تعقد الصين اجتماعا سياسيا رئيسيا في تموز (يوليو) من المتوقع أن يعكس إشارات حول التوجه الاقتصادي للبلاد، وفق ما أفادت وسائل إعلام رسمية الخميس، بينما يسعى صنّاع السياسات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم لدعم التعافي المتعثر.
ورغم مرور أكثر من 18 شهرا على رفع القيود التي فرضتها السلطات لمكافحة وباء كوفيد، بدا أن التعافي الاقتصادي الكامل لا يزال بعيدا، ما أرسل موجات من القلق بين القادة والمواطنين.
وستعقد الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني التي كانت مقررة الخريف الماضي، في الفترة من 15 إلى 18 تموز (يوليو)، على أمل أن تبدد أجواء عدم اليقين وتكشف تفاصيل استراتيجية بكين المستقبلية.
وقالت وكالة أنباء "شينخوا" إن الاجتماع "سيبحث في المقام الأول القضايا المتعلقة بمواصلة تعميق الإصلاح بشكل شامل ودفع التحديث الصيني".
وكانت السلطات واضحة في رغبتها في إعادة توجيه الاقتصاد بعيدا عن الاستثمار الممول من الدولة، والاستعاضة عن ذلك بقاعدة نمو تتركز حول الابتكار في مجال التكنولوجيا الفائقة والاستهلاك المحلي.
ومع ذلك، فإن حالة عدم اليقين الاقتصادي أبقت الاستهلاك منخفضا بشكل كبير.
وتقاوم حكومة الرئيس شي جينبينغ حتى الآن أي تحفيز كبير، وقد حذّر رئيس البنك المركزي الصيني الأسبوع الماضي من أن هذا الأمر ليس مطروحا.
وقال رئيس البنك إن الاقتصاد لا يزال يواجه العديد من التحديات، لكن السلطات ستمارس الاعتدال.
العين على الاصلاحات
وذكرت وكالة "شينخوا" أن الاجتماع الحكومي الذي تم فيه تحديد موعد الجلسة الكاملة الثالثة شدد على ضرورة ضمان أن الإصلاح "يعتمد على الشعب والشعب يتقاسم ثمار الإصلاح".
ومن بين القضايا الأكثر إلحاحا التي تواجه الاقتصاد الصيني أزمة قطاع العقارات الذي كان لفترة طويلة بمثابة المحرك الرئيسي للنمو الوطني، ولكنه الآن غارق في الديون والعديد من الشركات الصينية الكبرى تواجه شبح التصفية.
وتحركت السلطات في الأشهر الأخيرة لتخفيف الضغط على المطورين العقاريين واستعادة الثقة، مثل تشجيع الحكومات المحلية على شراء العقارات غير المباعة.
وقد تشهد الجلسة الكاملة الثالثة عرض سياسات مثل "برنامج أكثر تنسيقا لتدمير المساكن لاحتواء الآثار السلبية غير المباشرة على العقارات"، على قول يفان هوو من إدارة الثروات العالمية في مصرف "يو بي اس".
وكتب هوو في تقرير أن التحركات الأخرى قد تشمل "إصلاحات مالية/ضريبية لاحتواء مخاطر ديون الحكومات المحلية، ومزيدا من الدعم للصناعات الناشئة".
وكانت هناك بعض الإشارات الاقتصادية الإيجابية في الآونة الأخيرة، اذ قام صندوق النقد الدولي الشهر الماضي بمراجعة توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني لعام 2024 صعودا إلى 5%، بما يتماشى مع الهدف الرسمي لبكين.
ولكن لا تزال هناك عقبات كبيرة، كما أن التوتر الجيوسياسي آخذ في التصاعد.
توترات تجارية
والخميس ردت بكين على تصريحات لمسؤولين كنديين تشير إلى أنهم قد يصبحون أحدث دولة غربية تفرض رسوما إضافية على السيارات الكهربائية والبطاريات الصينية.
وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية هي يادونغ: "يجب على كندا احترام الحقائق والالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية وخلق بيئة سوق عادلة وغير تمييزية ويمكن التنبؤ بها من أجل التنمية المشتركة لصناعة السيارات الكهربائية الصينية الكندية".
ويستعد الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية جديدة تصل إلى 38% على السيارات الكهربائية الصينية بحلول 4 تموز، وهو ما نددت به بكين ووصفته بأنه "حمائي بحت".
ويؤكد الاتحاد الأوروبي أن الدعم الحكومي الكبير في الصين أدى إلى منافسة غير عادلة في الأسواق المحلية، وهو ما نفته بكين.
ورفعت الولايات المتحدة الشهر الماضي الرسوم الجمركية على واردات بقيمة 18 مليار دولار من الصين الشهر الماضي، مستهدفة قطاعات استراتيجية مثل السيارات الكهربائية والبطاريات والصلب والمعادن المهمة، وهي خطوة حذرت بكين من أنها "ستؤثر بشدة" على العلاقات بين القوتين العظميين.
ودعا رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ الدول إلى "معارضة الانفصال" في مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي هذا الأسبوع.
ومع ذلك، يقول محللون إن الصين ستحتاج في النهاية إلى تقليل اعتمادها على الأسواق الدولية لضمان الانتعاش الكامل.
وكتب أندرو باتسون ووي هي من غافيكال دراغونوميكس هذا الأسبوع: "لكي تواصل الصين تقدمها، فإنها تحتاج إلى تعزيز قدراتها التكنولوجية والابتكارية والتغلب على القيود التي تفرضها الدول الغربية".
أضاف: "هذا يتطلب من الحكومة ألا تسعى ببساطة إلى تحقيق النمو على المدى القصير، بل توجيه تخصيص الموارد لتحقيق أهداف السياسة الخاصة بالتحديث الصناعي والابتكار التكنولوجي".