النهار

رئيسي... لم يتساهل مع الاحتجاجات ولا في المحادثات النووية
المصدر: رويترز
صرح مسؤول إيراني كبير بأن رئيسي توفي جراء تحطم الهليكوبتر التي كانت تقله في طريقه للعودة من زيارة للحدود الأذربيجانية في منطقة جبلية، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها. ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان من بين القتلى.
رئيسي... لم يتساهل مع الاحتجاجات ولا في المحادثات النووية
جانب من المظاهرات الإيرانية عام 2022.
A+   A-
توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن 63 عاماً بعدما تدرج في نظام رجال الدين من مدع عام متشدد إلى رئيس لا يعرف الحلول الوسط، وأشرف على حملة قمع للاحتجاجات في الداخل وخاض بقوة غمار المحادثات النووية مع القوى العالمية معززاً بذلك فرصه ليصبح الزعيم الأعلى المقبل.

وصرح مسؤول إيراني كبير بأن رئيسي توفي جراء تحطم الهليكوبتر التي كانت تقله في طريقه للعودة من زيارة للحدود الأذربيجانية في منطقة جبلية، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها. ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان من بين القتلى.

وجرى انتخاب رئيسي عام 2021 بعد عملية انتخابية فرضت السلطات قبضتها عليها، واتخذ موقفاً متشدداً في المفاوضات النووية إذ كان يرى أفقاً للحصول على تخفيف واسع النطاق للعقوبات الأميركية مقابل فرض قيود متواضعة فقط على البرنامج النووي الذي يسجل تطوراً متزايداً.

وزادت حماسة المتشددين في إيران بعد انسحاب القوات الأميركية بشكل فوضوي من الجارة أفغانستان فضلاً عن التحولات السياسية في واشنطن.

وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب من اتفاق أبرمته طهران مع القوى الست وأعاد العقوبات الأميركية الصارمة على الجمهورية الإسلامية، مما دفع طهران إلى الدخول في انتهاكات تدريجية للقيود النووية التي اشتمل عليها الاتفاق.

وتعثرت بعد ذلك المحادثات غير المباشرة بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وطهران لإعادة إحياء الاتفاق.

وبدا توجه رئيسي المتشدد جلياً أيضاً في السياسة الداخلية. فبعد عام على انتخابه، أمر رجل الدين متوسط المرتبة السلطات بتشديد تطبيق (قانون الحجاب والعفة) الإيراني الذي يضع قيوداً على ملابس المرأة وتصرفاتها.

ولاحقاً، توفيت شابة إيرانية كردية تدعى مهسا أميني بعد أن ألقت شرطة الأخلاق القبض عليها بتهمة انتهاك هذا القانون.
 

وأشعلت وفاتها فتيل احتجاجات استمرت لأشهر في أنحاء البلاد وشكلت أحد أخطر التحديات التي واجهها الحكام من رجال الدين في الجمهورية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وقُتِل مئات الأشخاص، بحسب جماعات حقوق الإنسان، من بينهم العشرات من أفراد الأمن الذين شاركوا في حملة قمع شرسة ضد المتظاهرين. وشدد الرئيس على أن "أعمال الفوضى غير مقبولة".

ورغم أنه كان حديث عهد بالساحة السياسية، فقد تمتع رئيسي بدعم كامل من خامنئي المناهض للغرب في كل من موقفه تجاه الملف النووي والحملة الأمنية.

وخامنئي، وليس رئيس الجمهورية، هو صاحب القول الفصل في جميع الأمور السياسية بإيران التي يوجد بها نظام سياسي منقسم بين المؤسسة الدينية والحكومة.

وقاد فوز رئيسي في الانتخابات، بعد استبعاد هيئة رقابية للمنافسين المحافظين والإصلاحيين ذوي الوزن الثقيل، إلى وضع جميع أذرع السلطة في يد المتشددين الموالين لخامنئي وعزز فرص رئيسي في خلافة خامنئي في منصب الزعيم الأعلى.

إلا أن الاحتجاجات واسعة النطاق ضد حكم رجال الدين والإخفاق في النهوض بالاقتصاد الإيراني المتعثر، على خلفية العقوبات الغربية وسوء الإدارة، ربما قللت من شعبيته في الداخل.
 

"عمود للنظام"
تقول منظمات لحقوق الإنسان إنَّ رئيسي، الذي عمل في شبابه مدعياً في طهران، كان عضواً في لجنة أشرفت على إعدام مئات المعتقلين السياسيين في العاصمة الإيرانية عام 1988 إبان انتهاء حرب إيران مع العراق التي استمرت ثماني سنوات.

ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، فقد شهدت تلك الفترة إقامة محاكم تفتيش عُرفت باسم "لجان الموت" في جميع أنحاء إيران.
 
وكانت تضم قضاة من رجال الدين وممثلين للادعاء العام ووزارة المخابرات لتحديد مصير آلاف المعتقلين في محاكمات تعسفية كانت تستمر بضع دقائق فقط.

ورغم أنه لم يتم تأكيد عدد من قتلوا في أنحاء إيران، فإن منظمة العفو الدولية تقول إنَّ التقديرات تشير إلى أن العدد قريب من الخمسة آلاف.

ورداً على سؤال حول مزاعم أنه لعب دورا في أحكام الإعدام، قال رئيسي للصحافيين في عام 2021: "إذا دافع قاض، مدع عام، عن أمن الشعب، فإنه يتعين الإشادة به… أنا فخور لأنني دافعت عن حقوق الإنسان في كل منصب توليته حتى الآن".

وتدرج رئيسي في صفوف رجال الدين الشيعة في إيران إلى أن عينه خامنئي في منصب رئيس السلطة القضائية عام 2019. وبعد ذلك بوقت قصير، جرى انتخابه نائباً لرئيس مجلس الخبراء، وهو هيئة دينية تتألف من 88 عضواً ويقع على عاتقها انتخاب الزعيم الأعلى المقبل.

وقال هادي غائمي المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك إنَّ "رئيسي هو أحد أعمدة نظام يسجن ويعذب ويقتل الأشخاص الذين يتجرأون على انتقاد سياسات الدولة". وتنفي إيران من جانبها تعذيب المعتقلين.

وجمعت الشكوك العميقة تجاه الغرب بين كل من رئيسي وخامنئي. ورئيسي شعبوي مناهض للفساد دعم حملة خامنئي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الاقتصاد واستراتيجيته المتمثلة في دعم قوات تعمل بالوكالة في أنحاء الشرق الأوسط.

وعندما أدى هجوم صاروخي إلى مقتل مسؤولين كبار في الحرس الثوري الإيراني في السفارة الإيرانية في دمشق في نيسان (أبريل)، ردت إيران بقصف جوي مباشر غير مسبوق، وإن كان غير ناجح إلى حد كبير، على إسرائيل.
 

وهدد رئيسي بأن أي رد إسرائيلي على الأراضي الإيرانية قد لا يُبقي شيئاً من "الكيان الصهيوني".

وقالت سنام وكيل نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس "رئيسي شخص يثق به خامنئي... رئيسي قادر على حماية إرث الزعيم الأعلى".

وشغل رئيسي منصب نائب رئيس السلطة القضائية لعشر سنوات قبل أن يتم تعيينه مدعياً عاماً في عام 2014. وبعد هذا بخمس سنوات، فرضت الولايات المتحدة عليه عقوبات على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان تتضمن إعدامات الثمانينيات.

وفي سعيه لمنصب الرئيس، خسر رئيسي أمام المرشح البراجماتي حسن روحاني في انتخابات عام 2017. وأرجع متابعون فشله على نطاق واسع إلى تسجيل صوتي يعود لعام 1988 وظهر في 2016 وتردد أنه أماط اللثام على دوره في عمليات الإعدام التي نُفذت عام 1988.

وفي التسجيل، تحدث آية الله حسين علي المنتظري الذي كان يشغل منصب نائب الزعيم الإيراني في تلك الفترة عن عمليات القتل. وجرى إلقاء القبض على نجل المنتظري وسجنه بسبب نشره للتسجيل.

ولد رئيسي عام 1960 لعائلة متدينة في مدينة مشهد المقدسة لدى الشيعة. وفقد والده وهو في الخامسة من عمره لكنه سار على خطاه ليصبح رجل دين.

وشارك عندما كان طالباً في مدرسة دينية بمدينة قم في الاحتجاجات ضد الشاه المدعوم من الغرب خلال ثورة 1979. ودعمته علاقاته مع رجال الدين ليكون شخصية موثوقة في السلطة القضائية.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium