النهار

حزب "العمّال" مستعد لتجسيد التغيير: المهمّة ليست سهلة
المصدر: أ ف ب
في البرلمان الجديد سيشكّل الليبراليون الديموقراطيون القوة الثالثة مع 66 نائباً بحسب التوقّعات.
حزب "العمّال" مستعد لتجسيد التغيير: المهمّة ليست سهلة
كير ستارمر بين مؤيّديه. (أ ف ب)
A+   A-
يعود حزب العمّال البريطاني إلى الحكم في المملكة المتحدة بعدما حقّق فوزاً ساحقاً على المحافظين في الانتخابات التشريعية في ما وعد زعيمه كير ستارمر الجمعة بتجسيد "التغيير" و"التجدّد الوطني" الذي ينتظره الناخبون عند تولّيه رئاسة الحكومة.

وتطوى صفحة في المملكة المتحدة بعد حكم المحافظين الذي استمر 14 عاماً وشهد في السنوات الأخيرة سلسلة من الأزمات من البريكست إلى كوفيد والتضخم والتغيير المتكرّر لرؤساء الحكومة.
 
ومن دون انتظار النتائج للدوائر الـ650 كاملة، أقرّ رئيس الوزراء ريشي سوناك بهزيمة معسكره معلناً أنّه اتّصل بزعيم حزب العمّال كير ستارمر لتهنئته ومتحمّلاً مسؤولية هذا الفشل الذي يبدو أنّه غير مسبوق.

وصباح الجمعة، سيكلّف الملك تشارلز الثالث كير ستارمر المحامي السابق المتخصّص بحقوق الإنسان والبالغ 61 عاماً، مهمة تشكيل الحكومة. وسيدخل 10 داونينغ ستريت تالياً سياسي معتدل من اليسار الوسط في وقت قد يصل فيه اليمين المتطرّف إلى السلطة في فرنسا ويبدو فيه أن دونالد ترامب في موقع جيد للعودة إلى البيت الأبيض.

وأكّد رئيس الوزراء البريطاني المقبل "التغيير يبدأ الآن" شاكراً مناصريه ومجدّداً وعده بحصول "تجدّد وطني". وأضاف "لا أعدكم بأن المهمة ستكون سهلة. الأمر لا يقتصر على الضغط على زر لتغيير البلاد بل يتطلّب عملاً شاقاً وصبوراً وحازماً".
 
وتؤكّد النتائج التي وردت صباح الجمعة حجم النجاح الذي حقّقه حزب العمّال والهزيمة غير المسبوقة للمحافظين وهو أمر توقّعته استطلاعات الرأي منذ أشهر.
 
قرابة الساعة 04,30 بتوقيت غرينيتش كان حزب العمّال قد ضمن أكثر من 367 مقعداً أي أكثر من المقاعد الـ326 الضرورية للحصول على الغالبية المطلقة في مجلس العموم والتمكن من تشكيل حكومة بمفرده.
 
وأظهر آخر استطلاع لهيئة " بي بي سي " بعد إعلان ثلث النتائج أن حزب العمّال يرجح أن يفوز بـ408 مقاعد من أصل 650 في مجلس العموم أي أقل بقليل من النتيجة التاريخية التي سجّلها توني بلير العام 1997 بحصول الحزب يومها على 418 مقعداً.

أما حزب المحافظين بزعامة ريشي سوناك فيتوقّع أن يسجّل أسوأ نتيجة له على الإطلاق منذ مطلع القرن العشرين مع انتخاب 136 نائباً في مقابل 365 قبل خمس سنوات عندما كان الحزب بزعامة بوريس جونسون.

وقد خسر عدد قياسي من الوزراء الحاليين مقاعدهم النيابية مثل وزير الدفاع غرانت شابس ووزيرة العلاقات مع البرلمان بيني موردانت التي كانت مرشّحة لتولي زعامة الحزب مستقبلاً. وفي الإجمال خسر تسعة وزراء مقاعدهم وكان العدد القياسي السابق سبعة في 1997.
 
كذلك، خسرت رئيسة الوزراء المحافظة السابقة ليز تراس مقعدها.
 
"خيارات صعبة"
وشدّدت العناوين الرئيسية للصحف البريطانية بالإجماع الجمعة على "الفوز الساحق" للعمّال.

وخلال الحملة الانتخابية وعد كير ستارمر الذي بدأ خوض غمار السياسية قبل تسع سنوات فقط،  بعودة "الاستقرار" و"الجدّية" مع إدارة صارمة جدّاً للنفقات العامة.
 
ويعد ستارمر الذي لا يتمتّع بكاريسما كبيرة، بتحويل البلاد كما فعل على صعيد حزب العمّال بعدما خلف جيريمي كوربين في 2020 من خلال التركيز على الاقتصاد ومكافحة معاداة السامية.
 
ويؤكّد أنّه يريد تحفيز النمو وتصحيح وضع المرافق العامة وتعزيز حقوق العمّال وخفض الهجرة وتقريب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون العودة عن البريكست.
 
وحذرت رايتشل ريفز التي يرجّح أن تصبح وزيرة المال وهي أول امرأة تتولّى هذه الحقيبة الوزارية في البلاد.

يمين متشدّد
وفي البرلمان الجديد سيشكّل الليبراليون الديموقراطيون القوة الثالثة مع 66 نائباً بحسب التوقّعات.
 
وفي تبدّل رئيسي في السياسة البريطانية سيدخل حزب "إصلاح بريطانيا" المناهض للمهاجرين، البرلمان مع أربعة مقاعد. وسيصبح زعيمه نايجل فاراج نائباً للمرّة الأولى بعد ثماني محاولات.

ورحّب المدافع الشرس السابق عن البريكست ببدء "تمرّد على النظام".
 
في أسكتنلدا أصيب الحزب الوطني الأسكتلندي الاستقلالي بانتكاسة كبيرة ويتوقّع أن يخسر غالبية مقاعده ليصبح القوة الرابعة في البرلمان. وفي آخر استطلاع لهيئة " بي بي سي " سيفوز هذا الحزب بثمانية مقاعد في مقابل 48 سابقاً من أصل 57 ممثلاً لأسكتلندا في البرلمان البريطاني.

حملة غير موفّقة
عند توليه الحكم ينبغي على حزب العمال التجاوب مع تطلّع كبير نحو التغيير.

فقد أحدث البريكست انقسامات كبيرة في البلاد ولم يلبِ وعود مؤيديه. أما الارتفاع الكبير في الأسعار فقد أفقر في السنتين الأخيرتين الأسر التي بات عدد غير مسبوق منها يعتمد على المساعدات الغذائية.
 
وفي ظل نزاعات داخلية في حزب المحافظين والفضائح السياسية في عهد بوريس جونسون والمتاهات المالية لليز تراس التي لم تصمد سوى 49 يوماً على رأس الحكومة، أثار المحافظون امتعاض الناخبين.

وعجز ريشي سوناك المصرفي الاستثماري ووزير المال السابق البالغ 44 عاماً خلال تولّيه رئاسة الحكومة مدة 20 شهراً، في تحسين شعبية حزبه.

وجازف سوناك بدعوته إلى انتخابات مبكرة في تموز (يوليو) من دون انتظار موعدها في الخريف كما كان يظن كثيرون إلا ان حملته لم تكن موفّقة.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium