جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التأكيد الاثنين غداة إعلانه حل الجمعية الوطنية، أنه "يثق بقدرة الفرنسيين" على "القيام بالخيار الأنسب" خلال الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة بعد ثلاثة أسابيع.
وكتب ماكرون عبر منصة اكس: "أنا أثق بقدرة الشعب الفرنسي على القيام بالخيار الأنسب له وللأجيال المقبلة. طموحي الوحيد هو أن أكون مفيدا لبلادنا التي أحب".
وسيكون رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا مرشح حزبه اليميني المتطرف لمنصب رئيس الوزراء في فرنسا، على ما أعلن نائبه سيباستيان شونو الإثنين.
وغداة حل الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعية الوطنية ودعوته لانتخابات تشريعية مبكرة إثر فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية، قال شونو لإذاعة "إر تي إل": "انتخب جوردان بارديلا نائبا أوروبيا، وهو حصل بالتالي على المباركة الشعبية"، مضيفا: "إنه مرشحنا" لرئاسة الوزراء.
ومساء الاحد، أعلن ماكرون حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد الفوز التاريخي لليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية.
وقال ماكرون في كلمة متلفزة: "سأوقع بعد قليل مرسوم إجراء الانتخابات التشريعية للدورة الأولى في 30 حزيران (يونيو)، والدورة الثانية في 7 تموز (يوليو)".
بحصوله على ما بين 31,5 إلى 32% من الأصوات وفقا لمعهدي "إبسوس" و"إيفوب"، وجه حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة جوردان بارديلا ضربة قوية في الانتخابات الأوروبية، محققا أفضل نتيجة له في انتخابات وطنية، وسيساهم بشكل حاسم في صعود قوة المعسكر القومي والسيادي في البرلمان الأوروبي.
أما القائمة الماكرونية بزعامة فاليري هاير عضو البرلمان الأوروبي المنتهية ولايتها وغير المعروفة لدى عامة الناس فتراجعت وحصلت على نحو 15%، يليها الاشتراكي الديموقراطي رافاييل غلوكسمان (44 عاما) الذي سجل ما بين 14 و14,3% أي أكثر من ضعف نتيجته في عام 2019.
ولتبرير هذه الانتخابات المبكرة، قال ماكرون إن فرنسا "بحاجة إلى غالبية واضحة للعمل في هدوء ووئام"، مشددا على أنه "سمع" رسالة الفرنسيين ومخاوفهم. وقال: "لن أتركهم دون إجابة".
واعتبر الرئيس الفرنسي أن نتيجة الانتخابات الأوروبية "ليست جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا"، مشيرا إلى أن اليمين المتطرف حصد "ما يقرب من 40% من الأصوات" في فرنسا (إذا أضفنا إلى قائمة بارديلا قائمة حزب "الاسترداد" بقيادة إريك زمور).
وتابع ماكرون أن "صعود القوميين والديماغوجيين يشكل خطرا على أمتنا وأيضا على أوروبا وعلى مكانة فرنسا في أوروبا وفي العالم".
وكان جوردان بارديلا قد أعلن بالفعل أنه سيطالب بحل الجمعية الوطنية بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تقدمه قبل الانتخابات، وطالب بذلك مجددا مساء الأحد، واصفا ماكرون بـ"الرئيس الضعيف".
ورحب رئيس قائمة حزب التجمع الوطني للانتخابات الأوروبية جوردان بارديلا (28 عاما)، بالنتيجة "بتواضع" أمام حشد من المؤيدين المتحمسين، مشيدا بـ"النتيجة التاريخية" لحزبه.
وفي رد فعل فوري، أعلنت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن: "نحن على استعداد لممارسة السلطة إذا منحنا الفرنسيون ثقتهم". وخسرت لوبن في مواجهتها مع ماكرون مرتين في الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022، وتهدف إلى الوصول للرئاسة في الاستحقاق المقرر عام 2027.
وتشكل نتيجة الانتخابات الحالية ضربة قاسية لماكرون الذي وصل إلى السلطة عام 2017 مع وجود رغبة لديه في تعزيز النفوذ الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي، ومع وعد بالقضاء على التطرف على الساحة الوطنية.
كان انتصار اليمين الفرنسي المتطرف متوقعا في هذه الانتخابات، ذلك أن بارديلا الذي ركز خطابه على موضوعات الهجرة والأمن والقوة الشرائية، ظل طوال الحملة الانتخابية متقدما بفارق كبير على فاليري هاير.
بفضل حضوره الإعلامي، تمكن بارديلا من ترسيخ نفسه في أقل من خمس سنوات في المشهد السياسي الفرنسي المتجدد بالكامل، وواصل استراتيجية تغيير الصورة النمطية التي دأبت على شيطنة حزب اليمين المتطرف الفرنسي.