عقب الاحتفال بالذكرى الثمانين ليوم الإنزال، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم السبت في باريس في زيارة رسمية تتسم بالفخامة يعقدان خلالها محادثات حول التجارة وقضيتي إسرائيل وأوكرانيا.
وبدأت الزيارة بحضور مراسم عند قوس النصر الشهير. ووجّه بايدن وماكرون مع زوجتيهما التحية للمحاربين القدامى الذين رافقوا مسؤولين كباراً من البلدين.
وحضر الرئيسان عرضاً عسكرياً في شارع الشانزليزيه في طريقهما إلى قصر الإليزيه لعقد اجتماع حول قضايا سياسية يعقبه عشاء.
ووضع الرئيسان إكليلا من الزهور وأوقدا شعلة الجندي المجهول. ثم عبرا جادة الشانزليزيه المزينة بألوان علمي بلديهما، بمواكبة 140 حصاناً و38 سائق دراجة نارية.
وأكّد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أن الطرفين يريدان إظهار أنهما "أقرب مما كنا عليه في أي وقت مضى".
وستكون المحطة الفرنسية الزيارة الخارجية الأطول للديموقراطي بايدن في خضم حملته للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر)، والتي سيواجه فيه الجمهوري دونالد ترامب.
ووصل الرئيس الأميركي الى باريس الأربعاء، وانتقل الى منطقة النورماندي بشمال غرب البلاد للمشاركة اعتباراً من الخميس في مراسم إحياء الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء الذي مهّد للانتصار على ألمانيا النازية عام 1944. وبعد الزيارة الرسمية السبت، سيزور بايدن المقبرة الأميركية الأحد، قبل أن يغادر عائداً الى بلاده.
انتخابات واتفاقات
ويتوقع أن تثير زيارة الرئيس الأميركي انتقادات إضافية لماكرون المتهم من قبل خصومه باستغلال محطات دبلوماسية هذا الأسبوع لخوض حملة للانتخابات الأوروبية المقررة في فرنسا الأحد.
ووعدت واشنطن بالاعلان خلال الزيارة التي يتخللها غداء عمل ومأدبة عشاء رسمية، عن اتفاقات في مجال الأمن البحري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. كما تمّ الحديث عن تعاون محتمل في مكافحة التغير المناخي.
ولن تغيب عن قمة ماكرون وبايدن القضايا الدولية الكبرى حيث تتطابق مواقف باريس وواشنطن الى حد كبير، على رغم بعض التباينات، ومنها على سبيل المثال بشأن الحرب في غزة.
في المقابل، تبقى مواقف البلدين متطابقة بشأن الحرب التي اندلعت في أوكرانيا مع بدء الغزو الروسي في أواخر شباط (فبراير) 2022، خصوصاً لجهة تكثيف الدعم الغربي لكييف.
وأكد ماكرون الجمعة إلى جانب نظيره فولوديمير زيلينسكي أنه يريد "وضع اللمسات الأخيرة على تحالف" الدول المستعدة لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا، مؤكدا البدء المرتقب لتدريب طيارين أوكرانيين على مقاتلات ميراج 5-2000 الفرنسية.
وفي حين لا يتوقع أن تحذو واشنطن حذو باريس بإرسال مدربين عسكريين، تبقى الولايات المتحدة الداعم الأبرز لكييف على صعيد التسليح والمعدات العسكرية.
خلال اجتماع عُقد بين زيلينسكي وبايدن في باريس، أعلن الأخير مساعدة جديدة بقيمة 225 مليون دولار لأوكرانيا، مؤكداً أنّ "الولايات المتحدة ستكون معكم دائماً".
وقال بايدن "أنتم لم تستسلموا"، مقدما "اعتذاراته" عن أشهر المفاوضات بين الديموقراطيين والجمهوريين التي سبقت إقرار الكونغرس حزمة مساعدات لأوكرانيا بأكثر من 60 مليار دولار.
وكان بايدن أكد الخميس أن واشنطن "لن تتخلى" عن أوكرانيا. وقال خلال إحياء ذكرى الإنزال "لن نتخلى عنها لأنه إذا فعلنا فسيتم اخضاع اوكرانيا ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد"، مضيفا "الدول المجاورة لأوكرانيا ستكون مهددة، كل أوروبا ستكون مهددة".
غواصات
وشهدت الأشهر الماضية تحسّناً في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة، لاسيما بين بايدن وماكرون شخصياً، بعد التوترات التي شهدتها في أعقاب فسخ أستراليا من دون سابق انذار في أيلول (سبتمبر) 2021، عقداً ضخماً للحصول على غواصات تعمل بالطاقة التقليدية من فرنسا، والاستعاضة عنه بشراء غواصات تعمل بالدفع النووي في تعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأعقبت ذلك أزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن كانت من الأكثر حدة بين الطرفين منذ عقود، قبل أن تعود العلاقات بين الحليفين التاريخيين تدريجياً الى مسارها الطبيعي.
وقال كيربي إن "من الأمور التي يحترمها ويقدّرها (بايدن) لدى الرئيس ماكرون هي قدرته على أن يكون صريحاً وصادقاً بقدر ما هو عليه. هذا ما نريد أن نراه لدى حليف وصديق: القدرة على الدخول مباشرة في صلب الموضوع وقول ما يفكّر به".
وفي مسعى لطي صفحة التوترات، كان ماكرون أول رئيس أجنبي يجري زيارة دولة الى البيت الأبيض بعد تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة، وذلك في كانون الأول (ديسمبر) 2022.
ولن يعقد الرئيسان مؤتمراً صحافياً مشتركاً السبت في باريس، وسيكتفي كل منهما بتصريحات الى الصحافيين.