النهار

ايران القلقة من عودة ترامب تختار لمفاوضته... بزشكيان أم جليلي؟
المصدر: النهار العربي
سياسات إيران الخارجية تحت إدارة آية الله الخامنئي، قائد الثورة في الجمهورية الإسلامية. وخلال 35 عاماً الأخيرة، كان دور الخامنئي وعمله في شؤون السياسة الخارجية مميزاً جداً، إذ يتمتع بنظرة خاصة في مسائل المنطقة والعالم وقضاياهما.
ايران القلقة من عودة ترامب تختار لمفاوضته... بزشكيان أم جليلي؟
إيرانية تمر أمام لافتات انتخابية لمرشحين في الانتخابات الرئاسية في إيران، 20 حزيران (يونيو) 2024 (أ ف ب)
A+   A-
طهران - أمیر دبیری مهر
 
في الفصل العاشر من دستور الجمهورية الإسلامية المتعلق بالسياسة الخارجية، لا يوجد ما يشير إلى أي مؤسسة مسؤولة عن وضع السياسة الخارجية وتنفيذها. إلّا أننا نرى في المادة 110 من الفصل الثامن، المخصّصة لمهام القيادة وصلاحياتها، أن القيادة هي التي تعيّن سياسات الجمهورية الإسلامية كلها، وهي في الوقت نفسه تمثل المحور الأهم في سياسات البلد.
 
وفقاً لهذا المفهوم، تكون سياسات إيران الخارجية تحت إدارة آية الله الخامنئي، قائد الثورة في الجمهورية الإسلامية. وخلال 35 عاماً الأخيرة، كان دور الخامنئي وعمله في شؤون السياسة الخارجية مميزاً جداً، إذ يتمتع بنظرة خاصة في مسائل المنطقة والعالم وقضاياهما.
 
في الواقع، وكما ورد في المؤلفات الأكاديمية للسياسات الخارجية، فإن هذه السياسة تمثل العمق الاستراتيجي للسياسات الداخلية للنظام السياسي. 
 
بعد هذه المقدّمة، هل يمكننا أن نتساءل عن أي رئيس للجمهورية لا تأثير له في سياسات إيران الخارجية؟ وللإجابة، لا بدّ من ذكر تجربة الــ 35 عاماً الماضية، والتي أظهرت أنه على الرغم من أن القيادة ترسم السياسات الخارجية، فإن مؤسسات مثل الحكومة والبرلمان ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وحتى القوات المسلحة، تؤدي دوراً بارزاً في تنفيذ السياسة الخارجية، كما يُعتبر دور رئيس الجمهورية والحكومة هو الأبرز.
 
على سبيل المثال، كانت العلاقة بين إيران والسعودية في أفضل صورها التاريخية في عهدي الرئيسين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي. أما في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، فقد ساد الظلام طبيعة العلاقات الديبلوماسية الدولية، خصوصاً بين إيران وأميركا. وفي عهد الرئيس حسن روحاني، شهدت علاقات إيران الخارجية توتراً أقل، بل شهدت اتصالات هاتفية بين روحاني وأوباما، وكذلك بين وزيري الخارجية الأميركي والإيراني وقتذاك، محمد جواد ظريف وجون كيري، اللذين تماشيا معاً في طريق إتمام مفاوضات الملف النووي.
 
هذه الحقائق التاريخية تُظهر لنا الدور والتأثير الكبيرين اللذين يتمتع بهما رئيس الجمهورية ووزير خارجيته في رسم سياسة إيران الخارجية. عليه، يمكن القول إنه في حال انتخاب مسعود بزشكيان رئيساً للبلاد، فأن علاقات إيران الدولية ستشهد تحسناً وتوسعاً، على الرغم من وجود ما يمنع ذلك، تاريخياً وبنيوياً، وتحديداً ما يمكن تسميته بالعائق الإسرائيلي. وسيتمّ إحياء المفاوضات وتخفيف العقوبات المفروضة، ومحتمل أيضاً إسناد حقيبة الخارجية إلى ظريف من جديد، وهو الديبلوماسي الإيراني المعروف والبارز في قيادة دفّة الخارجية الإيرانية.
 
أما لو انتخب سعيد جليلي رئيساً للبلاد، فمحتمل أن تشهد إيران فترة توتر أشد في علاقاتها بالغرب، وتحديداً بأميركا وإنكلترا وفرنسا وألمانيا. فجليلي لا يريد إحياء المفاوضات مع الغرب، ولا العمل المشترك باتجاه اتفاق نووي بين إيران والغرب، وهو من ذكر مرّات عدة في حملاته الانتخابية أن هذه المفاوضات "مفاوضات أحادية تصبّ في صالح أميركا، وتعوق تقدّم الصناعة النووية السلمية الإيرانية".
 
يضيف جليلي أن العقوبات المفروضة على بلاده لم تضرّ بالاقتصاد الإيراني، بل أدّت إلى نمو الصناعات الوطنية، وساهمت في تحسين طبيعة العلاقة بين طهران وكل من موسكو وبكين. وعملت إيران على التقرّب من دول الشرق أكثر، كسراً لهذه العقوبات.
 
إن توجّهات جليلي ومن يؤيّده في المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية تمنح المراقبين الدوليين انطباعاً مفاده أنه في حال فوزه بالرئاسة، ستبدأ مرحلة متوترة في سياسة إيران الخارجية. وتزامناً مع ذلك، يمكن أن يشهد هذا التوتر "لحظات مظلمة" في حال فاز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، وهو من تشدّد في فرض العقوبات على إيران في سنوات ولايته الأولى، وهو من اغتال أهم قائد عسكري إيراني، ألا وهو قاسم سليماني، في العراق.
 
إلى ذلك، انتخاب ترامب المحتمل يعني أمراً مهمّاً لإيران، لذلك يعتقد المراقبون أن تعبيد الطريق أمام مسعود بزشكيان إلى الساحة السياسية الإيرانية، وتسهيل دخوله السباق الانتخابي واحتمال فوزه بالرئاسة، مسائل من شأنها أن تضع الجمهورية الإسلامية في مواجهة أقل حدّة مع خصمها ترامب.
 
لذا، علينا الانتظار لنرى مَن مِن المرشَّحَين سيوصله الشعب الإيراني إلى القصر الرئاسي: بزشكيان الذي طبّل للمفاوضات وتخفيف العقوبات، أم جليلي الذي قرع طبول المقاومة ومواجهة الغرب وأميركا؟
 

اقرأ في النهار Premium