نقلت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير أجنبية عن ضربة إسرائيلية على إيران اليوم الجمعة في غياب التصريحات الرسمية، بينما قللت تقارير التلفزيون الإيراني من أهمية الهجوم حتى أن كثيرا منها لم يذكر "الكيان الصهيوني"، وهو الاسم الذي تستخدمه إيران في وصف إسرائيل.
ويبدو أن الضربة التي وقعت في مدينة أصفهان بوسط إيران لم تسبب أي أضرار جسيمة، وتشير الطريقة الهادئة التي تعامل بها البلدان مع التقارير بخصوص الهجوم إلى نيتهما عدم التصعيد على الأقل في الوقت الحالي.
ووصف أحد سكان أصفهان في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الانفجارات التي وقعت في الساعات الأولى من الصباح بأنها "ليست أكثر من مفرقعات نارية".
وأحجم الجيش الإسرائيلي ووزارتا الخارجية في البلدين عن التعليق على الهجوم. ولم تصدر بعد أي تصريحات علنية من كبار السياسيين باستثناء وزير الأمن الوطني الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير الذي كتب منشورا من كلمة واحدة على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" هي "ضعيف!".
واستشهدت وسائل إعلام إسرائيلية بتقارير من صحيفتي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" نقلت تأكيد مسؤولين إسرائيليين لم تذكر أسماءهم بأن إسرائيل تقف وراء الهجوم، لكنهما لم تنشرا تأكيدا رسميا.
ودأبت إسرائيل على الغموض بشأن قضايا مثل الأسلحة النووية والعمليات الاستخباراتية، ويبدو أن الصمت جزء من رسائلها.
ونقل كاتب رأي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكبر صحيفة إسرائيلية، قبل وقوع الهجوم عن مسؤول قوله إن إسرائيل خططت "لعملية دقيقة".
وقال الباحث في سياسات الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حسن الحسن: "أعتقد أنها في الأساس رسالة تحذيرية مفادها أن إسرائيل يمكنها الرد والوصول إلى إيران إذا أرادت، لكنها لا تريد توسيع رقعة الصراع في الوقت الحالي".
وكشف مسؤول إيراني كبير بكل وضوح عما تنوي طهران القيام به حين قال لـ"رويترز" إنها لا تعتزم الرد الآن.
وبدا أن وسائل الإعلام الإيرانية تقلل من أهمية الواقعة. وفي التصريحات الرسمية، لم يكن هناك أي ذكر تقريبا لأن إسرائيل - أو "الكيان الصهيوني" - تقف وراءها. واستضاف التلفزيون الرسمي محللين شككوا جميعهم في حجم الواقعة.
وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية: "هناك اختلاق ملحوظ لتضخيم حجم واقعة".
وكان الهجوم هو أحدث ضربة متبادلة بعد مقتل سبعة ضباط إيرانيين في غارة على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق، الأمر الذي أثار مخاوف من تحول الحرب في غزة إلى صراع إقليمي واسع.
ورغم أن إسرائيل لم تؤكد مطلقا أنها كانت وراء الهجوم الذي وقع في الأول من نيسان (أبريل)، أطلقت إيران وابلا من مئات الطائرات المسيرة والصواريخ ردا على الهجوم أسقطتها الدفاعات الجوية لإسرائيل وحلفائها بنجاح.
ويبدو أن رد فعل إيران يشير أيضا إلى أنها لا تريد أن يتطور الرد المتبادل إلى ما هو أكثر من ذلك.
وقال رئيس برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد، مركز أبحاث، جوناثان لورد: "يبدو أن هذا يشير إلى أن إيران تسعى إلى اتخاذ خطوة للوراء والتقليل من تأثير الهجوم وربما التراجع عن دوامة التصعيد".
واختار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عدم قطع رحلته إلى إقليم سمنان بوسط البلاد، في إشارة إلى أن البلاد ليست في حالة تأهب قصوى. وفي إسرائيل، لم تصدر قيادة الجبهة الداخلية أي تعليمات جديدة للسكان.
ويبدو أن استطلاعات الرأي في إسرائيل لا تظهر رغبة كبيرة في الانتقام، إذ أظهر استطلاع أمس الخميس أن 48 في المئة يؤيدون الرد حتى لو كان ذلك يعني توسيع الصراع بينما يفضل 52 في المئة عدم الرد.
وقال بافلو تسوك وهو من سكان وسط إسرائيل: "نحن على ما يرام، يمكنك أن تنظر حولك، نحن سعداء هنا، ليس بسبب الهجوم ولكن أعتقد أن الوضع في الشرق الأوسط معقد ولكن إسرائيل ستنتصر دائما وعلى الجميع أن يعرفوا ذلك".
وأضاف: "لذا، استمتعوا بيومكم وأتمنى أن يفهم الناس في إيران أننا لا نسعى إلى الحرب ولكننا نسعى إلى السلام ونريد أن ننعم بالأمن، لذا افهموا ذلك".
رئيسي يلقي خطابا لا يتطرق فيه إلى الانفجارات
ألقى الرئيس الإيراني كلمة صباح الجمعة لم يتطرق فيها إلى الانفجارات التي سمع دويها في وسط البلاد ولم تربطها السلطات بالتوتر مع إسرائيل.
وتحدث رئيسي أمام مئات الأشخاص الذين تجمعوا في مدينة دامغان (شمال شرق) باقتضاب عن الوضع الدولي المتوتر في الشرق الأوسط بعد الهجمات غير المسبوقة بمسيرات وصواريخ إيرانية على اسرائيل.
وقال إن هذه العملية التي نفذت في 13 نيسان "عكست سلطتنا والإرادة الحديدية لشعبنا ووحدتنا"، مؤكدا أن "جميع شرائح المجتمع وجميع الاتجاهات السياسية متفقة على أن العملية عززت قوة وسلطة الجمهورية الإسلامية".
ولم يشر الرئيس إلى الانفجارات التي سُمع دويها بالقرب من مدينة أصفهان بوسط البلاد وقال مسؤولون أميركيون إنها هجوم إسرائيلي.
وقال المتحدث باسم وكالة الفضاء الإيرانية حسين داليريان إن "المعلومات الواردة من وسائل الإعلام الأميركية ليست دقيقة"، موضحا أنه "لم تقع حتى الآن أي هجمات جوية من خارج الحدود ضد أصفهان أو أجزاء أخرى من البلاد".
وأضاف في رسالة نشرت على منصة "إكس": "لم يقوموا سوى بمحاولة فاشلة ومهينة لتحليق مسيّرات رباعية وتم إسقاطها"، من دون أن يذكر تفاصيل عن المسؤولين عن هذه الأعمال.
من جهته، صرح القائد العام للجيش عبد الرحيم موسوي إن "الانفجار الذي وقع اليوم في سماء أصفهان ناجم عن إطلاق أنظمة الدفاع الجوي على جسم مشبوه ولم يتسبب في أي حادث أو أضرار"، كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية تسنيم.
وأضاف أن "الخبراء يدرسون حجم المشكلة وسيتحدثون بعد تلقي النتائج".
وتابع موسوي بشأن الرد المحتمل الذي قررته طهران: "رأيتم رد فعل إيران".