تعرض موقعان عسكريان في ألمانيا لعمليتي تخريب وهجمات على البنية التحتية الحيوية بهدف تلويث مياه الشرب، الأولى استهدفت قاعدة عسكرية للقوات الجوية في الجيش الألماني والثانية قاعدة تابعة للناتو في مدينة غيلزنكيرشن في ولاية شمال الراين فستفاليا.
وتفيد معلومات الشرطة وأمن الدولة عن عملية تخريب في كولن تمثلت بإحداث ثقب في سور بالقرب من محطات المياه التابعة لثكنة الجيش الألماني، حيث تم على الفور ضرب طوق أمني لساعات شاركت فيه مجموعة من مكافحة التجسس. وأُفهم الجنود والمدنيون بعدم استخدام مياه الشرب تحت أي ظرف من الظروف وتم تأمين المياه بالعبوات للجنود.
وتفيد التقارير الواردة من المكان بأن هناك اشتباهاً بأعمال تخريبية ضد القوات المسلحة، وبحسب المتحدثة باسم شرطة كولن، فإنه وفقاً للبوندسفير شوهد دخول شخص غير مصرح له إلى الثكنة، والتحقيق فتح أولاً بسبب التعدي على ممتلكات الغير. وتضم الثكنة في كولن ـ فاهن العديد من مراكز سلطات القيادة، بالإضافة إلى المكاتب العسكرية والمدنية التابعة للجيش وبينها المسؤولة عن رحلات الرئيس الألماني والمستشار شولتس والوزراء ومسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، وبما أن الثكنات مجاورة مباشرة لمطار كولن، فإن وحدة الطيران التابعة لوزارة الدفاع الاتحادية تتمركز أيضاً هناك، وهي تعد 4300 جندي، إلى 1200 موظف مدني.
وفي قاعدة حلف شمال الأطلسي في كيلزنكيرشن، حيث من بين طائرات أخرى، مكان تمركز طائرات الاستطلاع "أواكس" التابعة للناتو وإقلاعها وهبوطها، أفيد بأن الخلفية كانت أيضاً عملاً تخريبياً محتملاً بتلويث المياه فيها، ووفق التقارير ، تم اكتشاف أحد الأشخاص عند السياج الفاصل وأُبعد من الموقع، لكن ولتدارك أي أعمال تخريبية طارئة، اتُّخذت التدابير وجرى الكشف الروتيني على الموقع وفحصت إمدادات مياه الشرب لأسباب تتعلق بالسلامة العامة من دون العثور على أي تشوّهات.
إلى ذلك، برز الجمعة حدث آخر في هذا المجال تمثل بإعلان السلطات الاشتباه بتلويث مياه الشرب في منطقة ميشرنش، حيث مواقع عسكرية تابعة للبوندسفير بمواد كيماوية وبيولوجية غريبة، وبعد فحص عينات أولى منها طُلب من السكان استخدام مياه الصنبور للاستخدام المنزلي فقط، وليس لإعداد الطعام، والعمل جار للتأكد من أن المياه خالية من العيوب البكتيرية، وسط الخشية من تعرض صحة السكان هناك للخطر، والتي قد يتأثر بها أكثر من 10 آلاف شخص، إلى جنود الجيش الموجودين في المواقع العسكرية هناك.
وفي خضم ذلك، قال رئيس لجنة الدفاع في البوندستاغ والمنتمي إلى الحزب الديمقراطي الليبرالي ماركوس فابرلبريلنر تسايتونغ أخيراً، إنه يتم حالياً توضيح الحقائق غير الواضحة بما خص التعرض للموقعين العسكريين. أما المقدم أولريش فونروبرت فأوضح أن الحادثة كانت جد مفاجئة للقيادة، وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء من هذا القبيل في كولن، مشيراً إلى أنه "ليست هناك حالياً إشارات إلى أننا محور لهجمات إرهابية محتملة، ولكن قد نكون على الأرجح في محور الرصد والاهتمام لأنشطة عدائية".
تعزيز مفاهيم الحماية
أمام هذه الوقائع، حذر أمنيون من تمادي محاولات التخريب ضد أهداف عسكرية والبنية التحية الألمانية. واستناداً إلى ما سبق، اعتبر مراقبون أنه يترتب بعد كل ما يحدث تعزيز الدفاع ضد التجسس والتخريب، وأن تسميم مياه الشرب يشكل جزءاً من الترسانة الكلاسيكية للحرب الهجينة، وحقيقة أن الطائرات التي يستخدمها وزراء الحكومة الفدرالية إلى جميع أنحاء العالم تربض في القاعدة الجوية المستهدفة في كولن أمر مثير للقلق أيضاً.
واعتبر الباحث في العلاقات الدولية ميخائيل بروس في حديث إلى "النهار "، أنه ليس من المهم فقط التصدي لروسيا على مستوى حلف الناتو وبالتعاون مع الغرب، بل من المهم رفع مستوى الأمن الاستباقي تجاه جماعات في الداخل تريد خدمة موسكو وتنفيذ مخططاتها في البلاد، وانطلاقاً من أن التقارير الأمنية تفيد بارتفاع وتيرة نشاط استخباراتها في البلاد، فما حصل داخل قاعدة القوات الجوية في كولن فاهن يثبت أن الجيش بات أكثر عرضة للخطر مما كان متوقعاً.
ورغم أنه ليس هناك يقين حتى الآن حول الجهة التي تقف وراء التخريب المحتمل في قاعدة الجيش، إلا أن التحليلات تفيد بأن المسار خلال الأشهر الأخيرة غالباً ما يقود إلى روسيا، لا سيما أن الاستخبارات الروسية اعترضت خلال آذار (مارس) الماضي محادثة مدتها 38 دقيقة بين ضباط رفيعي المستوى في الجيش الألماني نوقشت فيها إمكانية تسليم صواريخ "تاوروس" إلى أوكرانيا، وفي شهر نيسان (أبريل) أُلقي القبض على ألمانيين روسيين كانا يخططان لشن هجمات على شحنات أسلحة إلى أوكرانيا.