انضم ثلاثة قضاة سابقين بالمحكمة العليا إلى أكثر من 600 من المشتغلين بالقانون في بريطانيا في مطالبة الحكومة بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، معتبرين أن ذلك قد يجعل بلادهم متواطئة في إبادة جماعية بقطاع غزة.
وفي دعوات مماثلة لما صدر عن عدد متزايد من السياسيين المعارضين لوقف مبيعات الأسلحة البريطانية، انضم القضاة الثلاثة إلى محامين وقضاة سابقين وأكاديميين في مجال القانون في حث رئيس الوزراء ريشي سوناك على تغيير السياسة.
ويواجه سوناك ضغوطاً سياسية متزايدة بعد مقتل سبعة من العاملين في مجال الإغاثة، من بينهم ثلاثة بريطانيين، في ضربة جوية إسرائيلية في القطاع المحاصر هذا الأسبوع.
وحظيت مطالبتهم بدعم اثنين من كبار خبراء المخابرات في البلاد، قالا إن على بريطانيا استخدام أي نفوذ ممكن لإقناع إسرائيل ولإقناع أكبر داعميها وهي الولايات المتحدة بتغيير المسار في الصراع.
والحكومة البريطانية حليف قوي لإسرائيل منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، لكن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون شدد لهجته في الأشهر الأخيرة بشأن الوضع الإنساني في غزة.
وقال كاميرون يوم الثامن من آذار (مارس) إن على إسرائيل أن تمتثل للقانون الإنساني الدولي ليتسنى لبريطانيا منح تراخيص تصدير تسمح ببيع الأسلحة لها، وإن تقييما يجري بهذا الشأن ومن المقرر التوصل لقرار في "الأيام المقبلة".
ولم تصدر مزيد من التحديثات بشأن التقييم، لكن أعضاء بارزين في العمل القانوني في بريطانيا قالوا إن على الحكومة وقف المبيعات الآن لتجنب "المساعدة والمعاونة في عمل غير قانوني دوليا".
وقال القضاة والمحامون في رسالة مؤلفة من 17 صفحة "تقديم المساعدة العسكرية والمواد لإسرائيل قد يجعل المملكة المتحدة متواطئة في إبادة جماعية وكذلك الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي".
وأضافت الرسالة: "يعترف القانون الدولي العرفي بمفهوم العون والمساعدة في تحرّك دولي غير مشروع".
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما قيل عن ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة بأنه "فظيع" وشدّد على أن إسرائيل لديها "التزام راسخ بالقانون الدولي".
مقاومة الضغط
قاوم سوناك الدعوات لوقف فوري لمبيعات الأسلحة قائلا إن البلاد لديها "نظام ترخيص دقيق للغاية" وستواصل الالتزام به.
لكن مقتل سبعة من موظفي الإغاثة، من بينهم ثلاثة بريطانيين، في ضربة جوية إسرائيلية هذا الأسبوع زاد من الضغط. وقالت إسرائيل إنهم قُتلوا عن طريق الخطأ.
وتبيع بريطانيا عبوات ناسفة وبنادق هجومية وطائرات عسكرية لإسرائيل لكنها مورد صغير نسبيا حيث شكلت الصادرات لإسرائيل حوالي 0.4 في المئة من إجمالي مبيعات الدفاع العالمية لبريطانيا في 2022 وهو أحدث عام أتيحت فيه تلك البيانات كاملة.
وقال اثنان من كبار الشخصيات في مجتمع المخابرات البريطاني، وهما مستشار الأمن القومي السابق بيتر ريكيتس والرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطانية (إم آي 6) أليكس يونغر، إنه يجب استخدام هذه المبيعات كوسيلة ضغط.
وقال ريكيتس إن هناك "أدلة كثيرة الآن" على أن إسرائيل لا تمتثل للقانون الإنساني الدولي وإن الحظر سيبعث رسالة يمكن أن تثير جدلا في واشنطن.
وقال يونغر لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن بريطانيا بحاجة إلى "كسب نفوذ وخلق حوافز لمزيد من التركيز على قضية ما نطلق عليه تقنيا الأضرار الجانبية، لكننا نسميه قتل المدنيين الأبرياء".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قالت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم أليسيا كيرنز إن محامي وزراء أبلغوهم أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي في حربها في غزة.
ولم ترد وزارة الخارجية على طلب للتعليق.
وحظرت الحكومة في الماضي مبيعات لإسرائيل، مثلما حدث في عام 2009 عندما ألغت بعض التراخيص وفي عام 1982 عندما كانت هناك قيود رسمية على مبيعات الأسلحة بعد غزو لبنان.
وقال أحد القضاة السابقين جوناثان سامبشن لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنّه يشعر بالقلق من أن الحكومة البريطانية فقدت بوصلتها في ما يتعلق بضرورة منع الإبادة الجماعية.
وأشار المحامون في رسالتهم إلى حقيقة أن محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل في كانون الثاني (يناير) بالامتناع عن أي أعمال يمكن أن تندرج ضمن معاهدة منع الإبادة الجماعية وإلى المخاوف المتزايدة من المجاعة في القطاع.