النهار

انتخابات برلمانية في فرنسا يطمح اليمين المتطرّف فيها ‏للسلطة
المصدر: رويترز
حقّق حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبن مكاسب ‏تاريخية ليفوز في الجولة الأولى من الانتخابات يوم الأحد ‏الماضي.
انتخابات برلمانية في فرنسا يطمح اليمين المتطرّف فيها ‏للسلطة
صور مرشحين للإنتخابات التشريعية في فرنسا (أ ف ب)
A+   A-

 
تجري فرنسا الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية اليوم ‏الأحد، والتي ستعيد تشكيل المشهد السياسي، إذ تتوقع ‏استطلاعات الرأي أن يفوز حزب التجمع الوطني اليميني ‏المتطرف بأكبر عدد من الأصوات، لكنه من المرجح أن لا ‏يتمكن من تحقيق الأغلبية.‏

وقد تؤدي مثل هذه النتيجة إلى برلمان معلق وفوضوي، وهو ‏ما من شأنه أن يؤثر بشدة على سلطة الرئيس إيمانويل ‏ماكرون. وبالمثل، إذا فاز حزب التجمع الوطني القومي ‏المتشكك في الاتحاد الأوروبي بأغلبية، فقد يجد الرئيس نفسه ‏مجبرا على "تعايش" صعب.‏

حقّق حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبن مكاسب ‏تاريخية ليفوز في الجولة الأولى من الانتخابات يوم الأحد ‏الماضي، مما أثار شبح تشكيل أول حكومة يمينية متطرفة في ‏فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.‏

ولكن بعد أن وحدت أحزاب الوسط واليسار قواها خلال ‏الأسبوع الماضي في محاولة لتشكيل حاجز مناهض لحزب ‏التجمع الوطني، تبدو آمال لوبان في فوز حزب التجمع ‏الوطني بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية المكونة من ‏‏577 مقعدا أقل تأكيدا.‏
 

تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب التجمع الوطني ‏سيصبح القوة التشريعية المهيمنة، لكنه سيفشل في الوصول ‏إلى الأغلبية البالغة 289 مقعدا التي تعتقد لوبان وتلميذها ‏جوردان بارديلا البالغ من العمر 28 عاما أنها ستسمح لهما ‏بالمطالبة بمنصب رئيس الوزراء وجر فرنسا بشكل حاد نحو ‏اليمين.‏

وتفتح مراكز التصويت أبوابها في الثامنة صباحا (0600 ‏بتوقيت غرينتش) وتغلق السادسة مساء في البلدات والمدن ‏الصغيرة وفي الثامنة مساء (1800 بتوقيت غرينتش) في ‏المدن الكبرى، وتعلن التوقعات الأولية عند انتهاء التصويت، ‏بناء على إحصاء جزئي لعينة من مراكز التصويت.‏

وسوف يعتمد الكثير على ما إذا كان الناخبون سيتبعون ‏دعوات التحالفات الرائدة المناهضة لحزب التجمع الوطني ‏لمنع اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة، أو دعم ‏المتنافسين من اليمين المتطرف.‏

وقال رافائيل غلوكسمان، عضو البرلمان الأوروبي الذي قاد ‏قائمة اليسار الفرنسي في انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر ‏الماضي، إنه يعتبر الجولة الثانية اليوم الأحد استفتاء بسيط ‏حول ما إذا كانت "عائلة لوبن ستتولى إدارة هذا البلد".‏

وقال لإذاعة "فرانس إنتر" الأسبوع الماضي "فرنسا على ‏حافة الهاوية ولا نعرف ما إذا كنا سنقفز".‏

وقالت لوبن لقناة "تي.إف1" يوم الأربعاء إن "الشعب الفرنسي ‏لديه رغبة حقيقية في التغيير"، مضيفة أنها "واثقة للغاية" في ‏الحصول على أغلبية برلمانية.‏

وحتى لو فشل حزب التجمع الوطني، فإنه يبدو مستعدا ‏للحصول على أكثر من ضعف المقاعد التي فاز بها في ‏انتخابات عام 2022 البالغ عددها 89 مقعدا ويصبح اللاعب ‏المهيمن في برلمان غير حاسم سيجعل من الصعب حكم ‏فرنسا.‏

ومن شأن مثل هذه النتيجة أن تنذر بجمود سياسي حتى تنتهي ‏رئاسة ماكرون في عام 2027، عندما من المتوقع أن تطلق ‏لوبن محاولتها الرابعة لرئاسة فرنسا.‏
 

‏* ما الخطوة التالية بالنسبة لماكرون؟
فاجأ ماكرون البلاد وأغضب العديد من حلفائه السياسيين ‏ومؤيديه عندما دعا إلى انتخابات مبكرة بعد الهزيمة التي ‏تكبدها حزبه أمام حزب التجمع الوطني في انتخابات البرلمان ‏الأوروبي في الشهر الماضي، على أمل أن يفوز على منافسيه ‏في الانتخابات التشريعية.‏

وأيا كانت النتيجة النهائية فإن أجندته السياسية تبدو الآن ميتة، ‏قبل ثلاث سنوات من نهاية رئاسته.‏

ويقول بارديلا إن حزب التجمع الوطني سيرفض تشكيل ‏حكومة إذا لم يفز بالأغلبية، على الرغم من أن لوبن قالت إنها ‏قد تحاول إذا فشلت في ذلك.‏

ورفض رئيس الوزراء غابرييل أتال، الذي يبدو من المرجح ‏أن يفقد منصبه في التغييرات التي تعقب الانتخابات، اقتراحات ‏بأن الوسطيين في حزب ماكرون قد يسعون لتشكيل حكومة ‏مشتركة بين الأحزاب في حالة وجود برلمان معلق. وبدلا من ‏ذلك، فهو يرغب في أن يقوم المعتدلون بتمرير التشريعات ‏على أساس كل حالة على حدة.‏

ومن شأن حصول حزب التجمع الوطني على أغلبية أن يجبر ‏ماكرون على الدخول في "تعايش" محرج مع بارديلا كرئيس ‏للوزراء، في ظل صراعات دستورية شائكة وتساؤلات على ‏الساحة الدولية حول من يتحدث حقا باسم فرنسا.‏

وإذا حُرم حزب التجمع الوطني من الأغلبية ورفض تشكيل ‏الحكومة، فستجد فرنسا المعاصرة نفسها في منطقة مجهولة. ‏وسيكون بناء التحالف صعبا على أي من الكتل نظرا ‏للاختلافات السياسية بينها.‏

ومن شأن حكومة يقودها حزب التجمع الوطني أن تثير ‏تساؤلات كبيرة حول الاتجاه الذي يتجه إليه الاتحاد الأوروبي ‏نظرا لدور فرنسا القوي في التكتل، على الرغم من أنه من ‏شبه المؤكد أن قوانين الاتحاد الأوروبي ستقيد خططه لمكافحة ‏الهجرة.‏

وبالنسبة للكثيرين في مجتمعات المهاجرين والأقليات في ‏فرنسا، فإن صعود حزب التجمع الوطني أرسل بالفعل رسالة ‏واضحة وغير مرحب بها.‏

وقالت سلمى بوزيان، وهي طالبة سينما تبلغ من العمر 20 ‏عاما، في سوق في بلدة جوسانفيل القريبة من باريس "إنهم ‏يكرهون المسلمين، يكرهون الإسلام. إنهم ينظرون إلى ‏الإسلام ككبش فداء لجميع مشاكل فرنسا. لذا فمن المحتم أن ‏يكون لذلك تأثير سلبي على المجتمع المسلم".‏

وتعهّد حزب التجمع الوطني بالحد من الهجرة وتسهيل ‏التشريعات الخاصة بطرد المهاجرين غير الشرعيين وتشديد ‏القواعد المتعلقة بلم شمل الأسرة. وتقول لوبن إنها ليست ‏معادية للإسلام لكن الهجرة خارجة عن السيطرة وإن الكثير ‏من الناس يستفيدون من نظام الرعاية الاجتماعية في فرنسا ‏والخدمات العامة المتداعية.‏
 

اقرأ في النهار Premium