النهار

الصعوبات المالية تبعد بعض الناخبين عن الحزبين الكبيرين في بريطانيا
المصدر: أ ف ب
عندما ترك جيمس روسي الجيش في 2010، وهي السنة التي تولى فيها المحافظون السلطة، كان يحدوه أمل كبير في تملّك عقار، لكن ها هو بعد 14 عاما مفلس ومطلّق ويتشارك شقّة بالرغم من أنه لطالما كان لديه عمل.
الصعوبات المالية تبعد بعض الناخبين عن الحزبين الكبيرين في بريطانيا
جيمس يدفع ثمن البضائع في سوبر ماركت في غرب لندن (أ ف ب)
A+   A-
عندما ترك جيمس روسي الجيش في 2010، وهي السنة التي تولى فيها المحافظون السلطة، كان يحدوه أمل كبير في تملّك عقار، لكن ها هو بعد 14 عاما مفلس ومطلّق ويتشارك شقّة بالرغم من أنه لطالما كان لديه عمل.

ويقول الرجل البالغ من العمر 46 عاما في تصريحات لوكالة "فرانس برس": "لطالما عملت بلا كلل. وما لا أستسيغه في الوضع الحالي للبلد هو أننا لا نفلح حتّى لو عملنا جاهدين"، مشيرا إلى أن "الوضع قضى على أيّ أمل في التقدّم في الحياة".

وقد قرّر جيمس روسي بالاستناد إلى تجاربه السياسية، أن يخوض معتركا مختلفا في وقت يستعدّ البريطانيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تنظّم الخميس المقبل.

وهو يدير الحملة الانتخابية للمرشّح عن دائرته في شمال غرب لندن من حزب "ووركرز بارتي" الذي أسّسه جورج غالواي الوجه البارز في اليسار الراديكالي البريطاني.

ويقول روسي: "انخرطت في التحضيرات للانتخابات لأن الكيل قد طفح من حزب العمّال وحزب المحافظين"، وهما أبرز حزبين على الساحة السياسية في بريطانيا.

وتتوقّع الاستطلاعات فوزا كاسحا لحزب العمّال الذي سبق له أن تبوّأ السلطة بين 1997 و2010.

لكن في نظر هذا الجندي السابق: "لم يقم حزب العمّال بأيّ إنجاز يستحقّ الذكر في تلك الفترة". أما المحافظون، فهم "لم يفعلوا شيئا بتاتا سوى مفاقمة البؤس".
 

"حسمت أمري" 
والأمر سيّان بالنسبة إلى ليليان (التي فضّلت استخدام اسم مستعار) في الجهة الأخرى من العاصمة البريطانية.

وتؤّكد السيّدة البالغة من العمر 56 عاما التي لا وظيفة لها ولا مساعدات عامة تستفيد منها ولا آفاق لتحسين وضعها أنها "بالكاد" تصمد.

وتشرح ليليان التي كانت تعمل في مجال النقل البحري في حيّ كاناري وورف للأرصفة المائية الذي تحوّل إلى حيّ أعمال: "ليست المسألة مسألة تكلفة معيشة بل الأسعار التي تُفرض عليّ للصمود".

وقد عملت لاحقا في الخدمة البريدية وانخرطت في نقابة عمّالية قبل أن تضطر إلى التوقّف عن العمل بسبب إصابة في الظهر.

وتعتبر ليليان أنها تُركت لمصيرها بسبب عجزها عن العمل والاستفادة من المساعدات العامة الصعبة المنال بفعل المتطلّبات الإدارية المعقّدة.

ولا تخفي نيّتها التصويت لمرشّح مستقلّ بالرغم من أن عائلتها لطالما أيّدت حزب العمّال.

وتؤكّد: "حسمت أمري منذ سنوات".

تقشّف
وتساعد حالة كلّ من جيمس روسي وليليان على فهم الأسباب التي تدعو بعض المحلّلين السياسيين إلى الحديث عن فرضية نسبة امتناع شديدة في هذه الانتخابات التشريعية وتشتّت لا مثيل له في الأصوات على حساب الحزبين الكبيرين.

وقد عمل جيمس روسي في مجال البناء بعد مغادرته صفوف الجيش لكن صعب عليه إيجاد عمل بعد الأزمة المالية في 2008. فبات سائق حافلة.

وبعد طلاقه، لم يعد راتبه كافيا لعيش حياة لائقة.

وبغية تفادي احتمال الطرد من مسكنه، اقترض مبالغ مالية على المدى القصير بنسب فوائد عالية جدّا، ما تسبّب في إفلاسه سنة 2022، في وقت كانت تكلفة المعيشة ترتفع ارتفاعا شديدا بفعل التضخّم.

ويقيم راهنا في غرفة في شقّة يستأجرها في مقابل 600 جنيه استرليني (700 يورو) في الشهر. وقد تلاشت كلّ آماله في أن يتملّك عقارا يوما ما.

ويقول: "ليته في وسعي القول إنني سأتمكن بعد 10 سنوات من اقتراض مبلغ وشراء منزل".

أما ليليان، فهي تعاني من تداعيات سنوات التقشّف بعد عودة المحافظين إلى الحكم سنة 2010 وهم يُتّهمون بتفكيك شبكة الأمان الاجتماعي في البلد.

وتعيش في ما تصفه مسكنا اجتماعيا غير مطابق للمعايير المعمول بها وتعوّل على مساعدة ابنيها البالغين لدفع الإيجار.

وترزح تحت وطأة الديون في غياب المساعدات الاجتماعية.

وتقول: "أعجز عن العمل وستراودني أفكار انتحارية" بسبب المساعدات الممنوحة للعاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود.

وتردف: "لن أتوسّل نظاما كي يعطيني المال عندما يكون هو من وضعني حيث أنا".

اقرأ في النهار Premium