تعهّد زعيم المعارضة البريطانية كير ستارمر الإثنين بحماية الترسانة النووية البريطانية، ساعياً إلى أن يظهر للناخبين أن بإمكانهم الوثوق بحزب العمّال الذي يتزعّمه في ما يتعلّق بالأمن القومي، قبل انتخابات الشهر المقبل.
تعد قضايا الدفاع التي شكّلت تقليدياً مصدر قوّة لحزب المحافظين الحاكم قضية رئيسية في حملة الانتخابات العامة في 4 تموز (يوليو). وهي شكّلت نقطة ضعف لدى سلف ستارمر، الاشتراكي جيريمي كوربين.
وقال ستارمر إن حزب العمّال هو "حزب الأمن القومي"، وأصرّ على أن الحزب الذي يمثّل يسار الوسط تغيّر منذ خسارة كوربين بأغلبية ساحقة أمام حزب المحافظين في عهد بوريس جونسون في انتخابات 2019.
حينها وجّهت انتقادات لكوربين باعتباره ضعيفاً بسبب تأييده نزع السلاح النووي وتشكيكه بحلف شمال الأطلسي وامتناعه عن توجيه إدانة قاطعة لروسيا بعد تعرّض شخصيات بارزة لعمليات تسميم على الأراضي البريطانية.
لكن حزب العمّال بقيادة ستارمر الذي يميل أكثر إلى الوسط التزم بضمانات "الردع النووي الثلاثية" ويتضمّن ذلك بناء أربع غواصات نووية جديدة، والحفاظ على قوّة الردع البحرية البريطانية وتحديث جميع الغواصات للقيام بدورياتها على نحو فعال.
ويعلن حزب العمّال الذي يتقدّم بفارق كبير في استطلاعات الرأي منذ ثمانية أشهر أنه سيزيد الإنفاق الدفاعي إلى 2,5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقاابل 2,3% حالياً.
وقال ستارمر في خطاب ألقاه في شمال إنكلترا "دعوني أكون واضحاً... بريطانيا ستكون أقوى وأكثر أمنا وأماناً مع حزب العمّال".
وأضاف "حزب العمّال هذا ملتزم تماما بأمن أمتنا وقوّاتنا المسلحة، والأهم من ذلك، ردعنا النووي".
رفض حزب العمّال حتى الآن تحديد جدول زمني لتحقيق الزيادة في الإنفاق الدفاعي، مكتفياً بالقول إنه سيزيد الإنفاق عندما تسمح الظروف الاقتصادية بذلك.
المحافظون الذين يتولّون السلطة منذ عام 2010، قالوا إنّهم سيحقّقون هدف 2,5 بالمئة بحلول عام 2030. وجعل رئيس الوزراء ريشي سوناك مسألة أمن بريطانيا إحدى القضايا الرئيسية للحملة الانتخابية الشهر الماضي بقوله، قبل وقت قصير من الإعلان عن موعد الانتخابات، إن بريطانيا ستكون أقل أماناً في ظل حكومة حزب العمال.
وحجة المحافظين في ذلك أن العديد من الأعضاء البارزين في فريق ستارمر صوّتوا في الماضي ضد تجديد الردع النووي البريطاني، المعروف باسم ترايدنت.
وستكون إحدى المهام الأولى لستارمر في حالة فوز حزب العمّال هي حضور قمّة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيس الناتو في واشنطن في الفترة من 9 إلى 11 تموز (يوليو).
"السلامة أولاً"
وقال وزير الدفاع غرانت شابس إن "المحافظين وحدهم لديهم خطة واضحة لتنفيذ العمل الجريء اللازم للحفاظ على أمن بريطانيا في عالم أكثر غموضاً"، واصفاً خطاب ستارمر بأنه "أجوف".
ورأى الخبير السياسي جيمس سترونغ أن ستارمر يتبنّى نهج "السلامة أولاً" في القضايا العالمية مثل الأسلحة النووية وحلف شمال الأطلسي والحرب في أوكرانيا من خلال اتباع خط مماثل لخط الحكومة.
وأضاف سترونغ المحاضر في جامعة كوين ماري في لندن لوكالة "فرانس برس": "لقد تجنّب باستمرار اتخاذ موقف مميز في الشؤون الخارجية، وذلك جزئياً كوسيلة للإشارة إلى أنه ليس جيريمي كوربين".
وأضاف "هذا منطقي، بما أن معظم الناخبين لن يبنوا تصويتهم على قضايا السياسة الخارجية، وفي هذه القضايا الأكثر أهمية على وجه التحديد، فإن الاستمرارية هي ما يريدونه في الإجمال".
سعى المحافظون الإثنين إلى تعزيز قاعدتهم بين أنصار اليمين من خلال التعهد بتعديل قانون المساواة البريطاني إذا فازوا بولاية ستكون الخامسة على التوالي.
ولفتت وزيرة المساواة كيمي بادينوك إلى أن الإصلاح يعني أن الجنس البيولوجي وحده هو الذي سيحدّد من يمكنه استخدام المساحات المخصصة حصريا لجنس واحد.
لكن حزب العمّال اتهم المحافظين بإشعال حرب ثقافية.