النهار

بعد هجوم زولينغن الإرهابي ... ألمانيا تتشدّد في إجراءات الأمن واللجوء وتبدأ الترحيل
برلين - شادي عاكوم
المصدر: النهار العربي
تضمنت "الحزمة الأمنية" للحكومة الإتحادية في برلين مخططا جديدا لسياسة الأمن واللجوء في سبع صفحات شمل ثلاث نقاط تتضمن إجراءات لقانون الإقامة وتسريع عمليات الترحيل وتدابير لجوء متشددة، فضلا عن التعديلات على قانون حيازة الأسلحة، وإلغاء مزايا إجتماعية للاجئين الذين تطلب منهم مغادرة البلاد مع استثناء وحيد بتمويل الإبعاد مع ضمان المعاملة الإنسانية للمرحلين.
بعد هجوم زولينغن الإرهابي ... ألمانيا تتشدّد في إجراءات الأمن واللجوء وتبدأ الترحيل
الشرطة الالمانية ترحل لاجئين أفغان
A+   A-
بعد الهجوم الإرهابي الأسبوع الماضي في مدينة زولينغن الألمانية الذي أودى بحياة 3 أشخاص وجرح 8 آخرين، وبينت التحقيقات أن "المشتبه به الحقيقي" لاجئ سوري تبناه تنظيم "داعش"، أصدرت الحكومة الفدرالية، بفعل الصدمة لدى الرأي العام، الخميس، إجراءات صارمة لمواجهة الواقع والحد من نسبة الجريمة المنظمة، كما منح الأجهزة الأمنية المزيد من الصلاحيات وتسريع عمليات ترحيل المرتكبين والمرفوضين من طالبي اللجوء. 
 
ثلاث نقاط أساسية
تضمنت "الحزمة الأمنية" للحكومة الاتحادية في برلين مخططاً جديداً لسياسة الأمن واللجوء في سبع صفحات شمل ثلاث نقاط تتضمن إجراءات لقانون الإقامة وتسريع عمليات الترحيل وتدابير لجوء متشددة، فضلاً عن التعديلات على قانون حيازة الأسلحة، وإلغاء مزايا اجتماعية للاجئين الذين تطلب منهم مغادرة البلاد مع استثناء وحيد بتمويل الإبعاد مع ضمان المعاملة الإنسانية للمرحّلين. 
 
علاوة على ذلك، تريد الحكومة تسريع إجراءات دبلن الأوروبية، بما في ذلك تعزيز مستوى التنسيق بين السلطات الفدرالية وسلطات الولايات الست عشرة، مع العمل بكثافة لتمكين ترحيل المجرمين المدانين، كما أولئك الذين يشكلون تهديدات أمنية خطيرة، واعتماد مرونة أكبر في عمليات الترحيل إلى أفغانستان وسوريا، وعلى كل من حكم عليه بالسجن أكثر من عامين، كما رفع القيود المفروضة على بعض الجرائم العنفية، إلى توسيع صلاحيات الأجهزة لتحديد هوية اللاجئين، وعلى سبيل المثال من خلال مقارنة البيانات البيرومترية. من جهة أخرى، سيفقد كل من يحمل صفة لاجئ حق الحماية إذا ما تبين أنه زار بلده خلسة، مع الإبقاء على استثناء اللاجئين الأوكرانيين إذا ما كانت الزيارة ضرورية ولأسباب قاهرة، بينها مثلاً ما يتعلق بدفن الأقارب المقربين.
 
وتعتزم الحكومة أيضاً قطع المزايا النقدية عن فئة من طالبي اللجوء، أي أولئك الذين، وفقاً للوائح دبلن، تم تسجيلهم لأول مرة في دولة أخرى داخل الاتحاد الأوروبي والمسؤولة قانوناً عن إعادة قبولهم. وفي هذا الصدد، قال وزير العدل ماركو بوشمان إن الهدف من ذلك هو الضغط على هؤلاء اللاجئين للتواصل مع السلطات أو مغادرة البلاد طوعاً.   
 
أما بالنسبة إلى جهات التحقيق وإنفاذ القانون، فستتوسع صلاحيات السلطات الأمنية لمكافحة الإسلام السياسي، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي، والسماح بالتقييم الآلي، بما في ذلك بيانات الإنترنت للتعرف إلى الوجه. ومستقبلاً، سيكون المحققون قادرين على مقارنة الصور المتاحة للجمهور من الناحية البيومترية مع صور المشتبه بهم أو الأشخاص المطلوبين، وسينبغي أيضاً السماح للمكتب الاتحادي للهجرة المسؤول عن إجراءات اللجوء بالقيام بذلك من أجل التحقق من هوية طالبي الحماية، فضلاً عن توسيع صلاحيات التحقيقات المالية لمكافحة تمويل الإرهاب، مع الاستمرار في متابعة وضع الجمعيات واستخدام أداة الحظر ضدها إذا ما تبين مخالفتها للقوانين وأنها تحض على الكراهية أو تلقيها أموالاً من جهات مشبوهة.
 
ومن المتوقع أن تتوصل مجموعة من الباحثيين والخبراء إلى تحديد كيفية منع تطرف الشباب المسلم في البلاد، وعلى سبيل المثال، عبر وسائل الإعلام والشبكة العنكبوتية. وتزامناً مع كل هذه التدابير، بينت التقارير أنه يتم العمل على إنجاز المفاوضات مع دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي لقبول اللاجئين، بما في ذلك مولودوفا وكينيا والفلبين.
 
وفي ما خص الدفع لحظر جمعيات إسلامية تعتبرها السلطات تحض على العنف والكراهية وتشويه فكر الشباب المسلم في البلاد، حث الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا  عبد الصمد اليزيدي في حديث مع "النهار العربي"، الأجهزة الأمنية على لعب دورها كاملاً، والتشدد في مكافحة هذه الظواهر من دون تمييز، وعلى أن لا يكون هناك حظر لجمعيات إسلامية من دون إثباتات دامغة بحقها، لافتاً إلى أن الأهم الإبقاء على المساجد التابعة لتلك الجمعيات مفتوحة لكي يتمكن الناس من ممارسة شعائرهم الدينية، وبمعنى آخر التقصي عن الأفراد المشتبه بهم والذين يحضون على العنف والكراهية ضد الآخرين، ما يتعارض أساساً مع توجهات المجلس، والتي تقوم على الالتزام بالقوانين ومبادئ المجتمع الحر والتعددي في البلاد. 
 
انتهاك لقانون اللجوء
وانتقد أستاذ علم الاجتماع في جامعة راين ماين والخبير في قانون الهجرة ماكسيميليان بيشل في مقابلة مع شبكة "إيه أر دي" الإخبارية، تدابير "الحزمة الأمنية" للحكومة الاتحادية التي ينبغي بدء العمل بها بعد مناقشتها مع الولايات والاتحاد المسيحي، أكبر أحزاب المعارضة، والتصديق عليها في البوندستاغ، معتبراً أنها تفتقر إلى النقاشات حول الإجراءات العملية للحد من النشاط الإسلاموي في البلاد. وشدد على أن الحزمة تفتقر إلى الموضوعية وتتضمن خرقاً للأسس الدستورية، وبخاصة في ما يتعلق بتخفيضات المساعدات المقدمة للاجئي دبلن، وهذا غير مسموح به بحجة الردع لأنه لا يتوافق مع الكرامة الإنسانية ومتطلبات دولة الرفاهية. كما بينت تعليقات أن خفض المزايا الاجتماعية عن فئة ما يطلق عليهم "لاجئي دبلن" ستكون له تبعات غير مقصودة بمجرد ما يتدنى مستوى معيشتهم بتقليص الإعانات المالية عنهم، وعلى وجه التحديد قد يكون ذلك دافعاً للجريمة وحافزاً للتخفي عن السلطة. 
 
أول ترحيل منذ حكم "طالبان"
ولم تتأخر السلطات الألمانية بعد هجوم زولينغن بتنفيذ أول رحلة ترحيل إلى أفغانستان منذ عودة حركة "طالبان" إلى السلطة، فقد أقلعت، يوم الجمعة الماضي، طائرة مستأجرة من الخطوط الجوية القطرية من مطار لايبزيغ حملت على متنها 28 من المرتكبين الأفغان بعدما تم إحضارهم من سجون عدد من الولايات، بينها بافاريا وبرلين وهيسن وساكسونيا السفلى وشمال الراين فستفاليا. وحصل كل مرحل منهم على ما قيمته 1000 يورو كإعانة للفترة الانتقالية ولضمان الحد الأدنى الإنساني، مستندة في ذلك إلى حكم سابق للمحكمة الإدارية الاتحادية التي قضت بأنه يمكن ترحيل أي شخص إذا كان وجوده آمناً لفترة زمنية وبعد التنبؤ بالمخاطر مع تضمين العودة مساعدة مالية، مع العلم أن هذا التطور المفاجئ في عمليات الترحيل إلى كابول، وليس إلى دول محيطة مثل باكستان أو أوزباكستان كما أفيد في تقارير سابقة، أثار امتعاض جمعيات مدافعة عن حقوق اللاجئين بسبب وجود خطر على حياتهم ومخاوف من انتهاكات لحقوقهم في ظل حكم "طالبان". 

اقرأ في النهار Premium