أقام المرشد الإيراني علي خامنئي صباح اليوم الخميس الصلاة على جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة " حماس" إسماعيل هنية.
وتجمّع حشد من المشيّعين يحملون صور هنية وأعلاماً فلسطينية في جامعة طهران بوسط العاصمة، بحسب ما أفاد مراسل لوكالة " فرانس برس".
وسيُدفن هنية لاحقاً في قطر، غداة اغتياله في طهران في غارة وأثارت مخاوف من توسّع النزاع في خضمّ الحرب الدائرة في غزة.
في كلمته خلال التشييع، قال مسؤول العلاقات الخارجية في "حماس" خليل الحية عن "باغتيال إسماعيل هنية أثار الكيان الصهيوني غضب المقاومة وكل أحرار الأمة والعالم".
وأضاف: "شعار إسماعيل هنية لن نعترف بإسرائيل سيظل شعارنا دائماً، ونعاهد أمتنا على أن نبقى نقاوم الاحتلال الصهيوني".
بدوره، اعتبر رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف أن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خطأ استراتيجياً باغتياله هنية"، مشيراً إلى أن "كل الاستهدافات التي ينفذها الاحتلال ناجمة عن عجزه في مواجهة المقاومة".
من جانبه، لفت القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري كني إلى أن "الكيان الصهيوني يعرّض الأمن بالمنطقة للخطر باغتياله هنية وانتهاكه سيادتنا".
وقال: "إيران ستستخدم حقها الشرعي في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الكيان الصهيوني".
ويثير اغتيال الزعيم السياسي لحركة "حماس" البالغ 61 عاماً والذي كان يعيش في المنفى في قطر، وكذلك اغتيال إسرائيل القائد العسكري في " حزب الله " اللبناني فؤاد شكر في بيروت الثلاثاء، مخاوف من توسّع النزاع الدائر منذ نحو عشرة أشهر في قطاع غزة بين إسرائيل، العدو اللدود لإيران، وحركة "حماس" و"حزب الله" المدعومين من طهران.
وفي حين فشلت كل محاولات الوساطة حتى الآن لوقف إطلاق النار في غزة، أثارت الحرب توتّرات في أنحاء الشرق الأوسط بين إسرائيل من جهّة، وإيران وحلفائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا من جهة أخرى، ولاسيما "حزب الله" اللبناني.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء عن قلقه إزاء الهجمات التي وقعت في بيروت وطهران والتي "تمثّل تصعيداً خطيراً".
وعلى غرار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دعا غوتيريش إلى مواصلة "الجهود" لتأمين وقف لإطلاق النار في غزة، في ما شكّكت قطر، الوسيط الرئيسي، في مدى جدوى مواصلة جهودها.
واعتبر البيت الأبيض الأربعاء أنّ الضربتين اللتين أدّتا إلى مقتل شكر الضاحية الجنوبية لبيروت وهنية في طهران، "لا تساعدان" في احتواء التوتّرات الاقليمية، لكنّه نفى وجود مؤشرات إلى تصعيد وشيك.
"أشد العقاب"
وأعلن الحرس الثوري الإيراني الأربعاء مقتل إسماعيل هنية مع حارس شخصي له في مقر إقامته بطهران بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان.
وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية، فإن "هنية كان في إحدى الإقامات المخصّصة لقدامى المحاربين في شمال طهران عندما استُشهد بمقذوف جوي" قرابة الساعة الثانية فجراً (22,30 ت غ الثلاثاء).
وتوعّد المرشد الأعلى بإنزال "أشدّ العقاب" بإسرائيل بعد الاغتيال. وأضاف "نعتبر من واجبنا الثأر لدماء (هنية) التي سُفكت على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
بدوره، قال بيزشكيان إنّ "الصهاينة سيرون قريباً عواقب عملهم الجبان والإرهابي".
كذلك، أكّد رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري أنّ اغتيال هنية "سيزيد من وحدة جبهة المقاومة الإسلامية".
وحذّرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك عبر منصّة " إكس " من أن طهران ستنفّذ "عمليات خاصة" ردّاً على هذا الاغتيال الذي "سيثير ندماً عميقاً لدى منفّذه".
وشدّد القائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري على حقّ إيران في تنفيذ "ردّ متناسب".
وفي اليمن، أعلن الحوثيون "الحداد ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام" حداداً على هنية، مؤكّدين في بيان أنّه "على العدو الصهيوني والأميركي تحمّل مسؤولية توسيع ساحة الحرب والمواجهة وموجة الاغتيالات التي يمارسها ضدّ قيادات المقاومة".
من جهة أخرى، أعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) فجر الخميس أنّ وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الإيراني المكلّف علي باقري كني "تناول العلاقات الثنائية وآخر التطورات في المنطقة"، من دون مزيد من التفاصيل.
تظاهرات...
وصباح الأربعاء، تجمّع إيرانيون في شوارع عدّة مدن للتنديد بعملية الاغتيال.
وتجمهر بضع مئات من المتظاهرين في ساحة فلسطين بطهران، ملوّحين بالأعلام الفلسطينية وسط هتافات "الموت لإسرائيل، الموت لأميركا".
وشارك آلاف المحتجين المناصرين للفلسطينيين في مسيرات عبر شوارع بوسط مدينة إسطنبول في وقت متأخر من الأربعاء احتجاجاً على اغتيال هنية.
ورفع محتجون صورة كبيرة لهنية كتب بجانبها بالتركية "الشهيد هنية .. القدس قضيتنا ودربكم دربنا".
وردّد المحتجون هتافات تقول "إسرائيل القاتلة أخرجي من فلسطين" و"آلاف التحيات من إسطنبول للمقاومة في غزة" ولوّحوا بالأعلام التركية والفلسطينية.
وأقيمت في العديد من المساجد في سائر أنحاء تركيا صلاة الغائب على هنية، وفقاً لوسائل إعلام محليّة.
وفي الرباط، شارك أكثر من ألف متظاهر مساء الأربعاء في الرباط وتونس، تضامناً مع الشعب الفلسطيني وتنديداً بمقتل هنية، بحسب ما أفاد مراسلو "فرانس برس".
وأمام البرلمان وسط العاصمة المغربية، لوّح نحو ألف شخص بالأعلام الفلسطينية وردّدوا شعارات تشيد بـ"الشهيد إسماعيل هنية" وتندّد بـ"جريمة" اغتياله.
وفي تونس، تظاهر ما بين 400 و500 شخص، رافعين أعلاماً فلسطينية وأخرى لـ"حزب الله" اللبناني وصوراً لهنية، بحسب مراسلي "فرانس برس".
وفي وسط العاصمة التونسية، رفعت لافتة كتب عليها "الشعب يريد تجريم التطبيع"، في إشارة إلى العلاقات التي تجمع بين إسرائيل ودول عربية عدّة، مثل المغرب.
من جهّتها، لم تُصدر إسرائيل التي حملتها السلطات الإيرانية بوضوح مسؤولية مقتل إسماعيل هنية، أيّ تصريح بشأن الواقعة.
"تفلّت الأمور"
وقبل ساعات من الهجوم على طهران، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "قضى" في ضاحية بيروت الجنوبية على القائد العسكري في "حزب الله" فؤاد شكر، المتّهم بالمسؤولية عن قصف صاروخي أسفر عن مقتل 12 فتى وفتاة السبت في بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان السورية المحتلّة.
وأكّد مصدر مقرّب من "حزب الله" الأربعاء العثور على جثة فؤاد شكر تحت أنقاض المبنى المستهدف في الضاحية الجنوبية، معقل الحزب اللبناني الموالي لإيران.
وحذّر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الأربعاء من "تفلّت الأمور نحو الأسوأ" بعد الهجوم على بيروت.
وأوقفت شركات طيران عدّة رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية في الأيام الأخيرة، مع عودة المغتربين اللبنانيين بأعداد كبيرة لقضاء العطل.
وفتح "حزب الله"، حليف "حماس"، جبهة ضد إسرائيل على حدودها الشمالية مع لبنان في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وأدّى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة.