برّأت محكمة يونانية الثلثاء تسعة مصريين متهمين بالتسبب في واحد من أخطر حوادث غرق المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، وذلك في اليوم الأول من محاكمتهم.
وقال قاضي محكمة كالاماتا (جنوب) ان المحكمة "تعلن تبرئة المتهمين التسعة" وإسقاط كل التهم الموجهة اليهم.
بعد مرور حوالى سنة على غرق سفينة الصيد الذي خلف أكثر من 80 قتيلاً وحوالى 600 مفقود، واجه المتهمون التسعة تهمة "تسهيل الدخول غير القانوني للمهاجرين إلى المنطقة" والتسبب بـ"القتل نتيجة الإهمال".
كما واجهوا عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة "الانتماء إلى منظمة إجرامية".
وهم رهن الحبس الاحتياطي منذ 11 شهرا تقريبا.
وقال أحدهم خلال الجلسة: "كنت في المستشفى، بالكاد نجوت من غرق السفينة ووجدت نفسي متهماً (...) لا أعرف السبب".
وأشار آخر إلى أنه دفع للمهربين 150 ألف جنيه مصري (حوالى 2950 يورو) كلفة هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى إيطاليا.
وقال ثالث: "لقد بعت كل ممتلكاتي للقيام بهذه الرحلة، أريد مساعدة عائلتي (...) لا أعرف سبب وجودي في السجن".
وتجمع نحو ثلاثين شخصا أمام محكمة كالاماتا قبل افتتاح جلسات الاستماع وسط أجواء متوترة. وهتف يساريون ومناهضون للعنصرية "هذه الجريمة لن تُنسى!".
وقال أحدهم باناغيوتيس ميرديكاس (45 عاما) لوكالة فرانس برس إنه تم اعتقال شخصين، وتابع: "نحن نتظاهر (...) سلميا. نشروا قوات مكافحة الشغب، وتم اعتقال شخصين"، من دون أن تقدم الشرطة أي توضيحات.
وقالت قريبة لأحد المتهمين اتت من إيطاليا إن قريبها بريء، وتابعت "جاء إلى أوروبا للبحث عن مستقبل أفضل، هذا كل شيء، هو ليس مجرماً".
وأثار غرق سفينة الصيد القديمة أدريانا، ليل 13-14 حزيران (يونيو) 2023 قبالة سواحل اليونان، الكثير من التساؤلات حول مسؤولية السلطات اليونانية التي تُتهم باستمرار بتنفيذ عمليات إعادة مهاجرين غير قانونية للحد من عدد الوافدين إلى الأراضي اليونانية.
العثور على 82 جثة
نجا 104 مهاجرين من حادث السفينة التي غرقت على بعد 47 ميلا بحريا (87 كيلومترا) قبالة سواحل بيلوس في جنوب غرب اليونان.
وتم انتشال 82 جثة أثناء عمليات البحث التي تلت المأساة.
ووفقا للأمم المتحدة، كان على متن السفينة التي ابحرت من ليبيا باتجاه إيطاليا أكثر من 750 شخصا من بينهم 350 باكستانيا بحسب إسلام آباد.
وقال محامو المتهمين التسعة الذين تراوح أعمارهم بين 21 و37 عاما إنهم "كبش فداء لتغطية مسؤوليات سلطات الموانئ اليونانية".
كما شككوا في اختصاص المحكمة اليونانية بالحكم في هذه القضية لأن غرق السفينة حصل في المياه الدولية.
وحذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من "خطر حقيقي يتمثل في إدانة هؤلاء الناجين التسعة على أساس أدلة غير كاملة ومشكوك فيها"، بحسب تعبير المديرة المساعدة لأوروبا وآسيا الوسطى في المنظمة جوديث سندرلاند.
وندد المدافعون عن المتهمين بوجود مخالفات إجرائية خطيرة في التحقيق: إذ قبض على موكليهم بعد 24 ساعة فقط من نجاتهم من المأساة، على أساس تسع شهادات فقط.
وقال بعض الناجين إنهم "اضطروا تحت ضغط الشرطة اليونانية، إلى اتهام أشخاص استنادا إلى صور لم تكن واضحة تماما"، كما أوضحت المحامية إيفي دوسي، قبل أيام قليلة من بدء جلسات الاستماع.
"تحت تاثير الصدمة"
وقالت "كانوا في حالة صدمة (...) وفجأة، اعتقلوا من دون أن يفهموا السبب!".
وأشارت جمعيات معنية بمساعدة المهاجرين ووسائل إعلام دولية إلى مسؤولية عناصر خفر السواحل الذين تدخلوا بعد وقت طويل من وقوع الحادث.
وكانت منظمة ألارم فون غير الحكومية ووكالة حرس الحدود الاوروبية "فرونتكس" قد أبلغتا السلطات اليونانية بوجود سفينة صيد حين كانت داخل منطقة البحث والإنقاذ اليونانية.
وأصرت السلطات اليونانية، التي كانت في موقف دفاعي بعد هذه المأساة، على أن المهاجرين رفضوا أي مساعدة.
من جانبهم، قال الناجون إن خفر السواحل أرادوا سحب السفينة التي كانت تضيق بعدد كبير من الركاب، ما كان سيؤدي إلى انقلابها.
ورفض رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي تُتهم بلاده بممارسة عمليات صدّ غير قانونية على حدودها مع تركيا، اتهام سلطات الموانئ، معتبرا أنه أمر "غير عادل للغاية".
ولا يزال التحقيق جاريًا في المسؤوليات المحتملة لعناصر خفر السواحل، لكن طلبات الوصول إلى الملف رُفضت جميعها، وفقًا لمحامي المتهمين.
وفي أيلول (سبتمبر)، قدم حوالى خمسين ناجياً من الحادث شكاوى ضدّ خفر السواحل اليونانيين.