النهار

مرشحو الرئاسة في إيران يتعهّدون بإنعاش الاقتصاد المتعثّر
المصدر: رويترز
يرى محللون أن التوقعات الاقتصادية الإيرانية تبدو أكثر ‏غموضا من أي وقت مضى، مع احتمال تطبيق أكثر صرامة ‏للعقوبات التي تستهدف النفط
مرشحو الرئاسة في إيران يتعهّدون بإنعاش الاقتصاد المتعثّر
المرشحون الستة في الانتخابات الرئاسية الايرانية (ا ف ب)
A+   A-
 
تعهّد المرشحون في انتخابات الرئاسة الإيرانية المقررة يوم ‏الجمعة بإنعاش الاقتصاد المتعثر، لكن الناخبين لا يرون أملا ‏يذكر في تراجع ضغوط تكاليف المعيشة دون انتهاء العقوبات ‏والحد من العزلة الدولية التي تعاني منها إيران‎.‎

ويخوض الإيرانيون من أفراد الشعب العاديين معركة يومية ‏لتغطية نفقاتهم، وهو تحد مستمر لرجال الدين الحاكمين في ‏إيران الذين يخشون تأجج احتجاجات تندلع من آن لآخر من ‏قبل الفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط الغاضبة من ‏الصعوبات المستمرة‎.‎

وأضرت إعادة فرض العقوبات الأميركية في عام 2018 ‏بصادرات النفط الإيرانية، مما أدى إلى تراجع إيرادات ‏الحكومة واضطرارها لاتخاذ خطوات لا تحظى بشعبية مثل ‏زيادة الضرائب وإدارة عجز كبير في الميزانية في سياسات ‏أبقت التضخم السنوي بالقرب من 40 بالمئة‎.‎

وعلى الرغم من أن البلاد تجنبت الانهيار الاقتصادي التام، ‏وذلك في المقام الأول بدعم من صادرات النفط إلى الصين ‏وارتفاع أسعار الخام، لا تزال صادرات النفط أقل من ‏مستويات ما قبل عام 2018‏‎.‎

ويقول معظم المرشحين الذين يسعون لخلافة إبراهيم رئيسي ‏بعد وفاته في حادث تحطم طائرة هليكوبتر الشهر الماضي، ‏إنهم يعتزمون محاكاة سياسته التي كانت قائمة على الاعتماد ‏على النفس اقتصاديا وتعزيز العلاقات التجارية مع آسيا. ‏ويدافع آخرون عن علاقات أوسع مع العالم دون تقديم تصور ‏لخطوات عملية لمعالجة العقوبات‎.‎

وخلال ثلاثة أعوام قضاها رئيسي في السلطة، التقط الاقتصاد ‏الإيراني أنفاسه من ركود في عامي 2018 و2019 ناجم عن ‏إعادة فرض العقوبات عام 2018، وبلغ النمو ذروته عند 5.7 ‏بالمئة في العام المنتهي في آذار (مارس)، وفقا لمركز ‏الإحصاء الإيراني‎.‎

ومع ذلك فإن معظم هذا التوسع كان مدفوعا بقطاع الطاقة، ‏حيث سجلت إيران قفزة 70 بالمئة في إنتاج النفط الذي يبلغ ‏الآن حوالي 3.5 مليون برميل يوميا، مع تجاوز صادرات ‏النفط 1.4 مليون برميل يوميا والموجهة في المقام الأول إلى ‏الصين‎.‎

ويقول محمد رضواني فر رئيس الجمارك الإيرانية إن من دون ‏النفط والغاز، كان النمو في إيران العام الماضي سيسجل 3.4 ‏بالمئة فقط ويسجل ميزانها التجاري عجزا 16.8 مليار دولار. ‏كما يقول مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إن ‏الاستثمار الأجنبي المباشر في إيران توقف عند 1.5 مليار ‏دولار في عام 2022‏‎.‎

‎* ‎انخفاض القوة الشرائية
يبلغ معدل البطالة في إيران نحو 7.6 بالمئة، وفقا للبنك ‏الدولي، مقارنة بنحو 9.6 بالمئة عندما تم انتخاب رئيسي. ‏ومع ذلك، فإن رواتب العديد من الوظائف الرسمية ضعيفة، ما ‏يعني أن العدد الحقيقي للأشخاص الذين ليس لديهم عمل ‏مناسب يوفر سبل العيش ربما يكون أعلى بكثير‎. ‎
وقال جواد صالحي أصفهاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة ‏ومعهد فرجينيا بوليتكنيك "ليس من الصعب تفهم سبب غضب ‏معظم الإيرانيين". ‏

وأضاف "ربما تحسنت مستويات المعيشة والفقر في العامين ‏الماضيين، لكن هذا ليس حقيقيا إذا نظرنا إلى عقد أو عقدين ‏من الزمن... يمكن للرئيس الجديد أن يضخ الأمل ويوقف ‏تدهور الأوضاع، لكنه لن يعيد إيران إلى العقد الأول من ‏القرن الحادي والعشرين"، مشيرا إلى حقبة أكثر ازدهارا‎.‎

واصلت القوة الشرائية للإيرانيين الانكماش خلال رئاسة ‏رئيسي، حيث انخفضت قيمة الريال الإيراني في التداول الحر ‏أكثر من النصف، وفقا لموقع تتبع العملة الإيرانية بونباست، ‏وسجل الآن 600 ألف ريال إيراني مقابل الدولار الأميركي‎.‎

وارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الألبان والأرز واللحوم ‏في الأشهر القليلة الماضية. وارتفع السعر المدعم لخبز ‏اللواش، وهو الخبز الأكثر شعبية بين الأسر الإيرانية، بنسبة ‏لا تقل عن 230 بالمئة في السنوات الثلاث الماضية، في حين ‏أصبحت اللحوم الحمراء غالية جدا بالنسبة للكثيرين إذ ارتفع ‏سعرها 440 بالمئة إلى 10 دولارات للكيلوغرام الواحد‎.‎

ويبلغ الراتب الشهري للمعلم حوالي 180 دولارا، ويكسب ‏العديد من عمال البناء ما يزيد قليلا عن 10 دولارات في ‏اليوم‎.‎

ووعد مرشحون بتنفيذ خطة التنمية السابعة للبلاد التي وافق ‏عليها البرلمان العام الماضي. وتهدف الخطة إلى كبح التضخم ‏وتعزيز الصادرات وتحدد أهدافا طموحة لتحقيق نمو سنوي ‏بنسبة ثماني بالمئة في ظل العقوبات‎.‎

لكن توقعات البنك الدولي للسنوات الثلاث المقبلة تشير إلى ‏معدلات نمو سنوية أقل من 3.2 بالمئة لإيران نتيجة لانخفاض ‏الطلب العالمي والعقوبات ونقص الطاقة المحلي‎.‎

وقال ناخبون أجرت وكالة "رويترز" مقابلات معهم إن حالة ‏الاقتصاد مرتبطة بالموقف الدبلوماسي للبلاد المناهض بشدة ‏للغرب والذي يحدده الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، ‏صانع القرار النهائي في البلاد‎.‎

وخلال السنوات الثلاث التي قضاها في منصبه، تعهد رئيسي، ‏الموالي لخامنئي، بعدم ربط الاقتصاد بالمفاوضات النووية مع ‏قوى عالمية، رغم أن المحادثات كان من الممكن أن ترفع ‏معظم القيود الأميركية من خلال إحياء اتفاق عام 2015 الذي ‏يحد من برنامج طهران النووي‎.‎

‎* ‎استمرارية السياسة
وقال إداري في جامعة رودهن بإقليم طهران اسمه محمد "تأثر ‏الاقتصاد بشكل كبير بالسياسة الخارجية، لا توجد استراتيجية ‏ناجحة للحد من الآثار المدمرة للعقوبات". ومثل الناخبين ‏الآخرين الذين أجريت مقابلات معهم، لم يرغب في التصريح ‏باسمه بالكامل بسبب حساسية مسألة الانتخابات‎.‎

ولم تتح الانتخابات المبكرة للمرشحين سوى القليل من الوقت ‏لوضع خطط اقتصادية مفصلة. وقال معظمهم إن الاقتصاد ‏يجب أن يصبح أكثر اعتمادا على الذات قبل أن تحاول إيران ‏إنهاء العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي ‏المثير للجدل، في حين كان المعتدل مسعود بزشكيان ورجل ‏الدين المنتمي لغلاة المحافظين مصطفى بور محمدي أكثر ‏صراحة بشأن الحاجة إلى علاقات مفتوحة لمساعدة الاقتصاد‎.‎

وركزت المناظرات الانتخابية بشكل أساسي على الاختلالات ‏المالية وسوء إدارة الموارد والكسب غير المشروع، وهي ‏قضايا داخلية يعتقد الكثير من الإيرانيين أنها ضاربة بجذورها ‏في البلاد ويصعب إصلاحها‎.‎

وقال بيمان، وهو مهندس مدني من طهران "طالما أن ‏السياسات الحكومية لا تدعم المنافسة والشفافية وأمن الاستثمار ‏بشكل فعال، ستزيد الأمور سوءا‎".‎

وصرح مهدي غضنفري رئيس صندوق التنمية الوطنية ‏الإيراني لوسائل الإعلام الرسمية بأن غياب أحزاب سياسية ‏متطورة يعني أن المرشحين للانتخابات لم يحددوا الوزراء أو ‏السياسات المستقبلية سلفا، وعادة ما يسارع الفائز إلى تعيين ‏حكومة "تكون في النهاية غير متسقة". ‏

ويرى محللون أن التوقعات الاقتصادية الإيرانية تبدو أكثر ‏غموضا من أي وقت مضى، مع احتمال تطبيق أكثر صرامة ‏للعقوبات التي تستهدف النفط إذا ما فاز دونالد ترامب برئاسة ‏الولايات المتحدة مجددا، حسبما قال وزير الخارجية السابق ‏محمد جواد ظريف خلال تأييده لحملة بزشكيان‎.‎
 

اقرأ في النهار Premium