النهار

الرد الإيراني "مفاجأة استراتيجية"... تأخره حسابات لوجستية أو مقايضة؟
موناليزا فريحة
المصدر: النهار العربي
السيناريو الأسوأ بالنسبة للجيش الإسرائيلي بحسب الإعلام العبري، هو هجوم متداخل منسق وسريع من إيران ومن لبنان معاً، لكن القيادة الأمنية- السياسية باتت تقدر بأن احتمال حصول ذلك منخفض
الرد الإيراني "مفاجأة استراتيجية"... تأخره حسابات لوجستية أو مقايضة؟
"بيكفي تعبنا" شعار حملة مناهضة للحرب في لبنان.
A+   A-
 
مضى أكثر من أسبوع على تهديد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بالانتقام لمقتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في مقر ضيافة الحرس الثوري في طهران. مذذاك، استنفرت اسرائيل قواتها وجهزت الملاجئ، واهتزت بيروت مراراً مع اختراق الطائرات الإسرائيلية جدار الصوت. بدورها، عززت واشنطن ردعها العسكري والدبلوماسي في المنطقة، مرسلة تعزيزات إضافية، وتوعدة الحكومة الإيرانية المنتخبة حديثاً والاقتصاد الإيراني بضربة مدمرة إذا شنت هجوما كبيراً على إسرائيل، بحسب ما نقلت صحيفة "الوول ستريت جورنال" عن مسؤول أميركي.
 
 
 
 
 
 
في الأيام الأولى بعد مقتل هنية بدا الرد وشيكاً، وعزز هذا الانطباع اغتيال القائد العسكري في "حزب الله" فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، في ضربة قوية للحزب اعتبرها تجاوزاً للخطوط الحمر. إلا أنه مع الوقت بات الانتظار ثقيلاً، وحتى عقوبة للبنانيين أيضاً، لا للإسرائيليين وحدهم، كما قال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. فاللبنانيون المختلفون أصلاً على "جبهة الإسناد" على حدودهم الجنوبية باتوا أكثر انقساماً بعد التصعيد الأخير الذي بدل الكثير من برامجهم وخططهم وكبد البلاد الغارقة في أزمة اقتصادية، خسائر اضافية. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ويقول المؤرخ الإيراني الأميركي آراش عزيزي لـ"النهار"  إن "إيران تحب هذه الألعاب النفسية أيضًا. إنها تستمتع بها، وهي أسهل كثيرًا من الهجوم. لذا عندما يقول الجميع إن الهجوم وشيك، وأنه سيحدث يوم الأحد، ثم يوم الاثنين... ويذهب رئيس الوزراء نتنياهو إلى مخبأ. يستمتع الإيرانيون بهذه العمليات النفسية. هذه هي طريقتهم في المواقف غير المتكافئة... وهم يستمتعون بهذا، حتى لو كانوا يعرفون أنهم لن يكونوا منافسين في المواجهة المباشرة، لذا يستخدمون هذا النوع من الأساليب غير المتكافئة".
 
 ميدانياً، لم يطلق صاروخ واحد على إسرائيل، بعيداً عن خطوط المعركة الرئيسية بين "حزب الله" وإسرائيل، وإن يكن الحزب تحدث عن استهداف مستوطنات جديدة. ومع ذلك، دخل التأهب الأقصى لسلاح الجو وقيادة الجبهة الداخلية والمنطقة الشمالية الأسبوع الثاني له واستكملت إجراءات الجاهزية في نهاية الأسبوع.  وفي ما بقي من الوقت المستقطع للرد المحتمل من لبنان أو إيران أو أي جانب من "محور المقاونة" فهو مكرس لتحسين التنسيق مع الحلفاء في المنطقة، وفي مقدمهم الولايات المتحدة، سعياً إلى توفير هذه المرة أيضا مظلة جوية وعمق استراتيجي تصد إسرائيل بهما الهجوم المتوقع.
 
والسيناريو الأسوأ بالنسبة للجيش الإسرائيلي بحسب الإعلام العبري فهو هجوم متداخل منسق وسريع من ايران ومن لبنان معاً، لكن  القيادة الأمنية- السياسية باتت تقدر بان احتمال حصول ذلك منخفض، وتزايدت التقديرات في الأيام الأخيرة بان "حزب الله" سيهاجم أولا.
 
الواضح أن الضغوط كبيرة  على ايران وإسرائيل لتجنب مواجهة واسعة، وإن يكن خطأ في الحسابات في مرحلة بالغة الخطورة يمكن أن يغير كل ذلك.  ويقول عزيزي إنه "حتى في حال تكرر سيناريو نيسان ( أبريل) الذي كان منسقاً سلفاً، يمكن لأي  شخص مهتم بالرقص أن يؤكد أنه ليس من السهل دائمًا أن يتم عرض كهذا بشكل صحيح".
 
وفي أي حال، تبدو إيران مضطرة  للقيام بشيء ما بحسب عزيزي، إذ "وسوف يبدو الأمر أحمق للغاية إذا لم تفعل أي شيء، بعد كل ما قالته وكل ما هددت به". ومع ذلك، يذكر بأنها ليست المرة الأولى التي لا ترد إيران على هجمات إسرائيلية، مشيراً إلى أن "النظام الإيراني يهدد بتدمير إسرائيل منذ 40 عامًا، ولكنه لم يهاجمها فعلاً إلا مرة واحدة". 
 
وهذه المرة، يمكن لإيران  ألا ترد إذا تمكنت من الحصول على تنازلات كبيرة، و"إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، عندها تستطيع أن تفسر ذلك على أنه نتيجة لعدم مهاجمتها لإسرائيل".
 
 
 
 
 
 
 
وفي المقابل، برى الباحث والمحلل الايراني مصطفى نجفي أن السبب وراء عدم تنفيذ إيران للهجوم حتى الآن مرتبط بالتحضيرات الدفاعية والهجومية وبعض المشاورات الإقليمية والدولية.
 
ويقول رداً على سؤال لـ"النهار العربي": "لننتظر رد إيران في أي لحظة، لأنه على عكس العملية الإيرانية السابقة، ستتم هذه المرة مراعاة مبدأ المفاجأة كاستراتيجية عسكرية فعالة".
 
ويتفق عزيزي ونجفي على أن ايران لن تسعى الى اثارة حرب شاملة. ولكن إذ يقول الأول إن إيران ستجد نفسها معزولة إذا قامت بعملية واسعة، ينقل نجفي وجهة نظر بعض الساسة والنخب الإيرانية أنه "لا ينبغي لنا أن نقع في فخ الخطط الأمنية لنتنياهو ، لكن هذا لا يعني الاعتقاد بعدم الرد على تهديدات إسرائيل وأفعالها".
 
ويضيف: "لن تسمح إيران لإسرائيل بفرض قواعد أمنية جديدة على المنطقة وإيران، حتى لو أدى ذلك إلى إشعال حرب إقليمية شاملة - وهو ما لا تريده ولا مكان له في عقيدتها الأمنية الوطنية. تنوي إيران الوقوف ضد تصرفات إسرائيل التي تهدد منظومة الأمن الإقليمي، وهذا هو القرار النهائي".
ويرى نجفي المطلع على تفكير المؤسسة الأمنية الايرانية أن الرد من ثلاث جبهات  يبدو مؤكدًا، الأولى من إيران بسبب اغتيال هنية وانتهاك سيادتها الوطنية، والثانية من حزب الله بسبب اغتيال فؤاد شكر، والثالثة من "أنصار الله" بسبب هجوم إسرائيل على الحديدة. ويقول إن الرد قد يكون متزامناً ومنسقاً أو سيكون الفاصل الزمني بين الهجمات الثلاثة سيكون قصيراً.
 

اقرأ في النهار Premium