النهار

الكتلة "النائمة" تحدد اسم الساكن الجديد للقصر الرئاسي في إيران
المصدر: النهار العربي
في الأسبوع القادم، لن يعود للمحافظين وسيلة لاتخاذ أي إجراء آخر، ذلك أنهم قد استفادوا من أقصى حد للأصوات، ما يعني عدم إمكان رفع نسبتها، وأما الإصلاحيون الداعمون لبزشكيان، فتنتظرهم مهمات صعبة، ألا وهي مسؤوليتهم تجاه إيقاظ الكتلة النائمة التي تسعى للتغيير والإدلاء بأصواتها في سلة بزشكيان.
الكتلة "النائمة" تحدد اسم الساكن الجديد للقصر الرئاسي في إيران
المرشد الايراني علي خامنئي يتوجه لالقاء كلمة بعد ادلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية (أ ف ب)
A+   A-
 
طهران - أمیر دبیری مهر
 
 
بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران، صُدم المراقبون والمتابعون بنسبة الناخبين المشاركين التي بلغت 40%. فمن أصل نحو 62 مليون ناخب إيراني يتمتعون بشروط الانتخاب، شارك منهم فقط 25 مليوناً في انتخابات الثامن والعشرين من حزيران (يونيو) الجاري.
 
في الواقع، على رغم وجود الحد الأدنى من إمكان المشاركة السياسية وسخونة المنافسة التي حصلت، بخاصة في الأيام التي سبقت العملية الانتخابية، فقد امتنع حوالي 60% ممن توافرت فيهم شروط التصويت، أي ما يعادل 35 مليون نسمة، عن المشاركة في العملية الانتخابية، وتعود أسباب ذلك إلى الاحتجاجات التي حصلت في عام 2022 في إيران.
 
ونتيجة لذلك، لن تحسم عملية الانتخاب إلا بعد إجراء المرحلة الثانية منها يوم الجمعة في الخامس من تموز (يوليو) المقبل، وذلك بين المرشحين الفائزين من المرحلة الأولى: مسعود بزشكيان وسعيد جليلي، اللذين حصل كل منهما على نحو 10 ملايين صوت.
 
في آخر مقالة تحليلية كتبتها لــ"النهار العربي" في صبيحة الانتخابات، كنت قد أكدت أن المنافسة الرئيسية في هذه الانتخابات ليست بين المرشحين، بل هي بين مجموعتين من المجتمع الإيراني تسعيان إلى إحداث تغييرات وإصلاحات سياسية.   
المجموعة الأولى ترى في مسعود بزشكيان فرصة لإحداث تغييرات وإن كانت نسبية، وأما المجموعة الثانية فترى أن وجود بزشكيان غير كافٍ لإحداث تلك التغييرات، لذا فهي غير راغبة في الإدلاء بصوتها.
المجموعة الثانية عزفت أساساً عن المشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات، ومثلما كان متوقعاً، فهي إن لازمت حالة اللامبالاة وعدم الأهمية في المشاركة إزاء المرحلة الثانية من الانتخابات في الأسبوع المقبل، فإن هذا سوف يؤدي إلى هزيمة حتمية للمرشح بزشكيان.
 
ومن خلال النظر إلى نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات، يبدو لنا أن القاعدة الاجتماعية للأصوليين قد انخفضت قياساً إلى ما سبقها بحد أقصى بلغ حوالى 22% من الناخبين المؤهلين، لكن القاعدة الاجتماعية للتصويت للإصلاحيين الداعمة لبزشكيان كانت تتراوح بين عشرة ملايين كحد أقل وعشرين مليوناً كحد أعلى، وقد امتنع نصفهم في المرحلة الأولى عن التصويت بسبب ترددهم، ولو شارك ستة ملايين من أصل عشرة ملايين في الانتخابات، لكان بزشكيان قد انتخب منذ المرحلة الأولى. 
 
في الأسبوع القادم، لن يعود للمحافظين وسيلة لاتخاذ أي إجراء آخر، ذلك أنهم قد استفادوا من أقصى حد للأصوات، ما يعني عدم إمكان رفع نسبتها، وأما الإصلاحيون الداعمون لبزشكيان، فتنتظرهم مهمات صعبة، ألا وهي مسؤوليتهم تجاه إيقاظ الكتلة النائمة التي تسعى للتغيير والإدلاء بأصواتها في سلة بزشكيان.
 
وهناك مسألة أخرى مهمة، أنه في المرحلة الأولى من الانتخابات حصل محمد باقر قاليباف على ثلاثة ملايين من الأصوات، وهو ما لم يكن ضمن التوقعات، ما أخرجه من دائرة المنافسة والعودة به إلى كرسي رئاسة البرلمان. هذه المسألة تثير تساؤلاً عما إذا كانت أصوات قاليباف ستذهب إلى سلة جليلي أم لا؟ وجوابي حول ذلك يتلخص في إجابتين:
 
إن جزءاً من كتلة التصويت التي ذهبت إلى قاليباف لديها دوافع إصلاحية، لذا ستكون بين خيار جليلي أو بزشكيان، وبالتأكيد سوف تتجه بتصويتها نحو بزشكيان أو سيكون تصويتها خالياً. أيضاً فإن بعض الكتل الفاعلة في ملعب قاليباف، والممتعضة من جليلي بسبب رفضه الاتحاد مع قاليباف في المرحلة الأولى، ليست على استعداد لمنحه أصواتها. وهذه الحال تشبه ما حصل في انتخابات 2012 التي أدت إلى فوز الرئيس روحاني.
 
على هذا الأساس، يمكن القول إن انتخاب رئيس الجمهورية القادم لإيران والمنحصر بين بزشكيان وجليلي، هو مهمة مباشرة تقع على عاتق الطبقة المتوسطة والأصوات النائمة التي تريد التغيير، فهل ستصوت أم لا؟ وفي حال مشاركة هؤلاء، فبالتأكيد سيكون بزشكيان هو الرئيس القادم، أما إذا تكرر السلوك الانتخابي للجولة الأولى، فإن سعيد جليلي هو من سيدخل القصر الرئاسي.
 

اقرأ في النهار Premium