النهار

دبلوماسي أوكراني لـ"النهار العربي": أبواب النّاتو مفتوحة... إلا أمام كييف
خلدون زين الدين
المصدر: النهار العربي
يوضح الدبلوماسي الأوكراني أن "الخوف من روسيا يشلّ الناتو، ولهذا السبب لن تنضم أوكرانيا إلى الناتو في وقت قريب". يستعيد شوماكوف تصريحاً للرئيس الأميركي جو بايدن في قمة "الناتو" السابقة، رفض فيه إنضمام كييف الى الحلف، ليقول: "بصفة عامة أميركا ضد أوكرانيا الأطلسية".
دبلوماسي أوكراني لـ"النهار العربي": أبواب النّاتو مفتوحة... إلا أمام كييف
دمار أحدثه قصف صاروخي روسي على كييف أمس (أ ف ب)
A+   A-

هناك من يعتقدون جازمين أن انضمام أوكرانيا إلى حلف "الناتو" هو الحل الوحيد لتحصينها في وجه ما يصفونه بالطموحات "الإمبراطورية الروسية". في رأيهم، الحل "الأكثر فعالية" هو "دمج كييف في حلف شمال الأطلسي اعتباراً من 2025"، فهل سيناريو كهذا مُرجّح حقاً؟

 

للإجابة عن السؤال هذا، يعود الدبلوماسي الأوكراني والمستشار السابق لمحافظة خيرسون فولوديمير شوماكوف، في حديث مع "النهار العربي"، إلى أوائل التصريحات الروسية المُتحدّثة عن أن الهجوم على أوكرانيا سببُه المباشر إمكان انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي. في رأي شوماكوف "التصريحات الروسية غير صحيحة. نعم، منذ أوائل التسعينات ترغب كييف بالانضمام إلى الناتو، ومنذ ذلك الحين، ونحن نسمع أن أبواب الحلف مفتوحة، وهي قد تكون مفتوحة إلا أمام كييف... هذا أولاً".

 

من يخاف من؟

يوضح الدبلوماسي الأوكراني أن "الخوف من روسيا يشلّ الناتو، ولهذا السبب لن تنضم أوكرانيا إلى الحلف في وقت قريب". يستعيد شوماكوف تصريحاً للرئيس الأميركي جو بايدن في قمة "الناتو" السابقة، رفض فيه انضمام كييف إلى الحلف، ليقول: "بصفة عامة أميركا ضد أوكرانيا الأطلسية".

 

التصريحات الروسية إذاً بأنها هاجمت أوكرانيا بسبب "الناتو" هي "هراء"، بحسب وصفه، فـ"إذا كان هذا هو السبب، فلماذا لم تهاجم روسيا فنلندا التي دخلت إلى الناتو قبل عام؟ المسافة بين سان بطرسبورغ وفنلندا هي 150 كيلومتراً، والحدود الفنلندية - الروسية أطول من الحدود الأوكرانية - الروسية". علاوة على ذلك، يتابع: "نحن نشاهد أن روسيا سحبت قواتها من محافظة سان بطرسبورغ لترسلها إلى عمق المناطق المحتلة في أوكرانيا، وهذا يعني أن روسيا لا تخاف الناتو، بل على العكس، الناتو يخاف روسيا. والدليل أن بولندا وهي دولة في الناتو وكذلك رومانيا، يخاف الحلف استهداف المسيرات والصواريخ الروسية العابرة أجواءها. في المقابل، هل روسيا تخاف الناتو؟ الجواب لا؛ فإذا دخلت صواريخ الناتو ومسيراته الأجواء الروسية هل تستهدفها روسيا؟ أكيد، ومن دون أي شك".

 

دليل سوفياتي

يقول شوماكوف لـ"النهار العربي" إن "أغلبية ساحقة من الدول الاشتراكية (سابقاً) احتمت تحت مظلة الناتو، مثل: بولندا، رومانيا، المجر، سلوفاكيا، ليتوانيا، لاتفيا، إستونيا، لماذا؟ بسبب طموحات الإمبراطورية الروسية، وأوكرانيا تعرف هذا. وأيضاً ترغب في الدخول في الناتو، ولكن الناتو لا يرغب بذلك".

 

بصفة عامة، ثمة حلّ وحيد أمام أوكرانيا اليوم، يقول الدبلوماسي الأوكراني، وهو: "طرد روسيا من الأراضي الأوكرانية، والانضمام إلى الناتو، لأنه مثلاً إذا طَرَدَت أوكرانيا غداً روسيا من الأراضي الأوكرانية فبعد سنة أو اثنتين ستهاجم موسكو كييف مرة ثانية، لماذا؟ لأن روسيا ترغب بإعادة بناء الاتحاد السوفياتي، وعودة كل الدول الاشتراكية والسوفياتية السابقة إليها - كما يقول - ولهذا السبب قبل هجوم أوكرانيا، طلب بوتين من الناتو انسحاب قوات الحلف إلى حدود 1991، أي إلى حدود منطقة نفوذ الاتحاد السوفياتي".

 

اقتراح مدعوم

أوكرانيا تقدمت باقتراح إلى "الناتو" يقول بإمكان حصول كييف على ضمانات أمنية من الحلف، "ليس لكل الأراضي الأوكرانية بل للأراضي التي هي الآن تحت سيطرة أوكرانيا". اليوم، احتمالية انضمام أوكرانيا إلى الحلف متراجعة جداً، ولكن في المستقبل أوكرانيا يمكن أن تحصل على هذه الضمانات؛ فهناك بعض التصريحات من رؤساء غربيين، كرئيس التشيك بيتر بافيل، تقول بضرورة إعطاء ضمانات لأوكرانيا للأراضي التي هي تحت السيطرة الأوكرانية.

 

"من هنا من المرجح أنه في قمة الناتو المقبلة ستحصل أوكرانيا، ليس على ضمانات، ولا حتى على مجرد ترشيح للانضمام إلى الناتو، بل ستحصل على عروض لحمايتها أكثر، ومنها عروض أسلحة وذخائر... وهي مجرد وعود، ولا يعني أن الناتو سينفذها، فنحن (كأوكرانيين) تابعنا الكثير من التصريحات الشعبوية من قادة غربيين، ولكن في نهاية المطاف أوكرانيا لا تحصل عليها"، يقول.

 

الطريقة الأضمن

في مقالة رأي له، كتب المؤرخ أنطوان أجاكوفسكيي في "لوموند" الفرنسية أن "عضوية أوكرانيا في حلف الأطلسي ستكون الطريقة الأضمن لإحباط خطط فلاديمير بوتين؛ فمثلاً، منذ شباط (فبراير) 2022، يطالب الأوكرانيون بصوت عالٍ بحماية سمائهم، بالإضافة إلى ذلك، تحتاج أوكرانيا إلى أسلحة بعيدة المدى والحصول على إذن من شركائها لضرب الأهداف الروسية بها، ولكن كل شيء يحدث وكأننا في الغرب نواصل اعتبار هذه الحرب مسرحاً خارجياً".

 

يتابع المؤرخ: "في الوقت الحالي، ينفق الاتحاد الأوروبي أقل من 0.1% من ثروته لدعم أوكرانيا عسكرياً، ولذلك فإن هناك حاجة ملحة لتغيير موقفنا جذرياً. نحن لا ندفع الدكتاتوريات الشمولية (بحسب وصفه) إلى الوراء من خلال سياسة تجنب المواجهة، بخاصة عندما نكون أكثر قوة. الحل الأكثر فعالية، والذي تدعمه فرنسا، لوضع حد للهجوم الروسي، يتلخص في دمج أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي عام 2025 في القمة المقبلة في لاهاي". 

اقرأ في النهار Premium