أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الأربعاء عن خشيته من صعود اليمين المتطرّف في المملكة المتحدة، وحضّ أحزاباً تقدّمية في أوروبا على توحيد الجهود لمكافحة الشعبوية.
تصريحات ستارمر أدلى بها في ألمانيا حيث يتوقّع أن يحقّق حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف مكاسب كبرى في انتخابات إقليمية ستجرى في ولايتين الأحد، ما سيشكّل نكسة للمستشار أولاف شولتس المنتمي إلى يسار الوسط.
وعقب اجتماع عقده مع شولتس في برلين قال ستارمر "أعتقد أنه يجب أن نكون في المملكة المتحدة على مستوى تحدّي اليمين المتطرف والشعوبية والقومية".
وأضاف "إن لقلقي أسباباً عدّة، يتّصل بعضها بما يحدث في المملكة المتحدة، وبعضها بما ترونه يحدث في بلدان أوروبية أخرى، بما في ذلك فرنسا وألمانيا".
وستارمر هو زعيم حزب العمّال الذي حقّق فوزاً ساحقاً في الانتخابات العامة التي أجريت مطلع الشهر الماضي، ملحقا هزيمة كبرى بالمحافظين، في فوز بات من النادر مؤخراً أن يحقّقه حزب أوروبي من يسار الوسط.
لكن الانتخابات شهدت أيضاً حصد حزب "الإصلاح" المناهض للمهاجرين 14 بالمئة من الأصوات، وفي واحدة من أكبر نسب التمثيل لحزب بريطاني يميني متطرف في تاريخ البلاد.
في الأثناء لم تفض الانتخابات في فرنسا الشهر الماضي إلى غالبية صريحة في الغرفة السفلى للجمعية الوطنية، وقد حصد اليمين المتطرف 140 من أصل 577 مقعداً.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سيلتقيه ستارمر الخميس في باريس في المحطة الثانية من جولته الأوروبية المقتضبة، لم يعيّن بعد رئيساً للحكومة وسط انسداد آفاق الحلول على هذا الصعيد.
وقال ستارمر "أعتقد أنه يجب رفع التحدي بالديموقراطية ومن خلال التقدّميين، ويجب أن نجري نقاشاً مشتركاً حول ما يعنيه هذا الأمر في أوروبا وأبعد منها، وهو ما أتوق لمتابعته مع أحزاب تقدمية".
وأشارت استطلاعات للرأي إلى أن الاختراق الذي حقّقه حزب "الإصلاح" في بريطانيا سببه الاستياء من السياسات السائدة وما أفضت إليه من أزمة غلاء معيشة ومستويات قياسية من الهجرة النظامية وغير النظامية، وتداعيات بريكست.
في وقت سابق من الشهر الحالي اندلعت أعمال شغب مناهضة للمسلمين في مدن في إنكلترا، أطلق خلالها مثيرو شغب هتافات وشعارات مناهضة للمهاجرين على غرار "أوقفوا المراكب"، في إشارة إلى عبور طالبي لجوء القناة (بحر المانش) انطلاقاً من فرنسا.
وحمّلت السلطات مسؤولية أعمال الشغب للتضليل الإعلامي وشخصيات يمينية متطرفة، بينها زعيم حزب "الإصلاح" المشكّك في جدوى الاتحاد الأوروبي نايجل فاراج.
وطاولت أعمال الشغب مساجد وفنادق لإيواء طالبي لجوء وغيرها من المباني والممتلكات، كما وعناصر شرطة.
وذكر ستارمر أنه يعتقد أن "تحقيق النتائج والنزاهة هما السبيل الأمثل للتعامل مع زيت ثعبان الشعبوية والقومية".
في خطاب ألقاه الثلاثاء، حذّر ستارمر من أن حكومته ستعرض في الخريف ميزانية "مؤلمة"، حمّل مسؤوليتها للمحافظين الذين أوصلوا المالية العامة إلى وضعية خطرة.
لكنه حاول إظهار بعض الإيجابية في برلين، إذ أصر على أنه على الرغم من أن الأمور ستسوء في بادئ الأمر، ستكون البلاد في وضعية أفضل خلال خمس سنوات، في نهاية ولاية البرلمان الحالي.
وأشار ستارمر إلى أنه "في الواقع مشروع أمل، لكن يجب أن يبدأ في النواحي الصعبة وبأداء العمل الصعب المتمثل بإزالة العفل في المقام الأول".