طهران - أمیر دبیری مهر
في علم الاجتماع، تعرف المنافسة السياسية بوصفها انعكاساَ للمنافسة الفردية والجماعية على المستوى الاجتماعي. وعلى هذا الأساس تتمتع المنافسات السياسية بجمهور شديد الحماس على غرار جمهور مباريات كرة القدم تماماً.
بل يمكن القول أن متابعي الأحداث السياسية هم أكثر حساسية وتعاطفاً من مشجعي كرة القدم، ذلك أنهم حينما يدعمون السياسيين المحببين إليهم، فإنهم يسعون وراء مصالحهم الخاصة ويستجيبون لمشاعرهم وعواطفهم.
ولأجل خلق حس سياسي يهدف إلى زيادة نسبة المشاركة السياسية، فإنه ليس من الضروري القيام بالدعاية في وسائل الإعلام، بل يكفي أن تطّلع الكتل الاجتماعية والطبقات المختلفة على ممثليها في ساحات المنافسة السياسية، خاصة عند الانتخابات.
وعلى العكس، فإذا لم ير المواطنون أن المرشحين يشبهونهم ويتحدرون من طبقاتهم في تلك الساحات، فلن تكون لديهم رغبة في المشاركة.
وبحسب هذا الطرح التحليلي والنظري، يمكن لنا أن نلقي نظرة على الجولة الرابعة عشرة من انتخابات الرئاسة في إيران والمقررة في الثامن والعشرين من حزيران (يونيو )القادم.
وافق مجلس صيانة الدستور في إيران، بصفته المسؤول عن تأييد صلاحيات ومؤهلات المرشحين للانتخابات، على 6 من أصل 80 مرشحاً مسجلاً، وفيما يلي نوضح أدناه المواصفات والملفات الشخصية والقاعدة الاجتماعية لهؤلاء المرشحين الستة:
1. مسعود بزشکیان:
رجل سياسي يبلغ من العمر 70 عامًا، مثّل أهالي مدينة تبريز لخمس دورات في مجلس الشورى ويتمتع بقاعدة اجتماعية عريضة بين الآذريين والأكراد. فهو من مواليد مدينة مهآباد الكردية، ودرس الطب في تبريز ومارس عمله كطبيب جراح فيها. وخلال حكومة الرئيس محمد خاتمي شغل منصب وزير الصحة لأربع سنوات.
يتمتع بزشکیان بقاعدة اجتماعية عريضة في الوسط الطبي والنقابي، لكن تأثير قاعدته الجماهيرية في الانتخابات المقبلة والتي هي جزء من المجتمع الإيراني فغير مشجعة.
لكن بالنسبة للإصلاحيين، فمن المتوقع أن يكون بزشکیان هو الممثل الوحيد الذي يمكن أن يثني هذه الشريحة من المجتمع عن العزوف عن المشاركة في الانتخابات بل وزيادة نسبتها. لأن هناك شواهد على دعم الإصلاحيين له، بجانب الشريحة الرمادية التي لم تكن تهتم بالانتخابات من قبل.
2. مصطفی پورمحمدي:
رجل دين يبلغ من العمر 65 عاماً، له سجل حافل وطويل في الأنشطة الاستخباراتية والأمنية والقضائية. وشغل لعدة سنوات منصب وزير العدل وكان وزيرا للداخلية وأيضا تولى رئاسة هيئة التفتيش العامة الايرانية. ويشغل حالياً منصب الأمين العام لجمعية رجال الدين المجاهدين.
وبسبب هذه المناصب التي تمتع بها، لم يكن لدى بور محمدي قاعدة اجتماعية واسعة، ما يعني أنه ليس لديه فرصة مثالية للفوز، إلا أن ترشحه مؤثر على سير العملية الانتخابية بسبب قوة خطابه وقربه من أعلى المستويات.
3. سعيد جليلي:
رجل سياسي، يبلغ من العمر 59 عاما، فقدَ ساقه أثناء حرب الدفاع المقدس مع العراق. وقد شغل لسنوات طويلة مناصب عدة في التفتيش والرقابة بوزارة الخارجية. أما نجمه فقد سطع في عالم السياسة قبل 15 عاماً إبان عهد حكومة الرئيس الأسبق محمود احمدي نجاد. كما أنه عيّن أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي.
ويتمتع جليلي بشعبية واسعة بين التيارات الدينية والثورية التي تدعم القيم المتشددة للثورة الإسلامية. كما أن بعض الناجين من سنوات الحرب مع العراق وعائلاتهم لا يزالون يدعمونه إلى وقتنا هذا، لكن عددهم لا يتناسب بما له الفوز في الانتخابات.
4 - 5 . علي رضا زاكاني و اميرحسين قاضي زاده هاشمي:
هذان المرشحان ليسا مؤثرين في سير الانتخابات بشكل واضح، لأنهما لا يتمتعان بقاعدة اجتماعية كبيرة، إلا أن وجودهما له هدفان، الأول، هو مساندة ودعم المرشح المقرب لهما فكرياً، سعيد جليلي، إذ في حال فوزه في هذه الانتخابات، يمكن بعدها أن يكافئهما . مثلما حصل زاكاني بعد انتخابات رئاسة إبراهيم رئيسي على منصب رئيس بلدية طهران، وحصل أيضاً هاشمي على منصب رئيس مؤسسة الشهيد.
6. محمدباقر قالیباف:
جنرال إيراني يبلغ من العمر 63 عامًا، حاول عدة مرات ولسنوات أن يصبح رئيسًا للجمهورية. وقد شغل سابقًا منصب قائد سلاح الجو في الحرس الثوري ورئيس شرطة إيران، ثم منصب عمدة طهران لمدة 12 عاما. وطوال السنوات الأربع الماضية، كان رئيساً لمجلس الشورى.
وبغض النظر عن العسكريين وعائلاتهم الذين يعرفون قاليباف كمسؤول نافذ ومقتدر، فإن بعض شرائح المجتمع الإيراني تدعمه أيضًا. مع ذلك يواجه قاليباف العديد من العقبات التي تحول دون تقريب وتوحيد قاعدته الاجتماعية المبعثرة.
على كل حال يبدو أن المنافسة الحقيقية في الانتخابات المقبلة ستكون بين قالیباف و بزشکیان. وإن كان قاليباف قد أصبح معروفا اليوم ويتمتع بفرصة أكبر في صناديق الاقتراع، إلا أن هناك معادلات كثيرة ربما ستتغير لصالح المرشح الإصلاحي پزشکیان خلال الأسبوعين المقبلين وحتى موعد الانتخابات.