أعرب الاتحاد الأوروبي الثلثاء عن "قلقه" إزاء موجة التوقيفات الأخيرة في تونس التي شملت شخصيّات عدّة من المجتمع المدني وأكّد أن حرّية التعبير واستقلالية القضاء يشكّلان "أساس" شراكته مع تونس.
وقالت المتحدّثة باسم الدائرة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي نبيلة مصرالي إن "وفد الاتحاد الأوروبي طلب محلّياً توضيحات من السلطات التونسية بشأن أسباب هذه التوقيفات".
وأضافت "يكفل الدستور التونسي حرّيات التعبير والتجمّع بالإضافة إلى استقلالية القضاء، ما يشكّل أساس شراكتنا" مع تونس.
وكانت السلطات القضائية التونسية أصدرت الأحد مذكرة توقيف بحقّ مقدّم برامج ومعلق سياسي إثر تعليقات انتقدا فيها الوضع العام في البلاد، وذلك غداة توقيف طال محامية هي أيضاً كاتبة، على خلفية اتّهامات مماثلة.
بدورها، أعربت فرنسا عن "قلقها" بعد توقيف المحامية والكاتبة سونيا الدهماني في تونس بتهمة نشر "معلومات كاذبة بهدف الإضرار بالسلامة العامّة" وفق وسائل إعلام تونسية.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان إن التوقيف جاء "في سياق عمليات توقيف أخرى لاسيما بحق صحافيين وأعضاء جمعيات".
وأضاف "إن حرية التعبير وحرّية تكوين الجمعيات، مثلها مثل استقلالية القضاء، هي مبادئ يكفلها الدستور التونسي وكذلك اتّفاقيات الأمم المتحدة التي انضمّت إليها تونس كما فرنسا".
مساء السبت، أوقفت بالقوة المحامية والكاتبة سونيا الدهماني في مقرّ نقابة المحامين في تونس العاصمة، حيث لجأت بعد استدعائها أمام المحكمة بسبب تصريحات أدلت بها على التلفزيون.
كانت الدهماني تساءلت بسخرية خلال برنامج بُثّ في السابع من أيار (مايو)، "ما هو البلد الاستثنائي الذي نتحدّث عنه؟"، وذلك رداً على كاتب صحافي آخر قال إنّ المهاجرين الذين يأتون من بلدان في إفريقيا جنوب الصحراء، يسعون للاستقرار في تونس.
والسبت، دخل عناصر شرطة ملثّمون بملابس مدنية مقرّ نقابة المحامين في تونس وهاجموا محامين وصحافيين قبل أن يقوموا بتوقيف المحامية سونيا الدهماني، وفقاً لمقاطع فيديو وشهود.
وقال محامو الدهماني إنّها تخضع لتحقيق، خصوصاً بتهمة نشر "معلومات كاذبة بهدف الإضرار بالسلامة العامّة... والتحريض على خطاب الكراهية"، بناء على المرسوم 54.
ويعاقب هذا المرسوم الذي أصدره الرئيس قيس سعيد في أيلول (سبتمبر) 2022، "بالسجن مدّة خمسة أعوام" وغرامة تصل الى خمسين ألف دينار "لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".
وتوجّه منظّمات حقوقية تونسية ودولية انتقادات شديدة لنظام قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ صيف العام 2021 وقد غيّر الدستور، مؤكدة أنه "يقمع الحريّات في البلاد".
غير أن الرئيس التونسي يكرّر أن "الحريّات مضمونة" في تونس.
وفي 13 أيلول (سبتمبر) 2022، أصدر سعيّد مرسوماً عُرف بـ"المرسوم 54"، ينصّ على "عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام" وغرامة تصل الى خمسين ألف دينار "لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".
خلال عام ونصف عام، حوكم أكثر من 60 شخصاً، بينهم صحافيون ومحامون ومعارضون للرئيس، بموجب هذا المرسوم، وفق النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.