النهار

أشكال الردّ الإيراني تتحدّد بعوامل تمتد من الاقتصاد... وحتى كورسك
سميح صعب
المصدر: النهار العربي
تتصرّف الولايات المتحدة وكأنها أنجزت نصف المهمّة الملقاة على عاتقها في الشرق الأوسط، وهي أن ردّ "حزب الله" الأحد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شُكر لم يُسفر عن توسيع رقعة الصراع في المنطقة
أشكال الردّ الإيراني تتحدّد بعوامل تمتد من الاقتصاد... وحتى كورسك
جدارية مناهضة لإسرائيل في أحد شوارع طهران (أ ف ب)
A+   A-
تتصرّف الولايات المتحدة وكأنها أنجزت نصف المهمّة الملقاة على عاتقها في الشرق الأوسط، وهي أن ردّ "حزب الله" الأحد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شُكر لم يُسفر عن توسيع رقعة الصراع في المنطقة، في حين تحوّل التركيز الآن إلى ما يمكن أن يكون عليه الردّ الإيراني.  
 
عندما سُئل رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال سي. كيو. براون في نهاية زيارة لإسرائيل، عمّا إذا كان يعتقد أن خطر نشوب حرب إقليمية قد تراجع في الوقت الحاضر، أجاب بحذر: "إلى حدّ ما... نعم". واعتبر أن "كيفية ردّ إيران ستكون من محدّدات كيفية ردّ إسرائيل، وهو ما سيكون بدوره من محدّدات ما إذا كان هناك اتساع لرقعة الصراع أم لا".  
 
يومياً، يؤكّد المسؤولون الإيرانيون اعتزامهم الردّ على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران في 31 تموز (يوليو) الماضي، تاركين في الوقت نفسه مساحة من الغموض حول الموعد والكيفية التي سيأتي من خلالها الردّ.  
 
وقال مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الأحد، إن "الحرب لها أشكال متعددة... ولا تعني دائماً الإمساك ببندقية. إنها تعني التفكير بشكل صحيح، والتحدّث بشكل صحيح، والتعريف بشكل صحيح، والتصويب بشكل صحيح".    
 
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الإيراني الجديد عباس عراقجي أكّد الجمعة، خلال اتصالات مع مسؤولين غربيين، حقّ بلاده "القطعي" في الردّ على اغتيال هنية، فإنه أعلن في اليوم التالي أن الحكومة الإيرانية ستسعى جاهدة إلى "تخفيف الضغوط" التي تمارسها الولايات المتحدة على بلاده. 
 
ويتناغم هذا مع التوجّه العام للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، الذي يربط بين تحسين الوضع الاقتصادي وتحسين العلاقات مع الغرب. ويفترض هذا أيضاً ألّا تبدأ الحكومة الإيرانية عهدها بالذهاب نحو خطوة قد تُثير نزاعاً أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.    
 
ومن العوامل التي تجعل إيران تتمهّل في الردّ هو أن روسيا، الحليف الاستراتيجي، منصرفة كلية في الوقت الحاضر إلى معالجة التوغّل الأوكراني في منطقة كورسك وتداعياته، وبالضربات المؤلمة التي توجّهها المسيّرات الأوكرانية للبنى التحتية في العمق الروسي، من مصافٍ للنفط وقواعد جوية وجسور ومنشآت حيوية أخرى. وعندما زار رئيس مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو إيران في مطلع الشهر الجاري، تردّد في الصحافة الغربية أنه جاء ليطلب صواريخ باليستية من إيران، في حين أن طهران تلقّت في وقت سابق تحذيرات من أوروبا من أن الإقدام على خطوة كهذه سيجري الردّ عليها بحظر هبوط الطائرات المدنية الإيرانية في المطارات الأوروبية. 
 
وتراهن واشنطن على ميل داخل إيران نحو عدم التصعيد الإقليمي أو الذهاب إلى مواجهة مباشرة مع أميركا، كي تنفس أجواء الاحتقان بما لا يؤدي إلى اتساع رقعة الحرب. وتعتمد أيضاً على أن الحشد العسكري الأميركي المعزز بحاملتي طائرات وأسراب من مقاتلات "إف-35" و"إف-22"، سيجعل إيران تفكر مرّتين قبل إطلاق ردّها على إسرائيل.   
 
هل توفّر هذه العوامل كلها بيئة تطمئن إلى أن حرباً واسعة لن تندلع؟ هذا سؤال لا يمكن الإجابة عنه في منطقة سريعة الاشتعال، ومن الصعب التنبؤ بالأحداث التي يمكن أن تطرأ فيها.  
 
ويزيد من الأخطار تعثّر المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة لوقف النار في غزة، واصطدامها يومياً بشروط جديدة يتقدّم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يثبت يوماً بعد يوم أنه يريد التفاوض من أجل التفاوض، وليس من أجل التوصل إلى اتفاق، متجاهلاً الضغوط التي تُمارس عليه في الداخل، من المستوى العسكري ومن أقارب الأسرى في غزة ومن المعارضة.   
 
إذاً، تبقى المنطقة مشرّعة على كل الاحتمالات من الآن وحتى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium