لم يعد أمام الفرنسيين سوى ثلاثة أيام قبل الجولة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية للاختيار بين يمين متطرّف يحظى بشعبية كبيرة، ويسار يناضل من أجل الحفاظ على وحدته، وغالبية ماكرونية تؤكد عدم الاستسلام.
وفي استطلاع تلو الآخر، يظهر اليمين المتطرّف المتمثّل في التجمّع الوطني متقدّماً بحصوله على 36 إلى 37 في المئة من نوايا التصويت، بينما يحصل تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري على ما بين 27 و28,5 في المئة، والأغلبية الرئاسية من يمين الوسط على 21 في المئة.
غير أنّ هذه الانتخابات لاختيار 577 عضواً في الجمعية الوطنية، تحمل الكثير من العوامل المجهولة المرتبطة بكلّ دائرة، كما أنها ستشهد تبدلات كبرى بين الجولتين على ضوء بقاء مشاركين أو انسحابهم أو حتى إصدارهم تعليمات للتصويت بناء على ما ستحمله نتيجة الجولة الأولى.
وانطلاقاً من هذا الواقع، يبقى السؤال المطروح عمّا إذا كان يجب الحؤول دون فوز اليمين المتطرّف أو رفض الاختيار؟ ويؤرق هذا السؤال المعسكرين الماكروني واليساري، في ظلّ مناخ سياسي متوتّر يتّسم بالتعبير بشكل علني عن العداوات والكراهية بين المرشحين.
ولم يتخذ المعسكر الماكروني موقفه بعد، غير أنه قد يعتمد تعليمات " لا للتجمع الوطني ولا لفرنسا الأبية "، وهو وجه منذ البداية انتقاداته لليمين واليسار المتطرفين، حتى لو لم يحسم الرئيس إيمانويل ماكرون قراره في هذا الشأن بعد.
أمّا في صفوف اليسار، فقد أعلن زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون الذي يعدّ شخصية غير محبوبة بالنسبة إلى الناخبين الوسطيين بما في ذلك ضمن تحالف الجبهة الشعبية الجديدة، أنّه سيدعو ناخبيه إلى عدم التصويت للتجمّع الوطني خلال الجولة الثانية في الدوائر التي لا يعود فيها أي مرشّح يساري.
انسداد مؤسسي؟
وبالتالي، لا يمكن استبعاد حصول انسداد مؤسسي بعد السابع من تموز (يوليو)، في وقت كرّر زعيم اليمين المتطرّف جوردان بارديلا الأربعاء تأكيده أنّه لن يقبل بتولي رئاسة الحكومة بدون الحصول على غالبية مطلقة. وقال على قناة " سي نيوز " الإخبارية " أريد أن أحكم، لا أريد أن أذهب إلى ماتينيون (مقر رئاسة الوزراء) لأكون رئيس وزراء بدون سلطة ".
من جهته، اعتبر الرئيس السابق فرنسوا هولاند المرشّح في كوريز (وسط) تحت مظلّة الجبهة الشعبية الجديدة، أنّه في مواجهة موقف كهذا من دون غالبية، سيكون من الضروري " البحث عن رئيس حكومة يمكنه، على أساس برنامج بالحد الأدنى، أن يدفع البلاد إلى الأمام ".
ويلتقي ممثلو الكتل الثلاث مساء الخميس على قناة " فرانس 2 " العامّة، لخوض مناظرة أخيرة قبل 24 ساعة من نهاية الحملة الانتخابية. وكما حدث الثلاثاء خلال المناظرة الأولى، سيكون جوردان بارديلا ممثلاً عن التجمّع الوطني ورئيس الحكومة غابريال أتال عن الماكرونيين، بينما سيمثّل اليسار هذه المرة رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور بعدما مثّله إيمانويل بومبار من فرنسا الأبية في المناظرة السابقة.
وتحظى هذه الانتخابات باهتمام واسع النطاق، حيث يعتزم ثلثا الناخبين التصويت الأحد، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة Ifop-Fiducial، وهو ما يعادل أعلى نسبة مشاركة في هذا النوع من الانتخابات منذ العام 1997.
ولا يقتصر القلق من نتيجة هذه الانتخابات على الفرنسيين، بل هي تثير مخاوف في الخارج أيضاً. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت " بعد الانتخابات، سنرى كيف تتطوّر علاقاتنا "، واصفاً فرنسا بأنّها " الشريك الأهم والأقرب في أوروبا ".