تضغط إدارة بايدن على الحلفاء الأوروبيين للتراجع عن خطط توبيخ إيران بسبب التقدم الذي أحرزته في برنامجها النووي، وذلك في إطار سعيها لمنع تصاعد التوتر مع طهران قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخريف، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن دبلوماسيين مشاركين في المناقشات.
وقال الدبلوماسيون إن الولايات المتحدة تجادل ضد مسعى بريطانيا وفرنسا لتوجيه اللوم لإيران في مجلس الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أوائل حزيران (يونيو). وأضافوا أن الولايات المتحدة ضغطت على عدد من الدول الأخرى للامتناع عن التصويت على توجيه اللوم، قائلين إن هذا ما ستفعله واشنطن.
وينفي المسؤولون الأميركيون ممارسة ضغوط ضد القرار.
وتظهر هذه الخلافات مع تعمق مخاوف المسؤولين الغربيين بشأن أنشطة إيران النووية. وتمتلك إيران ما يكفي من المواد الانشطارية عالية التخصيب لصنع ثلاثة أسلحة نووية، وفقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويقول بعض المسؤولين الأميركيين إنهم يخشون من أن تكون إيران أكثر تقلباً مع توجه البلاد نحو انتخابات لاختيار زعيم جديد بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في وقت سابق من هذا الشهر. ولطالما قالت إدارة بايدن إنها تسعى إلى حل دبلوماسي بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وقد حذر دبلوماسيون أوروبيون من أن عدم اتخاذ إجراء من شأنه أن يقوض سلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب منع انتشار الأسلحة النووية. كما يقولون إن ذلك يضعف مصداقية الضغط الغربي على إيران. وهم يشعرون بالإحباط بسبب ما يعتبرونه جهودًا أميركية لتقويض نهجهم.
وقال مسؤول أميركي إن واشنطن "تنسق بإحكام" مع شركائها الأوروبيين قبل اجتماع مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر المقبل، وأكد: "أي تكهنات بشأن القرارات سابقة لأوانها".
وأضاف المسؤول: "نحن نزيد من الضغط على إيران من خلال العقوبات والعزلة الدولية"، مستشهدا بالإجراءات التي اتخذتها مجموعة الدول السبع بعد هجوم إيران بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل الشهر الماضي.
وقال مسؤول أميركي ثانٍ إنه "غير صحيح على الإطلاق" أن واشنطن تهدف إلى تجنب القطيعة مع إيران قبل الانتخابات الأميركية.
وأصدر مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية آخر قرار يوبخ إيران في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022. وقد حذر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون في فيينا مرارًا وتكرارًا منذ ذلك الحين من أنهم سيتخذون إجراءات إذا لم تكبح طهران تقدمها النووي وتكثيف التعاون مع الوكالة.
وفي قلب هذا النزاع، هناك مخاوف مستمرة في بعض الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا وبريطانيا، من أن واشنطن تفتقر إلى استراتيجية للتعامل مع التقدم النووي الإيراني. وقال دبلوماسيون أوروبيون إن إدارة بايدن تبدو غير راغبة في بذل جهود دبلوماسية جادة مع إيران أو اتخاذ إجراءات عقابية ضد تجاوزات طهران النووية.
كان الأوروبيون من المؤيدين الأقوياء للاتفاق النووي لعام 2015، والذي رفع معظم العقوبات الدولية عن إيران مقابل فرض قيود مشددة ولكن مؤقتة على العمل النووي الإيراني. وسعت أوروبا إلى الحفاظ على الاتفاق بعد خروج إدارة ترامب منه في عام 2018.
ووضعت إدارة بايدن إحياء الاتفاق النووي كهدف رئيسي للسياسة الخارجية عندما تولت السلطة. لكن المحادثات انهارت في آب (أغسطس) 2022 عندما تشددت إيران في مطالبها. ومنذ ذلك الحين، سعى المسؤولون الأميركيون إلى احتواء التوترات مع إيران.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن بإمكان أوروبا بذل المزيد من الجهود لزيادة الضغط على إيران، بما في ذلك قطع البنوك الإيرانية التي تعمل في القارة وإدراج الحرس الثوري الإسلامي الإيراني كجماعة إرهابية. ويشيرون إلى أنهم قاموا بتنسيق جهود العقوبات مع أوروبا ضد إيران بسبب نقلها للصواريخ والطائرات بدون طيار.
ولدى واشنطن استراتيجيتها الخاصة لزيادة الضغط على إيران بشأن أنشطتها النووية، والتي تشمل مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإعداد تقرير شامل يحدد كل ما تعرفه عن عدم تعاون إيران.
وفي حين أن التقرير لن يكون له عواقب تلقائية، إلا أن جهداً مماثلاً في عام 2011 ركز الاهتمام الدولي على تراكمات طهران النووية، مما ولّد زخماً لفرض عقوبات دولية على إيران.
ويقول المسؤولون الأميركيون إنه إذا لم تغير إيران اتجاهها، فإن مثل هذا التقرير يمكن أن يعزز قضية إعادة فرض العقوبات الدولية التي رفعت بموجب الاتفاق النووي، وهو خيار ينتهي في تشرين الاول (أكتوبر) 2025. ويقول مسؤولون أوروبيون إنه تم إبلاغهم بأن واشنطن تدرس الطلب من الوكالة تقديم مثل هذا التقرير بعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر)، لكن ليس لديها خطط فورية لطلب ذلك.