اعتقد كيفن جوردن أنه سيمضي فترة تقاعده في الاستماع إلى صوت البحر في منزله الواقع في نورفوك بشرق إنكلترا، لكنّ حلمه انتهي العام الماضي وخسر كل شيء بين عشية وضحاها بعدما تهدّم منزله بسبب تآكل الساحل.
وانضم جوردن الذي يقول إنه لم يتلق أي مساعدة من الدولة، إلى الدعوى القانونية التي أقامتها منظمة "فراندز أوف ذي إيرث" غير الحكومية تتّهم فيها الحكومة بعدم توفير الحماية الكافية للبريطانيين من التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ.
وكان مصير منزل جوردن الواقع على منحدر هش من الرمل والطين، مماثلا لعشرات المنازل الأخرى المطلة على منتجع همسبي.
وروى جوردن البالغ 71 عاما لوكالة فرانس برس: "في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ضربت عاصفة... وبقيت تتزايد شدّتها طوال الليل".
في اليوم التالي، وجد سكان جزءا من الطريق مجروفا بالمياه، والخط الساحلي أصبح أقرب، ما ترك منزل جوردن على مسافة خطوات من الحافة.
عواصف
وأفاد تقرير قدّم إلى مجلس نورفوك في شباط، بأن الساحل المحلي الذي يمتد على أكثر من 150 كيلومترا، هو أحد أكثر المواقع تضررا جراء التآكل في شمال غرب أوروبا.
وتوقّع التقرير ارتفاع مستوى سطح البحر 1,15 متر بحلول نهاية القرن، وإذا لم تُتّخذ أي إجراءات، سيختفي حوالى ألف منزل ومحل تجاري بحلول العام 2105.
واشترى جوردن وهو كهربائي متخصص في الغواصات، المنزل المطل على بحر الشمال بعدما فقد شريكته قبل 15 عاما.
كان يعلم أن هناك خطر التآكل، لكن الخبراء قالوا له وقتها إن لا داعي لأن يقلق بشأن ذلك لمدة 100 عام على الأقل.
بعد العاصفة، تلقى جوردن وأربعة من جيرانه رسالة تطلب منهم الانتقال من منازلهم لأنها ستُهدم في غضون أسبوع.
ونظرا إلى أن المملكة المتحدة لا تقدّم تعويضات لضحايا تآكل السواحل، كان الحل الوحيد المتاح أمام جوردن الذي يعاني مشكلات صحية، استئجار مسكن اجتماعي صغير يبعد كيلومترات.
والآن، لا يرى من نوافذه إلا أبنية من الإسمنت.
وقال جوردن: "في (المنزل) السابق، لم يكن هناك إلا البحر، لم يكن لدي ستائر، وكنت أرى أضواء القوارب في الليل... كان الأمر رائعا".
في العام 2020، قدّرت "مارين كلايمت تشينج إمباكتس بارتنرشب" أن 28% من الساحل في إنكلترا وويلز يتراجع بما لا يقل عن 10 سنتيمترات سنويا بسبب التآكل.
وتتفاقم هذه المشكلة بسبب ظاهرة احترار المناخ، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع مستوى مياه البحر وزيادة العواصف في أشهر الشتاء والصيف.
"مدينة أشباح"
يرتفع عدد سكان همسبي الذين يُعدّون حوالى أربعة آلاف نسمة، ثلاث مرات في الصيف مع قدوم السياح، لكن السكان المحليين يقولون إن مصيرهم لا يمثل أولوية بالنسبة إلى السلطات المحلية.
وقالت لورنا بيفان، صاحبة إحدى الحانات في همسبي: "لِمَ لا يساعدوننا؟ يقول الناس إن ما يحدث هو أمر كان يجب أن نفكر فيه، لكن لم تكن هناك طريقة لتوقع هذا الوضع قبل عشر أو 15 سنة".
وتحوّلت حانتها إلى المقر الرئيسي لمجموعة "Save Hemsby Coastline"، وتعرض خريطة تعود إلى العام 1977 تظهر حوالى 100 منزل مشطوب.
تحارب بيفان ومجموعة من السكان المحليين من أجل تغيير الطريقة التي تخصص بها الحكومة التمويل لبناء دفاعات بحرية.
فلا يحق لهمسبي الحصول على مساعدات لأن القيمة الإجمالية لمتاجرها ومنازلها لا تعدّ كافية لجعلها مؤهلة لذلك.
وسيحضر جوردن إلى المحكمة العليا في لندن الثلاثاء والأربعاء حيث ستجادل منظمة "فراندز أوف ذي إيرث" بأن خطط المملكة المتحدة للتكيف مع تغير المناخ لا تذهب إلى حد حماية الأشخاص المتضررين.
وقال: "في اللحظة التي ستختفي فيها المنتجعات الشاطئية والمتاجر، سيموت كل شيء. ستتحول همسبي إلى مدينة أشباح".