النهار

هل يغير قرار بايدن ضرب الداخل الروسي بسلاح أميركي ميزان القوى على الارض؟
غوى خيرالله
المصدر: النهار العربي
حصلت أوكرانيا على كميات كبيرة من الأسلحة من الولايات المتحدة، إلا أنها لم تتمكن من استخدامها كما يحلو لها. تغير هذا السيناريو. في الأسبوع الماضي، منح الرئيس الأميركي جو بايدن أوكرانيا الإذن بتنفيذ ضربات محدودة باستخدام أسلحة أميركية في داخل الأراضي الروسية حول خاركيف، على خطى دول أوروبية عدة.
هل يغير قرار بايدن ضرب الداخل الروسي بسلاح أميركي  ميزان القوى على الارض؟
جنود أوكرانيون في دونيتسك
A+   A-
قصة الأشهر السبعة والعشرين الماضية منذ غزو روسيا لأوكرانيا قصة انهيار المحرمات. فبعد صدّ التقدم الروسي الأول نحو كييف، طلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين دعمًا أكبر فأكبر: في البداية الذخيرة، ثم الدبابات، ثم الذخائر العنقودية، ثم الطائرات المقاتلة.
 
وفي كل مرة، كان الغرب يتردد في الموافقة على طلب كييف خوفًا من التصعيد والرد الروسي المحتمل. لكن، سرعان ما يعود ويسقط محاذيره، ويمد كييف بالحد الأدنى مما تطلب. 
 
حصلت أوكرانيا على كميات كبيرة من الأسلحة من الولايات المتحدة، إلا أنها لم تتمكن من استخدامها كما يحلو لها. ومع شن موسكو هجومها المفاجئ على منطقة خاركيف الشمالية الشرقية، منعت واشنطن كييف من استخدام الأسلحة الأميركية لضرب أهداف داخل روسيا.
 
تغير هذا السيناريو. في الأسبوع الماضي، منح الرئيس الأميركي جو بايدن أوكرانيا الإذن بتنفيذ ضربات محدودة باستخدام أسلحة أميركية في داخل الأراضي الروسية حول خاركيف، على خطى دول أوروبية عدة.
 
ليست خطرة
ربما يمثل القرار مرحلة جديدة من الحرب، إلا أن المحللين شككوا في أنه قد يعزز بشكل كبير قدرة أوكرانيا على صد الغزو الروسي.

ويرى الكاتب السياسي سام منسّى أن هذا القرار، من الناحية السياسية، لن يفاقم المشكلة بين واشنطن وموسكو، وله خلفيات معينة تحد من تأثيراته أو من مخاطره على روسيا. ويقول لـ "النهار العربي" إن الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا والتي ستُستعمل "ليست من الانواع  التي تشكل خطراً أساسياً على روسيا.
 
بالفعل، كان بايدن قد أكد لشبكة "أي بي سي" في الأسبوع الماضي أنه ممنوع على كييف توجيه ضربات على مسافة 200 ميل في داخل روسيا، أو استهداف موسكو أو الكرملين.

وأشار إلى أنه تم السماح باستخدام الأسلحة الأميركية قرب الحدود الروسية - الأوكرانية لمهاجمة أهداف معينة.

مع ذلك، أكد أن هذا القرار سيغير بالطبع في المعادلة، "ولو لم يكن الأوكرانيون بحاجة إليها، لم يكن لأوروبا وأميركا أن يمنحاها إياها... فهناك حاجة عسكرية ملحة". 
 
في المقابل، قال خالد العزي، الأستاذ في العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، لـ"النهار العربي": "طبعاً، القرارات الأوروبية التي اتخذت  كفيلة بتغيير  المعادلة على الأرض لجهة الموقفين الفرنسي والألماني اللذين أجازا فعلياً استخدام السلاح خارج المناطق الأوكرانية، وهي تحديداً مناطق العبور اللوجستية والتجمعات والدبابات المتجهة من روسيا عبر المحافظات المحتلة أو عبر المحافظات القريبة من الحدود الأوكرانية".

"توازن رعب"
وقال وزير الدفاع لويد أوستن لشبكة  "سي أن أن" يوم الخميس الماضي إنه يعتقد أن السياسة الجديدة التي تسمح للجيش الأوكراني بتنفيذ ضربات محدودة داخل روسيا بذخائر أميركية ستكون "مفيدة جداً للأوكرانيين كي يستمروا في الحرب".

وأضاف: "ما فعلناه هو تزويد الأوكرانيين بالقدرة على التصدي لإطلاق النار، والرد على القوات الروسية التي تطلق النار عليهم، والقدرة على إخراج بطاريات المدفعية الخاصة بهم أثناء إطلاق النار على الأوكرانيين".

وفي السياق، قال مهند الحاج علي، نائب مديرة مركز مالكوم كير - كارنيغي للشرق الأوسط، لـ"النهار العربي" إن السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية لضرب روسيا هدفه "إيجاد توازن رعب بعد استخدام القوات الروسية تكتيك قصف المدن والمواقع الحيوية الأوكرانية".
 
بالتالي، يضيف الحاج علي، "سترد أوكرانيا  بالمثل باستهداف الأراضي الروسية وخلق قوة ضغط على الجانب الروسي لدفع موسكو لإنهاء الحرب بشكل سريع، برفع كلفة الحرب عليها".
 
لذلك، يشير إلى أن استهداف الأراضي الروسية يغير الوضع على الأرض، ويضعف قدرة موسكو على إلحاق ضرر كبير بأوكرانيا في ظل هذا التوازن.

"لن يوقفها... بل سيعقدها"
وخفف المحللون العسكريون من حدة التوقعات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الولايات المتحدة متمسكة بعدم السماح لأوكرانيا باستخدام الذخيرة الأكثر قوة التي أعطيت لها لإطلاقها على روسيا: الصواريخ بعيدة المدى المعروفة باسم ATACMS التي يمكنها إصابة أهداف على بعد 300 كيلومتر (200 ميل). بدلاً من ذلك، يمكن أوكرانيا استخدام الصواريخ الأقصر مدى المعروفة باسم GMLRS، والتي يبلغ مداها نحو 70 كيلومترًا (40 ميلًا).
 
وقالت كاترينا ستيبانينكو، المحللة في معهد دراسات الحرب في واشنطن، لشبكة "سي أن أن" إن تغيير هذه السياسة "يضعف" الهجوم الروسي في خاركيف، لكن موسكو لا تزال "تحافظ على أغلبية مساحة الملاذ الآمن لروسيا... وتحتاج أوكرانيا بشكل خاص للقدرة على ضرب المناطق الخلفية العميقة لهزيمة التهديدات البرية والجوية الروسية، حيث إن العديد من المطارات الروسية التي تدعم الضربات ضد المدن الأوكرانية تقع خارج نطاق منطقة GMLRS المسموح بها". 
 
وقال فرانز ستيفان غادي، وهو زميل مشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لشبكة "سي أن أن" إن ضربات نظام GMLRS عبر الحدود ستسمح لأوكرانيا بضرب بعض مناطق التجمع الروسية ومراكز القيادة والسيطرة وكذلك مستودعات الإمداد. "انما ذلك لن يوقف العمليات العسكرية الروسية ضد خاركيف، بل سيعقّدها".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium