شارك آلاف الإيرانيين اليوم الثلثاء في مراسم لتشييع الرئيس إبراهيم رئيسي في مدينة تبريز، بعد أن لقي حتفه في تحطم طائرة هليكوبتر بالقرب من حدود أذربيجان يوم الأحد مع وزير الخارجية وسبعة آخرين.
وبث التلفزيون الحكومي لقطات مباشرة للمشيعين الذين ارتدى كثيرون منهم ملابس سوداء وهم يحتشدون حول شاحنة مغطاة بالزهور البيضاء تحمل النعوش الملفوفة بالعلم الإيراني وتسير ببطء.
وقال النائب مسعود بزشكيان من تبريز: "جاء الجميع لتوديع الرئيس الشهيد ورفاقه بغض النظر عن الانتماء أو العرق أو اللغة".
ورغم أن التلفزيون الرسمي تحدث عن حشود كبيرة خلال المراسم في تبريز، فإن مصادر مطلعة أشارت لتباين شديد في حالة الحزن الشعبي مقارنة بجنازات سابقة لشخصيات بارزة أخرى في تاريخ الجمهورية الإسلامية الممتد على مدى 45 عاما.
وبينما أعلنت إيران الحداد لخمسة أيام على رئيسي، لم تصدر كلمات رثاء تذكر مقارنة بتلك التي صدرت عند مقتل قاسم سليماني القائد الكبير في الحرس الثوري الإيراني في ضربة أميركية عام 2020 في العراق وشيعت جنازته حشود غفيرة انتحبت من الحزن والغضب.
وتم نقل جثمان رئيسي جوا من تبريز، أقرب مدينة رئيسية للموقع النائي الذي تحطمت به الطائرة، إلى مطار طهران ثم إلى مدينة قم المقدسة لدى الشيعة. ومن هناك، سيعاد الجثمان إلى طهران لتقام صلاة الجنازة في المصلى الكبير قبل أن ينقل إلى مسقط رأسه مدينة مشهد شرق إيران ليوارى الثرى يوم الخميس.
وحمل المشيعون لافتات تحمل صور رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وإمام جمعة مدينة تبريز ومسؤولين آخرين لقوا حتفهم أيضا في الحادث.
تفاقم الأزمة
جاءت وفاة الرئيس في وقت تتفاقم فيه الأزمة بين القيادة الدينية والمجتمع ككل حول قضايا تتراوح بين تشديد الضوابط الاجتماعية والسياسية إلى الصعوبات الاقتصادية.
ومن أجل استعادة الشرعية المتضررة في أعقاب نسبة المشاركة الأدنى تاريخيا في انتخابات برلمانية والتي شهدتها انتخابات آذار (مارس) وبلغت نحو 41%، سيتعين على حكام إيران العمل على إثارة الحماس الشعبي من أجل ضمان مشاركة عالية في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي من المقرر أن تعقد في الثامن والعشرين من حزيران (يونيو).
لكن الإيرانيين لم ينسوا بعد الذكريات المؤلمة لطريقة التعامل مع الاضطرابات التي شهدتها البلاد وأشعل فتيلها وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد احتجاز شرطة الأخلاق لها عام 2022، والتي تم السيطرة عليها بعد حملة قمع عنيفة نفذتها السلطات وشملت اعتقالات جماعية وحتى عمليات إعدام.
وقد يؤدي الغضب الشعبي واسع النطاق إزاء تدهور مستويات المعيشة وتفشي الفساد إلى عزوف كثير من الإيرانيين عن المشاركة في الانتخابات.
ويقول بعض المحللين إن الملايين فقدوا الأمل في أن يتمكن رجال الدين الذين يحكمون البلاد من حل الأزمة الاقتصادية وسط مزيج من العقوبات الأميركية وسوء الإدارة والفساد.
وأخذ رئيسي على عاتقه تنفيذ السياسات المتشددة لمعلمه الناصح الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي التي تهدف إلى ترسيخ السلطة الدينية وقمع المعارضين وتبني موقف متشدد بشأن قضايا السياسة الخارجية مثل المحادثات النووية مع واشنطن لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
ويجب أولا أن يخضع أي مرشح يخوض غمار السباق إلى فحص دقيق من قبل مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة رقابية متشددة كثيرا ما استبعدت حتى مسؤولين محافظين وإصلاحيين بارزين، مما يعني أنه من غير المرجح أن يتغير الاتجاه العام للسياسة.
وبينما كان ينظر إليه على نطاق واسع على أنه المرشح الأبرز لخلافة الزعيم الأعلى البالغ من العمر 85 عاما، قال مصدران إن اسم رئيسي حُذف من قائمة المرشحين المحتملين قبل حوالي ستة أشهر بسبب تراجع شعبيته.
وقال محللون إن وفاة رئيسي أثارت "حالة كبيرة من عدم اليقين" فيما يتعلق بخليفة الزعيم الأعلى، مما يثير تنافسا في معسكر المتشددين حول من سيخلف خامنئي في المنصب الذي يجعل شاغله صاحب القول الفصل في أمور البلاد.