أمام مسجد في وسط طهران يقف إيرانيون في طابور طويل بانتظار التصويت في الانتخابات الرئاسية، في حين يتواجد آخرون في حديقة مجاورة، مصممين على مقاطعة انتخابات "لن تحسّن الأوضاع".
ميترا، ربة منزل تبلغ 47 عاما، جاءت للإدلاء بصوتها في مسجد إرشاد مع ابنتها المراهقة التي تضع الحجاب من دون تغطية شعرها.
تعتزم ميترا التصويت لمسعود بيزشكيان، الإصلاحي الوحيد بين المرشحين الأربعة في السباق الرئاسي.
وتأمل خصوصا بأن تتمكّن ابنتها، بفضله، من "التنقل في الشارع من دون متاعب".
تقول ميترا التي رفضت كشف شهرتها، إن بيزشكيان وعد خلال الحملة بأنه "سيضع حدا لشرطة الأخلاق" التي يتمثل دورها في فرض إلزامية الحجاب في الأماكن العامة.
وتضيف: "لا أعتقد أن باستطاعته فعل أي شيء" لتغيير الأوضاع، لكن "عدم التصويت لن يعطي نتائج أكثر".
طابور الانتظار أمام المسجد أكبر مما كان عليه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت في العام 2021 حين سجلت نسبة مشاركة أقل من 50 في المئة، وهو المعدّل الأدنى منذ الثورة الإسلامية في العام 1979.
تلك الانتخابات قاطعتها على نحو كبير فئات الشباب والطبقات العليا بسبب استبعاد المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين، ما منح المحافظ ابراهيم رئيسي فوزا سهلا.
"وعود"
يقول الزعيم الإصلاحي محمد صدر الذي قدم إلى المسجد للإدلاء بصوته: "لحسن الحظ، هذا العام لدى الإصلاحيين مرشحهم ونأمل أن تكون نسبة المشاركة أعلى".
يعتبر أسد وهو متقاعد يبلغ 70 عاما أن "الدكتور" بيزشكيان وهو طبيب جراح، "صادق" و"لا يطلق وعودا فضفاضة، على عكس غيره من المرشحين".
يعرب أسد عن أمله بأن يعالج بيزشكيان "مشكلات عدة" تواجهها البلاد، في حال انتخابه، موضحا: "أواجه مشكلة في التواصل مع ابني وأحفادي الذين يعيشون في كندا لأن تطبيقي 'واتساب' و'تلغرام' محظوران"، على سبيل المثال.
في جنوب طهران، حيث شعبيته أكبر مقارنة بوسط العاصمة، يدلي الناخبون بأصواتهم أيضا بأعداد كبيرة في مرقد الشاه عبد العظيم المزيّن برايات خضراء وبيضاء وحمراء، ألوان العلم الإيراني.
تقول معصومة وهي عاملة تبلغ 66 عاما: "الحمد لله، الأعداد كبيرة: محاربون قدامى، أمّهات شهداء، مسنّون وشبّان".
تعد المنطقة معقلا لمناصري النظام الذين يمكنهم الاختيار بين ثلاثة مرشحين محافظين، يأمل اثنان منهم هما رئيس مجلس الشورى (البرلمان) محمد باقر قاليباف والمفاوض السابق في الملف النووي سعيد جليلي، الحلول في الصدارة.
في وسط المدينة، يلاعب حسين، وهو كهربائي يبلغ 45 عاما، أطفاله في حديقة شريعتي من دون أي نية للتصويت.
ويقول: "لن أشارك في أي انتخابات"، مبررا موقفه بأن الجمهورية الإسلامية "لا يمكن إصلاحها، سواء انتُخب إصلاحي أو محافظ".
ويضيف حسين: "ما من مرشّح يمكنني التصويت له. إذا تم انتخابه، فلن يكون بيزشكيان أقوى من حسن روحاني"، الرئيس الأسبق المعتدل الذي "لم يستطع فعل أي شيء".
يقول بيدرام وهو موظّف يبلغ 50 عاما إن "الانتخابات لم تحسّن الأوضاع، بل على العكس"، ويضيف "إذا لم يشارك الناس في انتخابات عدة، فسيحدث شيء ما في نهاية المطاف"، مشيرا إلى أنه انتخب رئيسي في العام 2021.
وحضّ المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي أدلى بصوته لدى فتح مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين الإيرانيين البالغ عددهم 61 مليون ناخب، على "أخذ مسألة التصويت على محمل الجد والمشاركة".
تمديد التصويت
مددت عمليات التصويت الجمعة في إيران حتى الثانية فجر السبت (بالتوقيت المحلي) في انتخابات رئاسية مبكرة تبدو نتيجتها غير محسومة في ظلّ انقسام معسكر المحافظين وتعويل مرشّح إصلاحي على تعدّد منافسيه لتحقيق اختراق.
وهذا التمديد أمر مألوف بالنسبة الى الانتخابات في ايران.
ولم تدل السلطات بأي معلومات حول نسبة المشاركة، علما ان حوالى 61 مليون ناخب تمت دعوتهم إلى صناديق الاقتراع الموزّعة على 58 ألفاً و640 مركزاً انتخابياً تنتشر في سائر أنحاء البلد الشاسع الممتدّ من بحر قزوين شمالاً إلى الخليج جنوباً.
ويتنافس في هذه الانتخابات أربعة مرشحين، جميعهم رجال في الخمسينيات أو الستينات من العمر.
وإذا لم يحصل أيّ من هؤلاء المرشّحين على الغالبية المطلقة من الأصوات، تُجرى جولة ثانية في الخامس من تمّوز (يوليو)، وهو أمر لم يحدث إلا مرة واحدة في 2005، منذ قيام الجمهورية الإسلامية قبل 45 عاماً.