النهار

3 رسائل إسرائيلية لطهران في اغتيال هنية
المصدر: النهار العربي
شكّلت عملية اغتيال إسماعيل هنية، أحد قادة حركة "حماس" الرئيسيين والمعادين لإسرائيل، صدمة أمنية كبيرة للعالم. فبعد حادثة مجدل شمس التي وقعت قبل أيام في الجولان المحتل، أعطى مجلس الوزراء الإسرائيلي الضوء الأخضر للتحرك ضد حزب الله،
3 رسائل إسرائيلية لطهران في اغتيال هنية
من حفل تنصيب الرئيس الايراني مسعود بزشكيان
A+   A-
 
طهران - أمير دبيري مهر 
 
شكّلت عملية اغتيال إسماعيل هنية، أحد قادة حركة "حماس" الرئيسيين والمعادين لإسرائيل، صدمة أمنية كبيرة للعالم. فبعد حادثة مجدل شمس التي وقعت قبل أيام في الجولان المحتل، أعطى مجلس الوزراء الإسرائيلي الضوء الأخضر للتحرك ضد حزب الله، وكان المراقبون والمعنيون يتوقعون أن تقومم إسرائيل بعملية عسكرية ضد "حزب الله". 
وفعلا، هاجمت اسرائيل ليل الثلاثاء (30 تموز/ يوليو) بصواريخها ضاحية بيروت، ما أدى الى مقتل وجرح العديد من المدنيين. لكن العملية الأكثر أهمية التي أقدمت عليها اسرائيل ولم تكن بالحسبان قط، قد تمثلت باغتيال اسماعيل هنية، أحد القادة السياسيين البارزين في حركة حماس، في طهران، وفي منتصف الليل. هنية الذي قدِم إلى طهران للمشاركة في حفل تنصيب مسعود بزشكيان الرئيس الجديد لايران، كان قبل اغتياله قد التقى قائد الثورة ورئيس الجمهورية المنتخب. 

ويحاول الموساد، من جانبه، منذ سنوات عدة، اغتيال العديد من قادة حماس البارزين، وسعى إلى اغتيال خالد مشعل ويحيى السنوار ومروان عيسى ومحمد ضيف وعبدالله البرغوثي ومحمود الزهار وأخيراً اسماعيل هنية. لكن عملية اغتيال هنية في طهران، لم تكن واردة في احتمالات أي من المراقبين والمتابعين، إلا أنها تمت تبعاً لثلاثة عوامل هي:

أولا: إن اسرائيل تمكنت من توسيع ساحة نفوذها وزيادة عناصر مخابراتها في البلدان المعارضة لها على وجه التحديد، بمن فيها، إيران. وهذا بطبيعته قد شكل تهديداً خطيرا على ايران، لأنها تعتبر محور وأساس المقاومة ضد اسرائيل. هذه المسألة كان قد حذر منها وزير الاستخبارات والأمن القومي السابق، علي يونسي، قبل عدة سنوات،  قائلاً إن الموساد يشكل تهديداً خطيرا للجمهورية الاسلامية، بل من الممكن أن يتسبب في إفشاء وكشف معلومات سرية تخص تحركات المقاومة، ما يؤدي بالنتيجة الى التقليل من أهمية مخططات محور المقاومة ويجعلها غير ذي فاعلية تجاه اسرائيل.  

ثانياً: إن اغتيال هنية حمل في طياته  رسالة حساسة موجهة الى ايران مفادها أن تل أبيب قادرة على الدخول في حرب شاملة ضد ايران، وأنها أي اسرائيل قد ألغت من جانبها الحرب الإعلامية والدعائية، وأنها قادرة على اتخاذ أية إجراءات ضد ايران كيفما وحيثما تريد. كما أن اسرائيل وهي تبحث عن منابع وأصول كل المعارضين لها في إيران، قد نقلت باغتيالها اسماعيل هنية، المواجهة الى ملعب إيران. 

ثالثا: الدافع الثالث الذي يمكن أن نعتبره الأهم، هو تزامن عملية الاغتيال في يوم تسنم بزشكيان السلطة. بزشكيان وخلال إلقائه كلمته في حفل التنصيب الذي حضره اسماعيل هنية، كان قد أكد وقوف حكومته الجديدة الثابت مع قضية الشعب الفلسطيني المظلوم، ما دفع الحاضرين الى التصفيق له بكل حرارة.  
وبهذا الفعل، تكون اسرائيل قد بدأت حرباً معقدة مع ايران والحكومة الجديدة. كيف؟ 
أولا، إن فعلة إسرائيل ستدفع حكومة بزشكيان الى أن تبدأ مشوارها بمواجهات ومشاكل أمنية وعسكرية وإعلامية، في حين أعلن الرئيس الجديد أن من أولويات حكومته الجديدة هي العمل في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وهو ما سيشغل الحكومة الجديدة منذ البداية بملفات لم يكن الشعب الايراني ينتظرها. 
ثانيا، إن اسرائيل قد وجهت رسالة صريحة الى بزشكيان، مفادها أن اسرائيل لا تفرق بين هذا و ذاك، بين إصلاحي أو محافظ، فالكل عندها يشكل عدواً ما دام ايرانياً. 
والمسألة الأهم والأخيرة، هي أن نتنياهو، باغتياله هنية في طهران، يريد في ذات الوقت أن يهيئ نفسه ويستعد للتعاون الشامل مع ترامب فيما لو فاز في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، الانتخابات التي وحسب المحللين والمتابعين قد ألقت بتأثيراتها على الانتخابات الرئاسية في ايران. واعتقد هؤلاء المحللين، بأن ترشيح بزشكيان للرئاسة إنما جاء لدوافع متعددة، منها التحضير لمواجهة الجمهورية الإسلامية مع ترامب في حال فوزه هو الآخر في الانتخابات.
 
لكن التاريخ طالما أثبت أن الأحداث لا تحصل تبعا لسيناريوهات ومخططات الساسة أبداً. إذ لا تعلم اسرائيل، ماهية الرد الايراني وتوقيته الذي سيكون قاسياً حسبما أشار إليه رئيس الجمهورية الاسلامية في رسالته الشفوية التي بعث بها بعد مقتل هنية. أيضا، ومع ترشيح هاريس ممثلة الحزب الديموقراطي، لم يعد من الممكن الحديث عن فوز ترامب بالشكل القاطع، مثلما لا يمكن إغفال طريقة الانتقام لدى حركة حماس وحركات المقاومة الأخرى ضد اسرائيل. 
إن اسرائيل دائما ما تحارب بشكل جيد، إلا أنها لا تحقق دائماً النصر في حروبها!.
 

اقرأ في النهار Premium