أظهر قرار إيران بإطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة في أول هجوم مباشر لها على إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر، مخاطرة تعيد التركيز على البرنامج النووي الإيراني وما إذا كانت مستمرة في الامتناع عن تطوير قنبلة نووية.
ويعتقد مراقبو التطوير النووي الإيراني أن كبار قادة البلد يعتقدون أن تكاليف بناء قنبلة نووية تفوق فوائدها. وباعتبار إيران قوة نووية تتمتع بقدرات أسلحة في متناول اليد، فهي لديها قدر كبير من قوة الردع من دون المجازفة بالحرب التي قد تندلع إذا كشفت عن محاولة لصنع قنبلة نووية.
لكن هذه الفرضية اهتزت هذا العام. ومع تصاعد التوتر مع إسرائيل، أدلى كبار المسؤولين الإيرانيين بسلسلة من التصريحات أشارت إلى أن طهران تقترب من إتقان الجوانب الفنية لصنع قنبلة نووية.
وقبل ساعات من الرد الإسرائيلي على إيران، قال ضابط كبير في "الحرس الثوري" إن طهران قد تتراجع عن ضبط النفس بشأن بناء قنبلة إذا ضربت إسرائيل منشآتها النووية.
واستهدف رد إسرائيل المحدود أهدافاً حول أصفهان، حيث تمتلك إيران منشآت نووية، لكنها لم تهاجم هذه المواقع مباشرة.
وقال راز زيمت، كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي، إن التصعيد بين إيران وإسرائيل قد يعزز الدعوات الإيرانية للتسلح، مضيفاً مع ذلك أن مخاطر هذه الخطوة لا تزال تفوق فوائدها، فمن المرجح أن تعيد القيادة الإيرانية النظر في نهجها النووي.
ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، لكنها تنتهج سياسة عدم تأكيد أو نفي وجودها.
وقبل الضربة المباشرة هذا الشهر، كانت إيران تواجه إسرائيل في المقام الأول عبر شبكة من الحلفاء الإقليميين واستخدمت التهديد بإشراك هذه الميليشيات، ولا سيما "حزب الله"، لردع أي عمل عدواني إسرائيلي.
والواقع أن فشل إيران في إلحاق الضرر بالمواقع العسكرية الإسرائيلية في هجمات هذا الشهر قد يقنع طهران بالسعي إلى الحصول على رادع أكثر قوة. وأشار زيمت إلى أن التحديات في السيطرة على شبكة الحلفاء وتشغيلها، التي لا تتوافق مصالحها دائماً مع مصالح طهران، قد تزيد أيضاً من الضغط على إيران للسعي إلى الحصول على قنبلة نووية.
وقد غذى المسؤولون الإيرانيون مثل هذا التفكير بنمط من الإشارات إلى القدرات شبه النووية التي تمتلكها إيران. وقال نائب الرئيس الإيراني السابق علي أكبر صالحي، وهو شخصية رئيسية في النشاط النووي الإيراني السابق، إن إيران تجاوزت "جميع عتبات العلوم والتكنولوجيا النووية"، وهي التعليقات التي رددها لاحقاً الرئيس الحالي للوكالة الذرية الإيرانية محمد إسلامي.
واستبعدت أجهزة الاستخبارات الأميركية ومسؤولون دوليون استئناف إيران برنامج الأسلحة النووية الذي يُعتقد أنها اتبعته في تسعينات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، فقد تقدمت إيران على عدة جبهات ضرورية لتطوير قنبلة نووية، بما في ذلك الدراسات والأنشطة التي تقول إنها أعمال مدنية.
وقال ديفيد أولبرايت، رئيس "معهد العلوم والأمن الدولي"، إن إيران تحتاج إلى ستة أشهر فقط حتى تتمكن من تصنيع عدد قليل من القنابل الأساسية.
وزادت طهران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وهو ما يقرب من المعدل المستخدم في تصنيع الأسلحة، كما أنها أنهت مراقبة الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة لبعض البنية التحتية للتخصيب، مثل مصانع لأجزاء أجهزة الطرد المركزي، التي كانت تعمل في السابق بموجب الاتفاق النووي.
وحذر المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي الشهر الماضي من أن خفض رقابة الوكالة لأنشطة إيران يعني أنها قد لا تكون قادرة على ضمان بقاء برنامج طهران النووي سلمياً.
ولا شك في أن عواقب محاولة صنع قنبلة قد تكون وخيمة. وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بمنع طهران من إنتاج أسلحة نووية، كما قال مسؤولون إسرائيليون إنهم سيتحركون عسكرياً لمنع إيران من تصنيع قنبلة نووية.
ومن المرجح أن يؤدي تطوير إيران للأسلحة النووية الأساسية، أو حتى تقديم دليل على إجراء تجربة نووية ناجحة تحت الأرض، إلى التسريع في أزمة دولية وتعقيد الرد العسكري.