يعود الصراع بين الصين وتايوان إلى عشرات السنوات، حيث ترى بكين تايوان مقاطعة منشقة سيعاد ضمها إلى البر الصيني في نهاية المطاف، فيما يختلف الكثير من التايوانيين مع وجهة نظر بكين، إذ إنهم يرون أن لديهم أمة منفصلة، سواء تم إعلان استقلالها رسميا أم لا.
ووسط ذلك تستمر التوترات بين البلدين عبر المناورات العسكرية أو التصريحات والتهديدات، وتعيش تايوان مخاوف مستمرة من غزو صيني محتمل لها، لكن مؤسسة بحثية بارزة حذرت من أن الصين قد تستولي على تايوان من دون غزوها.
فقد حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن من أن الجيش الصيني قد يعزل تايوان، ويشل اقتصادها، ويجعل الجزيرة تستسلم لإرادة الحزب الشيوعي الحاكم في بكين من دون إطلاق رصاصة واحدة، وفق تقرير نشرته شبكة "سي إن إن".
وباستخدام تكتيكات "المنطقة الرمادية" وهي إجراءات أقل بقليل مما يمكن اعتباره أعمال حرب، يمكن لخفر السواحل الصيني وما يسمى بالميليشيا البحرية ومختلف وكالات الشرطة والسلامة البحرية البدء في فرض حجر كامل أو جزئي على تايوان، وربما قطع الوصول إليها.
فيما ذكر تقرير صدر حديثاً عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن جزيرة سيتشوان قد أغلقت موانئها ووقف الإمدادات الحيوية مثل الطاقة من الوصول إلى سكان الجزيرة البالغ عددهم 23 مليون نسمة.
وأفاد التقرير بأن المكونات البحرية والجوية والبرية لجيش التحرير الشعبي، أكبر قوة عسكرية في العالم، قد تلعب أدواراً مساعدة ومساندة فقط.
كما أوضح أن الصين زادت بشكل كبير من ضغوطها على تايوان في السنوات الأخيرة، مما أثار المخاوف من أن التوترات قد تتحول إلى صراع صريح.
وتم إيلاء الكثير من الاهتمام للتهديد بالغزو، مشيراً إلى أن لدى بكين خيارات إلى جانب الغزو لإكراه تايوان أو معاقبتها أو ضمها.
لكن تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يقول إن بكين لديها خيارات قوية لا يمكنها فقط إبقاء جيش التحرير الشعبي خارج القتال، بل يمكنها في الواقع وضع ديموقراطية الجزيرة أو مؤيديها مثل الولايات المتحدة في دور البادئين بالصراع العسكري للحفاظ على الحكم الذاتي لتايوان.
وأشار إلى أن خفر السواحل الصيني مثل معظم خفر السواحل حول العالم يعتبر وكالة لإنفاذ القانون، وهذا يعني أنها تستطيع إيقاف وتنظيم الشحن حول الجزيرة فيما يسمى بالحجر، وهو يختلف عن الحصار.
كذلك قال إن "الحجر هو عملية يقودها إنفاذ القانون للسيطرة على الحركة البحرية أو الجوية داخل منطقة معينة، في حين أن الحصار هو في المقام الأول ذو طبيعة عسكرية".
وأضاف أن "الحجر الذي يقوده خفر السواحل الصيني ليس إعلان حرب ضد تايوان"، ومن شأنه أن يضع الولايات المتحدة في موقف صعب.
فيما يقدر التقرير أعداد خفر السواحل الصيني بنحو 150 سفينة عابرة للمحيطات، و400 سفينة أصغر، مثل البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، وهي أكبر قوة في العالم من حيث حجم الأسطول.
وتمتلك بكين مئات السفن الإضافية في وكالة السلامة البحرية والميليشيا البحرية، وقوارب الصيد المدمجة في الجيش الصيني وخدمات إنفاذ القانون.
في المقابل، فإن خفر السواحل التايواني، الذي لديه 10 سفن فقط عابرة للمحيطات، ونحو 160 سفينة أصغر، يفتقر إلى العدد اللازم لرد جهود الحجر الصحي.
وإجراءات الحجر التي اتخذتها بكين يمكن أن تكون محدودة للغاية ولا يزال لها تأثير على خنق تايوان اقتصاديا. وقد يرغب عدد قليل من المشغلين في مواجهة احتمال مصادرة السلطات الصينية لأصولهم وقد يتوقفون طوعا عن خدمة الجزيرة، وفق التقرير.
كذلك لفت إلى أن إجراءات البحث و/أو المصادرة المحدودة لها تأثير على الرحلات الجوية إلى تايوان، حيث يمكن بسهولة تمديد الحجر الصحي ليشمل الهواء.
وذكر أن عددا قليلا فقط من الرحلات الجوية ستحتاج إلى تحذير من الطائرات الصينية ليكون لها تأثير خانق على حركة المرور بأكملها.
في الوقت نفسه، فإن الحجر، وليس الحصار، لن يتطلب من الصين إغلاق أو تقييد الوصول إلى مضيق تايوان، حسبما يشير تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وهذا يعني أن واشنطن وحلفاءها قد يخسرون أحد أكبر مطالباتهم بالتدخل بموجب القانون الدولي، والحفاظ على حرية الملاحة في ممر مائي دولي.
يذكر أن تكتيكات المنطقة الرمادية المتصاعدة للصين ظهرت بشكل صارخ هذا الأسبوع عندما اشتبكت سفن خفر السواحل الصينية مع قوارب البحرية الفيليبينية في بحر الصين الجنوبي.
وأظهرت مقاطع فيديو قوات بكين تهدد الفيليبينيين بفأس وأسلحة بيضاء أخرى، وقالت مانيلا إن أحد جنودها فقد إبهامه في حادث تصادم بتحريض من الصين.
فيما كان مستوى العنف خطوة كبيرة مقارنة بالاشتباكات السابقة بالقرب من سكند توماس شول، حيث تحتفظ الفيليبين بموقع على سفينة حربية على الشاطئ في المياه التي تطالب بها كل من بكين ومانيلا.
وعلى نحو مماثل، أصبح التخويف العسكري والاقتصادي الذي تمارسه بكين ضد تايوان، وهي اقتصاد السوق الحرة المتطور للغاية، أكثر وضوحا في عهد شي.
ويدعي الحزب الشيوعي الحاكم في الصين أن الجزيرة تابعة له، على الرغم من أنه لم يسيطر عليها قط، وتعهد "بإعادة التوحيد" معها، بالقوة إذا لزم الأمر.