اختار الأوروبيّون بين 6 و 9 حزيران (يونيو) برلماناً جديداً، وسط ملفّات شائكة تعصف بالقارّة تبدأ بحرب أوكرانيا ولا تنتهي بملف المهاجرين.
وفي ما يلي نظرة على ما حدث في بعض البلدان الأوروبية الرئيسية.
فرنسا
تعرّض حزب الرئيس إيمانويل ماكرون المعتدل المؤيّد لقطاع الأعمال لهزيمة شديدة على يد حزب مارين لوبن اليميني المتطرّف، فدعا الرئيس الفرنسي أمس الأحد إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في فرنسا.
ومن المتوقّع أن يفوز حزب "التجمّع الوطني" بزعامة لوبن بمعظم مقاعد فرنسا البالغ عددها 81 مقعداً في البرلمان الأوروبي، أي حوالي ضعف عدد مقاعد "حركة النهضة" التي يتزعّمها ماكرون.
وتمثل الانتخابات المبكرة مخاطرة كبيرة لماكرون وحزبه، مع احتمال فقدان المزيد من الدعم بينما قد يشهد حزب "التجمّع الوطني" زيادة في نفوذه.
وكانت الانتخابات فرصة للتعبير عن عدم رضا الناخبين الفرنسيين عن إدارة ماكرون في ملفّات عدّة، في وقت يحاول قيادة الجهود على مستوى أوروبا للدفاع عن أوكرانيا وتعزيز دفاعات الاتحاد الأوروبي وصناعته.
ويَعد جوردان بارديلا، المرشّح الرئيسي للبرلمان الأوروبي عن حزب "التجمّع الوطني"، بالحد من حرّية حركة المهاجرين داخل الحدود المفتوحة للاتحاد الأوروبي والتراجع عن قواعد المناخ . ولم يعد الحزب يريد مغادرة الاتحاد الأوروبي واليورو بل يريد إضعافه من الداخل.
وعلى اليسار، اندفع الحزب الاشتراكي الذي طالت معاناته في فرنسا وراء المرشّح الرئيسي رافائيل غلوكسمان، الذي يريد سياسة مناخية أكثر طموحاً وحماية الشركات والعمّال الأوروبيين.
ألمانيا
تعرّضت ألمانيا لخسارة قويّة، إذ واجه الائتلاف الحاكم الذي لا يحظى بشعبية بزعامة المستشار أولاف شولتس من يسار الوسط خسارة فادحة أمام المعارضة المحافظة التي استفادت من متاعبه.
وحافظت الكتلة المحافظة على مكانتها كأقوى حزب ألماني في بروكسل بينما تتطلّع إلى الانتخابات الوطنية المتوقّعة في خريف العام المقبل.
وحقّق حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرّف مكاسب جيدة على الرغم من سلسلة من الفضائح التي أحاطت بأكبر مرشّحين له، وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة للكثيرين، بالنظر إلى ماضي ألمانيا النازي.
ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هي عضو في "الاتحاد الديموقراطي المسيحي"، وهو الحزب المهيمن في الكتلة المحافظة المكوّنة من حزبين والتي فازت بأكبر عدد من الأصوات.
وأظهرت التوقّعات أن نسبة تأييد الحزب "الديموقراطي الاشتراكي" الذي ينتمي إلى يسار الوسط بزعامة شولتس بلغت 14%، وهي أسوأ نتيجة له بعد الحرب العالمية الثانية في تصويت على مستوى البلاد.
وشهد حزب "الخُضر" في ألمانيا، وهو حزب أساسي في سياسة المناخ ذات الأهمية العالمية للاتحاد الأوروبي، تراجعاً في الدعم.
وستحظى ألمانيا بأكبر عدد من مقاعد البرلمان الأوروبي الجديد البالغ عددها 720 مقعداً بواقع 96 مقعداً.
المجر
حقّق رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان انتصاراً انتخابياً آخر، وهو في السلطة منذ عام 2010، مع دخول منافس جديد قلَب قبضته على السياسة المجرية.
وكان من المتوقّع أن يفوز حزب "أوربان فيدس" بنسبة 43% من الأصوات، وفقاً لتقديرات البرلمان الأوروبي. وبينما حصل حزب "فيدس" على عدد وافر من الأصوات، فقد تراجع بنحو 10 نقاط عن الدعم الذي حصل عليه في انتخابات الاتحاد الأوروبي الأخيرة في عام 2019، وبدا أنّه على وشك خسارة مقعدين في ما كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنّه استفتاء على شعبية أوربان.
وهزّت أزمة اقتصادية عميقة وسلسلة من الفضائح الأخيرة التي تورّط فيها سياسيون من حزب "فيدس"، الحزب الذي يفتخر بدعم القيم العائلية والنزعة المسيحية المحافظة.
وانشق المنافس بيتر ماغيار عن حزب أوربان في شباط (فبراير)، وفي غضون أشهر نجح في تشكيل أقوى حزب معارض في المجر.
وكان من المتوقّع أن يحصل حزب "الاحترام والحرية" (TISZA) على 31% من الأصوات.
وبرز المنافس الجديد على الساحة بسبب اتّهامات علنية بالفساد وسوء الإدارة داخل حكومة أوربان. وقدم حزب ماغيار نفسه باعتباره بديلاً أكثر وسطية لنسخة أوربان من الشعبوية غير الليبرالية.
ووصف أوربان الانتخابات بأنّها صراع وجودي بين الحرب والسلام، وقال للناخبين إن الإدلاء بأصواتهم للمعارضة من شأنه أن يجر المجر مباشرة إلى الحرب في أوكرانيا المجاورة ويعجل بنزاع مسلّح عالمي.
إيطاليا
ومن المتوقّع أن يتضاعف عدد مقاعد حزب "أخوة إيطاليا" الذي تتزعّمه رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني، وهذا من شأنه أن يمنحها صلاحيات جديدة للتأثير على السياسة في الاتحاد الأوروبي.
وبينما عاقب الناخبون القادة المعتدلين في فرنسا وألمانيا، فقد منحوا حزب ميلوني دعماً أكبر ممّا كان عليه الحال في الانتخابات الوطنية الأخيرة في عام 2022.
وقد أثبتت سياساتها المؤيّدة لأوكرانيا وإسرائيل أنّها مطمئنة لحلفائها الأميركيين والأوروبيين الوسطيين، لكنّها تقود حروباً ثقافية في الداخل تحافظ على أوراق اعتمادها اليمينية المتطرّفة.
وحل الحزب الديموقراطي المعارض من يسار الوسط في المركز الثاني، يليه حزب المعارضة الرئيسي الآخر، "حركة 5 نجوم".
من غير المتوقّع أن يؤدّي التصويت إلى زعزعة استقرار الحكومة الإيطالية، حتى لو كانت ميزة ميلوني على حساب شركائها في الائتلاف الحاكم، حزب "الرابطة" اليميني الشعبوي المناهض للمهاجرين بقيادة ماتيو سالفيني، وحزب "فورتسا إيطاليا" بقيادة وزير الخارجية أنطونيو تاغاني.
ولدى إيطاليا 76 مقعداً في البرلمان الأوروبي.
سلوفاكيا
فازت مجموعة ليبرالية مؤيّدة للغرب بالانتخابات في سلوفاكيا، متغلّبة على حزب رئيس الوزراء الشعبوي الموالي لروسيا روبرت فيكو بعد أسابيع فقط من نجاته من محاولة اغتيال.
وأرسل الهجوم على فيكو موجات من الصدمة في جميع أنحاء الدولة التي يبلغ عدد سكانها 5.4 مليون نسمة، ويبدو أنّه أدّى إلى زيادة إقبال الناخبين، الذي كان الأدنى في الكتلة بأكملها في عامي 2014 و2019، لكنّه وصل إلى مستوى قياسي بلغ 34.4% يوم الأحد.
ولم تساعد محاولة الاغتيال حزب "سمير-إس دي" الاشتراكي الديموقراطي الذي يتزعّمه فيكو، الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم، على الفوز بالتصويت.
كان الحزب يهاجم دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، بالإضافة إلى السياسات الأخرى المتعلّقة بالهجرة وتغير المناخ وحقوق المثليّين. وكان في سباق متقارب مع حزب المعارضة الرئيسي "سلوفاكيا التقدّمية"، الذي حصل على 27.8%، أو ستة مقاعد في برلمان الاتحاد الأوروبي، وفقاً للنتائج الأولية، يليه حزب فيكو بنسبة 24.8% أو خمسة مقاعد.
واحتلّ حزب المعارضة اليميني المتطرّف الذي يريد خروج سلوفاكيا من "الناتو" المركز الثالث بنسبة 12.53% وسيحصل على مقعدين.