أحدثت الانتخابات التي أجريت في ايران وفرنسا وبريطانيا، كما في البرلمان الأوروبي، مفاجآت قوية نسفت الكثير من التوقعات ويتوقع أن يكون لها أثر كبير على صناعة القرار داخل البلدان وخارجها في السنوات المقبلة.
ورغم هذه التغيرات الجذرية في المشهد السياسي في دول عدة، لم تتفاعل الاسواق ولا المواطنون بشكل جذري، الأمر الذي يوحي بأن الآمال ليست كبيرة خصوصاً في ظل مشهد اقتصادي كئيب يرخي بثقله على الدول الغنية منها والفقيرة.
ويقول محللون إن مسيرة اليمين المتطرف قد تكون أبطئت ولم تتوقف. ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مجتبى الرحمن، محلل مجموعة أوراسيا
إن "هذه أزمة تأخرت ولم يتم تجنبها" في فرنسا، حيث رفض الناخبون اليمين المتطرف، إلا أنهم صبوا أيضاً غضبهم على الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون، الذي دعا إلى انتخابات مفاجئة.
"التجمع الوطني"
وكانت النتيجة بمثابة خيبة أمل كبيرة لـ"حزب التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان، الذي تقدم بعد الجولة الأولى في 30 حزيران (يونيو). ولكن مع عدم وجود كتلة سياسية تتمتع بالأغلبية وعدم وجود طريق سهل لتشكيل حكومة، تسود فرنسا حالة من الاضطراب السياسي في فترة من عدم الاستقرار الاوروبي والعالمي.
وقال رحمن، المدير الإداري لمجموعة أوراسيا في أوروبا: "هذا ليس وضعاً جيداً لفرنسا ولا لأوروبا أو لحلف شمال الأطلسي". ولفت إلى أن "فرنسا عضو في مجموعة السبع، وعضو دائم في مجلس الأمن (الأمم المتحدة).. أي شيء يضعف إيمانويل ماكرون، أو أي شيء يجبره على إيلاء المزيد من الاهتمام للشؤون الداخلية.. سوف ينقص بالطبع من نفوذه، وكذلك نفوذ فرنسا في العالم”.
في المقابل، تتعهد الحكومة البريطانية الجديدة بإعادة التواصل مع العالم بعد سنوات من انشغال المملكة المتحدة ببريكست.
وسيكون حزب العمال قادراً على تنفيذ سياساته، لكن الصورة أقل استقراراً مما توحي به الأغلبية.
وأجمع مراقبون كثر على أن ما حصل كان تعبيراً عن غضب من المحافظين وتكتيكاً لطردهم، أكثر منه انتصاراً للعمال.
وقال روبن نيبليت، المدير السابق لمؤسسة "تشاتهام هاوس" البحثية، إن أوروبا بشكل عام تحاول التعامل مع فقدان الناخبين الثقة في قدرة الحكومة على التعامل مع العولمة.
وأضاف: "نحن في فترة وعرة للغاية للسياسة الداخلية. لذلك، لا أعتقد أن هذه هي عودة اليسار أيضًا"، مضيفا: "نحن في فترة غير مستقرة ومحفوفة بالمخاطر للغاية، ولكنها فترة أود أن أقول فيها إن أحزاب الاعتدال لا تزال قادرة على امتلاك اليد العليا إذا كان بإمكانها أن تكون مبدعة".
ايران
وفي إيران، ارتبط اسم الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان بحركة تهدف إلى تغيير االحكم الديني في البلاد من الداخل مع السعي إلى تحسين العلاقات مع الغرب - بما في ذلك الولايات المتحدة، العدو اللدود لإيران.
ومع ذلك، ليست الآمال كبيرة لا في الداخل ولا في أوساط المراقبين الدوليين بتحولات كبيرة.
وأفاد مركز صوفان ومقره نيويورك في تحليل له إن بزشكيان "يواجه قيوداً واسعة النطاق على سلطته من خامنئي وكبار مساعديه وحلفائه، وجميعهم من المحافظين المتشددين".
وجاء في التحليل أن "خامنئي أصدر دعوة إلى الوحدة والاستمرارية بعد إعلان النتائج، ونصح الرئيس المنتخب بمواصلة المسار الذي رسمه رئيسي – وهو تحذير غير مباشر لبزشكيان بعدم تجاوز حدود سلطته".