النهار

أذرع إيران تُقلق الأوروبيين... مسار معقّد لتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية
برلين - شادي عاكوم
المصدر: النهار العربي
ينشغل الغرب حالياً بخفض حدّة التصعيد العسكري بين لبنان وإسرائيل، مع تصاعد الإشارات إلى حرب شاملة خطيرة في الأفق، توازياً مع مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
أذرع إيران تُقلق الأوروبيين... مسار معقّد لتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية
تنامي قوة الحرس الثوري يٌقلق أوروبا
A+   A-
 
  تحرّكت ألمانيا اخيراً بين بيروت وتل أبيب، في محاولة لإيجاد صيغة لدرء الأخطار المحتملة نتيجة تزايد الإشارات إلى حرب شاملة وخطيرة بين الجانبين، فيما برزت توازياً مواقف سياسية تطالب بوقف استرضاء محور المقاومة والمضي في تصنيف الإتحاد الأوروبي الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، بفعل تدخّلاته في أوروبا ودعمه أذرع محور المقاومة في المنطقة. 
 
مكائد وخطر
وقدّمت وزارة الخارجية الألمانية، بدعم من عدد من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي أخيراً، طلباً لتصنيف قوات النخبة في الجمهورية الإسلامية منظمة إرهابية، تحت نظام العقوبات الذي فرضه التكتل بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. ووفق "زود دويتشه تسايتونغ"، فإن الحكومة الإتحادية استندت في مبادرتها الى حكم صادر عن المحكمة الإقليمية العليا في دوسلدورف، يتعلق بمواطن ألماني من أصل إيراني حُكم عليه بالسجن لمدة عامين وتسعة أشهر بتهمة محاولة إحراق معبد يهودي. ويزعم الموقع أنه كان وراء الهجوم "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري. وتمّ إبلاغ باقي وزراء الخارجية الأوروبيين الأمر خلال الاجتماع الأخير لمجلس الشؤون الخارجية الذي انعقد يوم 24 حزيران (يونيو) في لوكسمبورغ.
 
وبيّنت تعليقات على الطلب الألماني انه يلبّي المطالبات القانونية لهيئة العمل والخدمة الخارجية الاوروبية. لكن وبحسب الباحث في الشؤون الأوروبية ارنيه مويس، تجب الموافقة بالإجماع من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على التدابير العقابية المحتملة، ناهيك  بأن الأمر يتطلّب أولاً ووفقاً للقانون الأوروبي، إجراء تحقيقات في الأنشطة الإرهابية او صدور أحكام مماثلة في دولة عضو داخل التكتل، وحتى الآن ليس هناك من إجراءات أو حكم في قضية مماثلة بحق الحرس، لكن الأساس القانوني الذي اعتمدته ألمانيا سليم. 
 
إلى ذلك، رأى وزير الدفاع الأسبق فرانز جوزف يونغ المنتمي الى الحزب الديموقراطي المسيحي، أنه يجب حظر الحرس الثوري الإيراني، باعتباره منظمة إرهابية، لأنه يسعّر الصراع في الشرق الأوسط، وتشكّل مكائده خطراً أمنياً على ألمانيا. ومن وجهة نظر يونغ، على الاتحاد الاوروبي الإقدام على خطوة طال انتظارها، لافتاً إلى أن ألمانيا وفي السنوات الأخيرة، كانت هدفاً لعمليات تجسس ذات نوايا ارهابية، وعلى سبيل المثال، فإن الهجوم على الكنيس اليهودي في بوخوم عام 2022 تمّ التحكّم به مباشرة من طهران، فيما كشفت تقارير الاستخبارات الألمانية مراراً وتكراراً، عن جهود إيرانية للحصول على تكنولوجيا محظورة، وهذا ما يهدّد الأمن القومي الألماني.
 
ويعتبر يونغ، أنه و"بعد أكثر من أربعة عقود من استراتيجية الإسترضاء التي غذّت أسوأ عناصر النظام، وفق ما تبرهنه الأوضاع الحالية وحيث تأثرت المصالح الغربية في كل مكان، المطلوب اتخاذ الخطوة الحاسمة وانضمام الأوروبيين إلى القرار الأميركي بحظر الحرس وتصنيفه منظمة إرهابية أجنبية".
 
وفي السياق عينه، بينت قراءات سياسية ألمانية عديدة، أن "نظام الملالي يقوم بتنحية مصالح شعبه جانباً، حتى يتمكن من تمويل المتواطئين في المنطقة وتسليحهم لمصلحة استراتيجية بقائه. وهذا النظام أصبح أكثر تهديداً لأوروبا في الآونة الأخيرة، وبعد تدخّل طهران في مسرح الحرب على حدود الإتحاد، من خلال توفير طائرات من دون طيار لروسيا، تساندها في حربها ضدّ أوكرانيا وللتغلّب على نكساتها". 
 
 سأم ألماني من إسرائيل 
وبخصوص زيارة نائب رئيس الاستخبارات الخارجية الالماني أولي ديهل بيروت اخيراً، أشارت تحليلات إلى أن برلين قد تكون وجدت أن المصلحة تقتضي منها التحرّك عبر جهاز أمني استخباري للتواصل مع "حزب الله"، وليس مع السلطات اللبنانية، لأن هناك قناعة حتى النخاع بأن الحزب العقائدي يتمتع بقدرات قتالية فائقة، ويلقى دعماً عسكرياً مطلقاً من طهران. وجبهة جنوب لبنان يمكن ان تتحول بسهولة إلى"حريق هائل"، سيصيب حملة الرئيس الأميركي الديموقراطي جو بايدن بعطب كبير، والجميع في اوروبا متوجس أساساً من عودة ترامب، ناهيك بأن الأوروبيين منشغلون بحرب وجودية تدور رحاها في أوكرانيا، والخشية دائماً من ارتفاعات قياسية في أسعار النفط والغاز، وبأن تصبح الطرق التجارية أكثر تعثراً، ما ستنسحب تداعياته على الإقتصاد الأوروبي والعالمي. ومن زاوية أخرى، ربما تتطلّع ألمانيا إلى المشاركة في ترتيبات مستقبلية معينة عند الحدود، لاسيما أن قواتها البحرية حاضرة ضمن بعثة "اليونيفيل" في الجنوب اللبناني.
 
ويأتي ذلك أيضاً، بعدما أضحت انتقادات ألمانيا للحكومة الإسرائيلية أكثر وضوحاً وقسوة ضدّ نتنياهو، مع تحذيرات منها لحكومته من مغبة عزل نفسها دولياً، ومن أنه على المدى الطويل لن يكون هناك أمن لاسرائيل إلّا مع الأمن للفلسطينيين، وبعدما دأبت وزيرة الخارجية أنالينا باربوك على القول وبوضوح إن معاناة أهل غزة وسوء معاملة الأسرى الفلسطينيين وغضب المجتمع الدولي لن تساعد إسرائيل ولا تخدم الّا "حماس"، والوضع سيستمر في التصعيد. 
 
وفي الإطار عينه، ووفق ما ذكرت الكاتبة السياسية كيرستين بالزير لشبكة "ايه اردي" الإخبارية، فإنه "لا يمكن الاستنتاج الّا أن الأمر محزن ومحبط بعد زيارة باربوك للمنطقة، وأن حرباً على جبهتين يمكن تصورها تماماً"، وخلصت إلى أنه "إذا ما قمت بزيارة صديق كل شهر وهو في وضع صعب ولم يعد يرغب في الاستماع إلى النصيحة، تصبح اللهجة أكثر حديّة وصدقاً، وهكذا يبدو الأمر الآن بين المانيا وإسرائيل".
 
تجدر الإشارة إلى أنه لم يتمّ الإفصاح في برلين عن مضمون المداولات التي أجراها نائب رئيس الاستخبارات الخارجية الألمانية اولي ديهل في بيروت مع "حزب الله"، وعندما سُئل جهاز الاستخبارات الفيدرالية عن ذلك، أفاد بأنه لا يعلّق بشكل عام علناً على الأمور التي تتعلّق بنتائج او أنشطة استخبارية محتملة. ومعروف أن برلين تصنّف "حزب الله" بجناحيه العسكري والسياسي إرهابياً، وحظّرت أنشطته على أراضيها منذ نيسان (أبريل) 2020.
 

اقرأ في النهار Premium