النهار

مجلس صيانة الدستور يضيّق الخيارات... رئاسة إيران بين قاليباف وجليلي؟
نادر عزالدين
المصدر: النهار العربي
لم يتضمّن إعلان مجلس صيانة الدستور الإيراني قائمة أسماء المرشّحين الذين أجاز خوضهم الانتخابات الرئاسيّة المقرّر إجراؤها في 28 حزيران (يونيو) أيّ مفاجآت كبيرة، إذ كان من المتوقّع أن تميل دفّة الترشيحات لصالح التيار المحافظ على حساب الإصلاحيين.
مجلس صيانة الدستور يضيّق الخيارات... رئاسة إيران بين قاليباف وجليلي؟
أحد المرشحين الستة سيكون رئيس إيران الجديد في الانتخابات المرتقبة. (أ ف ب)
A+   A-

لم تتضمّن  قائمة أسماء المرشّحين الذين أعلنها مجلس صيانة الدستور الإيراني خوضهم الانتخابات الرئاسيّة المقرّر إجراؤها في 28 حزيران (يونيو) أيّ مفاجآت كبيرة، إذ كان من المتوقّع أن تميل دفّة الترشيحات لصالح التيار المحافظ على حساب الإصلاحيين.

 

أبرز المُستبعدين

ولعلّ أبرز ما في القائمة هم المستبعدون عنها، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد الذي رفض المجلس ترشّحه للمرة الثانية.

 

وارتبط اسم نجاد بحملة قمع قاسية للاحتجاجات التي أعقبت إعادة انتخابه لولاية ثانية في العام 2009، في ما سُمّي "الثورة الخضراء". حينها، كان الرئيس الشعبوي من غلاة المحافظين، وحظي بدعم مُطلق من قبل المرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي، وجرى اتهام السلطات بتزوير نتائج الانتخابات لإبقائه على كرسي الحكم.

 

لكن الفراق بدأ بين الجانبين إثر خلاف حاد بدأ في العام 2011 بشأن المؤسسة الأمنية والجهة المسؤولة عنها، وتفاقم بعد أن تحدى نجاد علناً "سلطة خامنئي المطلقة"، مطالباً بفرض ضوابط عليها. كما دعاه في العام 2018 إلى إجراء "انتخابات حرّة" ، في تلميح صريح إلى إمكانية التلاعب بنتائج صناديق الاقتراع.

 

بالإضافة إلى نجاد، حرم مجلس صيانة الدستور للمرة الثانية أيضاً الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني من خوض الاستحقاق.

 

ويُعدّ لاريجاني من أبرز الوجوه في إيران، وتولى مناصب عدة في النظام السياسي للبلاد على مدى العقود الثلاثة الماضية. وسبق أن خاض الانتخابات الرئاسية عام 2005، وخسرها في مواجهة نجاد، الذي عيّنه في منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، فقاد المفاوضات مع القوى الكبرى في الملف النووي، وابتعد عن هذا الدور في العام 2007 نظراً لتباين وجهات النظر مع الرئيس بشأن مقاربة هذا الملف الشائك.

 

شغل رئاسة مجلس الشورى على 3 مراحل بين عامي 2008 و2020، وكان من الداعمين للاتفاق بشأن برنامج إيران النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الدولية، والذي انسحبت الولايات المتحدة أحادياً منه في العام 2018.

 

‏ويعلّق مصدر إيراني، تحدّث لـ"النهار"، على قرار رفض أهليّة الرجلين، رابطاً إياه بـ"انخفاض حتمي" بنسبة الاقتراع في الانتخابات المرتقبة.

 

ويقول: "نعرف أن حضورهما كان يُعدّ المحرك الرئيسي للمشاركة الشعبية، وبالتالي يمكن القول من الآن أنّ المشاركة ستكون أقلّ من 55 بالمئة، واحتمالية ذهاب التنافس إلى جولة ثانية ستبقى عالية في ظلّ النسب القليلة التي ستصوّت لصالح جميع المرشّحين المؤهلين".

 

‏والملفت للانتباه أيضاً في قرار المجلس رفض كلّ المرشّحين المرتبطين بحكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، وبشكل خاص وزير الثقافة محمد مهدي إسماعيلي ووزير النقل مهرداد بذرباش.

 

5 محافظين وإصلاحي

وأجاز المجلس غير المنتخب الذي لا يقدّم عادة الأسباب الموجبة لخياراته، إن كان قبولاً أو رفضاً، لستة مرشّحين بينهم إصلاحي واحد الترشّح للانتخابات هو مسعود بزشكيان، الذي كان نائباً عن مدينة تبريز (شمال غرب) ووزيراً سابقاً للصحة.

 

ويرى الباحث بالشؤون الإيرانية يوسف بدر، في تصريح لـ"النهار"، إنّ بزشكيان "لا يتمتّع بأيّ رصيد شعبي لكنه خيار الإصلاحيين الأوحد إذا قرروا مساندته بقوّة، لكن عدم شعورهم بإمكانية التغيير أصابهم باليأس والانقسام".

 

ويضيف أنّ "تمرير اسمه من مجلس صيانة الدستور ذرّ للرماد في العيون".

 

المرشحون الآخرون الذي أجاز المجلس خوضهم السباق الانتخابي، وينتمون جميعاً للتيار المحافظ، هم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وسعيد جليلي الذي سبق أن تولى أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي وقاد التفاوض مع القوى الكبرى بشأن الملف النووي، ورئيس بلدية طهران علي رضا زاكاني، ورئيس مؤسسة الشهداء والمحاربين القدامى أمير حسين قاضي زاده هاشمي، ووزير الداخلية السابق مصطفى بور محمدي.

 

بين قاليباف وجليلي

ويعتبر قاليباف، الذي تربطه علاقات وثيقة بالحرس الثوري وكان جنرالاً سابقاً فيه، الأكثر شهرة بين الأسماء الواردة في القائمة. خاض سباق الترشح للرئاسة عامي 2005 و2013، وانسحب من الحملة الرئاسية عام 2017 لدعم رئيسي في محاولته الرئاسية الفاشلة الأولى.

 

يقول بدر إنّ قاليباف هو "الأوفر حظّاً" للفوز بالانتخابات، ويبدو أنّ "النظام اختاره لقربه من معسكر رجال الدين والمحافظين وكذلك العسكريين خاصة الحرس الثوري".

 

ويشير إلى أنّ "وئامه مع حكومة رئيسي يُعد سبباً كافياً لاختيار النظام له، خاصة أنّ خامنئي وضع ضمنيّاً شرطاً بأن يُكمل الرئيس المقبل مسيرة رئيسي"، موضحاً أنّ "الخبرة هي العنوان الأهم، ورئاسة قاليباف لبلدية طهران وخدمته في الحرس الثوري وعمله في جهاز الشرطة ورئاسته للبرلمان، تؤهله أن يكون الشخص الأكثر خبرة".

 

ويبرز إسم سعيد جليلي ليكون المنافس الأشد لقاليباف، فرغم أنّ كليهما ينتميان للتيار المحافظ "لكن خلافات عميقة تسود العلاقات ما بينهما"، وفقاً للمصدر الإيراني، الذي يلفت إلى أنّ جليلي يُعتبر "أصوليّاً متشدّداً" ملتزماً بقيم الثورة بينما قاليباف معروف بتوجهاته "البراغماتية".

 

وترشح جليلي مرتين لانتخابات الرئاسة الإيرانية في عامي 2013 و2021، وتنحى في الثانية لصالح رئيسي.

 

هو عضو في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية التابع للمرشد الأعلى، وعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي، وعضو سابق في الحرس الثوري. ولعب دور كبير المفاوضين الإيرانيين في عهد حكومة نجاد.

 

ويمثّل قرار مجلس صيانة الدستور نقطة الانطلاق لحملة انتخابية مختصرة مدتها أسبوعان لاستبدال رئيسي، الذي قضى بحادث تحطّم الطائرة الرئاسية في 19 أيار (مايو)، وهو أحد تلاميذ خامنئي، والذي تم طرح اسمه ذات يوم كخليفة محتمل له.

 

ومن المُرجّح أن تشمل الحملة مناظرات تلفزيونية حيّة بين المرشحين، الذي من المفترض أن يروّجوا أيضاً عبر اللوحات الإعلانية والخطابات الدعائية لبرامجهم الانتخابية.

 

وحتى الآن، لم يقدم أي من المرشحين أي تفاصيل محددة، رغم قطع الجميع وعودا بوضع اقتصادي أفضل للبلاد التي تعاني من العقوبات الأميركيّة – الغربيّة.

 

اقرأ في النهار Premium