عيّنت دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) الأربعاء رئيس الحكومة الهولندية المنتهية ولايته مارك روته (57 عامًا) أمينًا عامًا جديدًا، في مرحلة حساسة للتكتّل الدفاعي مع استمرار الحرب في أوكرانيا واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
واستبعد الكرملين اليوم أن يغير اختيار رئيس وزراء هولندا أمينا عاما جديدا لحلف شمال الأطلسي من الموقف العام للحلف.
وسيتولى روته مهام منصبه خلفا لينس ستولتنبرغ في الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، بعد أن اتفقت الدول العظمى بقيادة الولايات المتحدة على تعيينه قبيل قمة لقادة الحلف في واشنطن الشهر القادم.
وقال ستولتنبرغ على منصات التواصل الاجتماعي: "مارك مناصر حقيقي للعلاقات بين دول الحلف وقائد قوي وصانع للتوافق". وجاءت تصريحاته بعد أن صادق سفراء الناتو المكون من 32 دولة، على تعيينه.
أضاف: "أعلم أنني سأترك الناتو في أياد أمينة".
من ناحيته قال روته إنه "لشرف عظيم" له أن يخلف ستولتنبرغ عندما تنتهي ولايته التي استمرت عقدا في رئاسة الناتو.
وكتب على مواقع الكترونية إن "الحلف كان وسيبقى حجر أساس أمننا الجماعي".
والزعيم الهولندي المخضرم الذي تنتهي ولايته التي استمرت 14 عاما على رأس الحكومة الهولندية في غضون أسابيع، يحظى بالثقة في قدرته على إدارة الناتو خلال الفترات المحفوفة بالمخاطر.
وقوبل تعيينه بترحيب من قادة الحلف الذي تأسس قبل 75 عاما، ومن بينهم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك والمستشار الألماني أولاف شولتس الذي اعتبر تعيينه "خيارا جيدا للحرية والأمن".
وبينما يواجه روته البالغ 57 عاما احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، سيبرز أمامه الخطر الذي يمثله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبعد ترشيح نفسه لمنصب الأمين العام للناتو إثر انهيار ائتلافه الحكومي العام الماضي، استخدم روته جميع مهاراته الدبلوماسية لكسب تأييد تركيا والمجر عضوي الحلف المترددَين.
وضمن المنصب الأسبوع الماضي مع انسحاب منافسه الوحيد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس.
دعم أوكرانيا وضبط ترامب؟
روته من أشد الداعمين لأوكرانيا وقاد حملة لتزويدها بطائرات مقاتلة طراز إف-19 للتصدي للغزو الروسي.
وبصفته أمينا عاما للناتو سيلعب دورا رئيسيا في حشد دول الحلف المنهكة لمواصلة دعم الدولة التي تمزقها الحرب، والتعاطي بحذر مع مسعى كييف للانضمام للتكتل.
وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك على مواقع التواصل الاجتماعي: "تهانينا لمارك روته على انتخابه الأمين العام الجديد للناتو. إن قيادتكم وتفانيكم للمبادئ الديموقراطية أمران حاسمان لمستقبلنا المشترك".
بث هجوم الكرملين على أوكرانيا في 2022 الحياة في الحلف الذي كثيرا ما كان يبحث عن هدف له بعد نهاية الحرب الباردة، ودفع بالدول الأوروبية لزيادة إنفاقها الدفاعي.
وسيتعين على روته الآن التأكد من قدرة الناتو على التعامل مع التهديد الذي ستشكله موسكو لسنوات قادمة، وكذلك مراقبة القوة المتنامية للصين.
لكن التحدي الأكبر قد يتمثل في الحفاظ على تماسك التحالف في حال فاز ترامب بولاية رئاسية جديدة في الولايات المتحدة.
وذكرت تقارير أن ترامب فكر في سحب القوة العسكرية العظمى من حلف شمال الأطلسي خلال فترة ولايته الأولى. لكن القادة ومن بينهم روته، رفضوا ذلك.
وخلال حملته الانتخابية الحالية أثار نجم تلفزيون الواقع السابق قلق دول الحلف بقوله إنه سيشجع موسكو على مهاجمة الدول التي لا تنفق مبالغ كافية على الدفاع.
والولايات المتحدة ليس الوحيدة التي تواجه حالة إرباك سياسي مع اقتراب موعد انتخابات حاسمة في دول رئيسية أخرى مثل فرنسا.
وسيتطلع روته للتعلم من سلفه ستولتنبرغ الذي ترأس الناتو خلال العقد الأكثر أهمية منذ انتهاء الحرب الباردة.
وقد أُشيد برئيس الوزراء النروجي السابق الهادئ لحفاظه على الوحدة وتعزيز حلف شمال الأطلسي خلال فترة مضطربة.
واضطر حلف شمال الأطلسي إلى تمديد ولاية ستولتنبرغ مرتين بعدما حاول بصعوبة لعامين إيجاد بديل له، في وقت كانت العديد من دول الحلف تأمل في البداية في تعيين امرأة وشخصية من أوروبا الشرقية لتولي المنصب.
سيصبح روته رابع هولندي يقود حلف شمال الأطلسي منذ خروجه من الحرب العالمية الثانية.