مع تسبب الهجمات الروسية على منشآت الطاقة في انقطاع التيار الكهربائي، تعتمد أوكرانيا على جيرانها في وسط وشرق أوروبا لتوفير هذه الخدمة.
ولجأت أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة إلى فرض قيود على الاستهلاك وتقنين للتيار الكهربائي بشكل متواصل بعد أن كثفت القوات الروسية هجماتها على محطات الطاقة وخطوط النقل في البلاد.
وتم ربط أوكرانيا بشبكة الكهرباء الأوروبية قبل ساعات من بدء الغزو في شباط (فبراير) 2022 بعد الاستعداد لهذه الخطوة منذ عام 2017.
وخُطط لذلك في البداية كاختبار قصير للتشغيل الذاتي، الأمر الذي تطلب فصلها عن الشبكة الروسية، لكنها لم يُعاد ربطها مع غزو القوات الروسية. وبدلاً من ذلك، انضمت إلى الشبكة الغربية بسرعة قياسية، وهو ما أشاد به مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي آنذاك، قدري سيمسون، ووصفه بأنه "عمل سنة في أسبوعين".
وتزايدت واردات أوكرانيا من الكهرباء من جيرانها المجر ومولدافيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا بشكل مطرد منذ أشهر مع تكثيف الهجمات الروسية على نظام الطاقة لديها.
وقالت شركة إكسبرو (ExPro) الاستشارية ومقرها كييف، إن الواردات بلغت في حزيران (يونيو) 858.3 جيغاوات/ساعة، بزيادة قدرها 91 في المئة مقارنة بشهر أيار (مايو).
وتصدرت المجر واردات شهر حزيران (يونيو) بنسبة 42% تقريباً من إجمالي الكمية.
وأكدت شركة "سيبس" السلوفاكية لوكالة "فرانس برس" زيادتها إمدادات الطاقة إلى أوكرانيا من 2.6 جيغاوات ساعة في عام 2023 بأكمله إلى حوالي 40 جيغاوات ساعة في كانون الثاني (يناير) وأيار (مايو) من هذا العام.
ومن ناحية أخرى، رفض البلدان تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا في إطار تعزيز العلاقات الودية مع روسيا.
وقد مكنت الواردات المستندة إلى الاتفاقيات الثنائية أوكرانيا من الحد من انقطاع التيار الكهربائي إلى ساعات معينة من اليوم.
وفي الوقت نفسه، يتقلص الإنتاج المحلي في أوكرانيا.
وقالت مؤسسة "غرين ديل" الأوكرانية للأبحاث إن البلاد أنتجت 96800 جيغاوات/ساعة من الطاقة في عام 2023، بانخفاض من 103800 جيغاوات/ساعة في عام 2022.
وفي عام 2021 قبل الغزو، أنتجت أوكرانيا ما يقرب من 158 ألف جيغاوات في الساعة، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة.
"تقويض" الدفاع
أكد مركز تحليل السياسة الأوروبية ومقره الولايات المتحدة عن المحلل ماسيج بوكوفسكي قوله إن تضاؤل الإمدادات "يقوض القدرات الدفاعية لأوكرانيا ويهدد أمنها بشكل مباشر".
وأضاف أن "البنية التحتية الأساسية معطلة، مما يقلل من القدرة المدنية والاقتصادية على الصمود".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي إنَّ روسيا استهدفت هذا القطاع "للتأثير على الدول وإخضاعها".
وتنفي روسيا استهدافها للبنى التحتية المدنية، ولكن أعلنت وزارة دفاعها مسؤوليتها عن هجمات انتقامية على مواقع الطاقة التي تقول إنها تدعم الجيش الأوكراني.
وتتلقى أوكرانيا أيضاً مساعدات مالية كبيرة ومعدات طاقة من حلفائها في جميع أنحاء العالم.
قدمت ألمانيا أكثر من 450 مليون دولار منذ شباط (فبراير) 2022 لتعزيز قطاع الطاقة وتمويل إصلاحات البنية التحتية والتحول إلى الطاقة الخضراء.
وتقدم وكالة التنمية الألمانية GIZ استشارات بشأن التوفير والقدرة على الصمود، وترسل المعدات والمواد.
قالت متحدثة باسم الوكالة الألمانية للتعاون الدولي لوكالة فرانس برس إن "أكثر من نصف مليون شخص في أوكرانيا يستفيدون من هذا".
وقامت التشيك بشحن العشرات من وحدات التوليد المشترك للطاقة لإنتاج الكهرباء والحرارة من الغاز.
والوحدات الصغيرة الحجم تساعد المدارس والمستشفيات ومراكز التسوق والأسر متنقلة وبالتالي يصعب استهدافها بالصواريخ.
ومولت مؤسسات دولية هذه الإمدادات من بينها يو إس إيد، التي قدمت ما يقرب من مليار دولار لقطاع الطاقة في أوكرانيا منذ بدء الغزو.
وتدير وزارة حماية المناخ النمساوية صندوقا بملايين اليوروهات لمساعدة أوكرانيا على إعادة بناء نظام الطاقة لديها وشراء معدات مثل المولدات.
كما تجري بلغاريا محادثات مع أوكرانيا لبيع مفاعلين نوويين روسيي الصنع بسعر مخفض لمساعدتها على تجديد البنية التحتية للطاقة.
وشحنت دول أوروبية أخرى بما فيها هولندا وبولندا والسويد معدات إلى أوكرانيا، بينما قدمت النروج دعماً مالياً كبيراً.
وقدر البنك الدولي حجم الأضرار التي لحقت بقطاع الطاقة في أوكرانيا بنحو 12 مليار دولار أواخر العام الماضي، قبل فترة طويلة من تصعيد روسيا لهجماتها على البنية التحتية في الربيع الماضي.
ويرى المحلل بوكوفسكي أن "سقوط القنابل الروسية على محطات توليد الطاقة وخطوط الأنابيب الأوكرانية يمثل مشكلة لأوروبا أيضًا، وفي جوانب مختلفة".
وتابع: "لا بد من وضع الأولويات في نصابها الصحيح: فبدون طاقة مستقرة، لن تتمكن أوكرانيا من تحقيق الاكتفاء الذاتي".