اندلعت أعمال شغب في احتجاجات مناهضة للمهاجرين بمدن وبلدات في شتى أنحاء بريطانيا الأسبوع الماضي، وشنت جماعات يمينية متطرفة هجمات على مساجد وفنادق تؤوي طالبي لجوء.
وفيما يلي تفاصيل عن أسباب اندلاع تلك الاحتجاجات.
لماذا اندلعت الاحتجاجات؟
في 29 تموز (يوليو)، قُتلت ثلاث فتيات تتراوح أعمارهن بين ست إلى تسع سنوات خلال هجوم على حفل راقص للأطفال يستلهم أسلوب تايلور سويفت في بلدة ساوثبورت الساحلية في شمال إنجلترا، وأصيب ثمانية أطفال واثنان من البالغين.
وألقت الشرطة القبض على فتى يبلغ من العمر 17 عاما فيما انتشرت معلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن المشتبه به مهاجر ينتمي إلى التيار الإسلامي، مما أدى إلى احتجاجات عنيفة مناهضة للمسلمين في ساوثبورت في اليوم التالي ومحاولة مهاجمة مسجد البلدة.
ووجهت السلطات لمنفذ الهجوم تهمتي القتل والشروع في القتل. وقالت الشرطة إنه ولد في بريطانيا ولم تعتبر الهجوم جريمة إرهابية.
أين وقعت أعمال الشغب؟
في اليوم التالي لاضطرابات ساوثبورت، تجمع عدة آلاف بالقرب من مكتب رئيس الوزراء كير ستارمر في داوننج ستريت بوسط لندن واعتقلت السلطات أكثر من مئة شخص عقب اشتباكات مع الشرطة.
واندلعت بعد ذلك أعمال شغب في أكثر من 20 موقعا متفرقا في شتى أنحاء بريطانيا، من سندرلاند في شمال شرق إنجلترا ومانشستر في الشمال الغربي إلى بليماوث في الجنوب الغربي وبلفاست في أيرلندا الشمالية.
وشارك في معظم الاحتجاجات بضع مئات من الأشخاص استهدفوا المهاجرين أو المسلمين وأحرقوا مركبات للشرطة وألقوا حجارة وزجاجات على المساجد وضباط الشرطة.
من وراء أعمال الشغب؟
اتهم ستارمر "اليمين المتطرف" بالتسبب في أعمال العنف.
وروّج نشطاء مناهضون للهجرة والمسلمين مثل ستيفن ياكسلي لينون، المعروف باسم تومي روبنسون، للاحتجاجات عبر الإنترنت. واتهمهم الساسة ووسائل إعلام بترويج معلومات مضللة لتأجيج التوتر. واتهم روبنسون وسائل الإعلام بنشر أخبار كاذبة عنه.
واتهمت الحكومة شركات وسائل التواصل الاجتماعي بعدم بذل ما يكفي من الجهد لوقف انتشار المعلومات المضللة، في حين قال معهد الحوار الاستراتيجي إن خوارزميات الشركات لعبت دورا مهما في تضخيم المعلومات الكاذبة.
وقالت الشرطة إن المتورطين في الاشتباكات كانوا في أغلب الأحيان من مثيري الشغب اليمينيين المتطرفين الذين ينشطون خارج مجتمعاتهم المحلية، ولكن في بعض الحالات انضم إليهم أشخاص لديهم مظالم محلية أو شبان يسعون إلى المشاركة في الفوضى.
كما كان هناك عدد كبير من المتظاهرين شاركوا في احتجاجات مضادة، فضلا عن تجمعات لجماعات مناهضة للفاشية وأخرى لرجال آسيويين في مناطق شهدت احتجاجات أو كان من المتوقع أن تُنظم فيها.
لماذا يحتج الناس؟
يصف العديد من المشاركين أنفسهم بأنهم وطنيون يرون أن المستويات القياسية من الهجرة غير الشرعية تقوض المجتمع البريطاني.
ويقول نشطاء من اليمين المتطرف عبر الإنترنت إن الهجرة تغذي العنف والجريمة، بما في ذلك الاعتداءات على النساء والفتيات، وإن الساسة وفروا للمهاجرين مساكن وأحسنوا معاملتهم. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن هذا ببساطة غير صحيح.
كما يتهم البعض من تيار اليمين الشرطة بمعاملة المتظاهرين "الوطنيين" بأسلوب أكثر صرامة من الذي تعاملوا به مع أشخاص شاركوا، على سبيل المثال، في مسيرات مؤيدة لفلسطين في الآونة الأخيرة أو مظاهرات بلاك لايفز ماتر (حياة السود مهمة) في 2020.
ورفضت الحكومة والشرطة هذا التوصيف لأسلوب حفظ الأمن في بريطانيا، ووصفه مارك رولي، مفوض شرطة العاصمة، بأنه هراء.
وتقول جماعات مناهضة للعنصرية إن نهب المتاجر والهجمات على الشرطة والمساجد تكشف الدافع الحقيقي وراء أعمال العنف التي اندلعت في العديد من الاحتجاجات، مضيفة أن شعارات الوطنية تستخدم غطاء للتطرف.
ما التدابير التي تتخذها الحكومة البريطانية حاليا؟
قال ستارمر إن الحكومة ستستخدم كل وسائل إنفاذ القانون للتصدي لمرتكبي أعمال الشغب والسيطرة على حالة الفوضى.
وزادت الحكومة سعة السجون لتستوعب نحو 600 نزيل إضافي مع الاستعانة بضباط متخصصين في التعامل مع الاضطرابات.
وحكمت محكمة ليفربول كراون اليوم الأربعاء على رجل بريطاني، يبلغ من العمر 58 عاما، بالسجن لثلاث سنوات بتهمة إثارة أعمال شغب وعنف، في واحدة من أول الأحكام التي صدرت بشأن أعمال الشغب.
وتوعدت الحكومة بملاحقة ليس فقط مثيري الشغب، وإنما أيضا الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج الاضطرابات.
وعقد وزير العلوم البريطاني بيتر كايل اجتماعا مع ممثلين لشركات تيك توك وميتا وغوغل وإكس لنقل رسالة مفادها أنهم مسؤولون عن المساعدة في وقف التحريض ونشر المعلومات المضللة.