين حافظت على ما يكفي من ضبط النفس في مواجهة انتهاكات الحقوق والاستفزازات، لكن هناك حدوداً لذلك".
واستخدمت سفن عسكرية صينية مدافع مياه ضد قوارب فيليبينية مرّات عدّة في المياه المتنازع عليها. ووقعت اصطدامات بين سفن أسفرت عن إصابة عدد من العسكريين الفيليبينيين.
تصاعد التوتّرات
تكثّف الولايات المتحدة والصين الاتّصالات لتخفيف الاحتكاكات بين الخصمين المسلّحين نووياً، وزار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بكين وشنغهاي الشهر الماضي.
وكان التركيز الرئيسي على استئناف الحوار العسكري الذي ينظر إليه على أنه حاسم لمنع خروج النزاعات الساخنة عن السيطرة.
وألغت الصين الاتّصالات العسكرية مع الولايات المتحدة عام 2022 ردّاً على زيارة لتايوان أجرتها رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي.
وتصاعدت التوتّرات بين واشنطن وبكين بسبب قضايا، بينها منطاد صيني يُشتبه بأنّه للتجسّس أسقِط فوق المجال الجوي الأميركي، واجتماع رئيسة تايوان آنذاك تساي إنغ-وين مع خليفة بيلوسي كيفن مكارثي، والمساعدات العسكرية الأميركية لتايبيه.
وتشعر الصين أيضاً بغضب حيال تعميق العلاقات الدفاعية للولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خصوصا مع الفيليبين، ونشرها المنتظم لسفن حربية وطائرات مقاتلة في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وتنظر بكين إلى ذلك على أنّه جزء من جهود أميركية مستمرّة منذ عقود لاحتوائها.
ومن المقرّر أن يتحدّث في المنتدى صباح الأحد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي وصل إلى سنغافورة السبت، على أن يعقد اجتماعات مع عدد من المسؤولين بمن فيهم وزير الدفاع الأميركي.