أعلنت إسرائيل أنها ستسمح "مؤقتا" بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر حدودها مع شمال القطاع، وفق ما أفاد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجمعة، بعد ساعات من تحذير للرئيس الأميركي جو بايدن.
وجاء في بيان مكتب نتنياهو أن "إسرائيل ستسمح بتسليم المساعدات الإنسانية بشكل مؤقت عبر أشدود ومعبر إيريز"، في إشارة إلى معبر حدودي أرضي وميناء يقع على بعد 40 كيلومترا شمال غزة.
أضاف البيان أن "هذه الزيادة في المساعدات ستمنع حدوث أزمة إنسانية وهي ضرورية لضمان استمرار القتال وتحقيق أهداف الحرب".
وبالإضافة إلى السماح بوصول المساعدات عبر معبر إيريز وميناء أشدود، ستسمح السلطات الإسرائيلية أيضا، حسب بيان مكتب رئيس الوزراء، "بزيادة المساعدات الأردنية عبر كرم أبو سالم"، وهو معبر حدودي في جنوب إسرائيل.
ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بعد أن أعلنت مسؤوليتها عن غارة أدت إلى مقتل سبعة عمال إغاثة من منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية التي تتخذ الولايات المتحدة مقرا.
واشنطن ترحب
وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم إن الولايات المتحدة ترحب بجهود إسرائيل الأخيرة للسماح بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنه قال إن النجاح سيقاس بنتائج تحسن الوضع على الأرض.
وأضاف بلينكن في كلمة إلى جانب زعماء دول الاتحاد الأوروبي في بلجيكا: "يكمن الدليل حقا في النتائج، وسنرى ذلك في الأيام المقبلة، وفي الأسابيع المقبلة".
كذلك ومباشرة بعد إعلان إسرائيل، رحب البيت الأبيض بالخطوات الرامية إلى "زيادة تدفق المساعدات إلى غزة"، ودعا إلى تنفيذها "بشكل كامل وسريع".
تحذير بايدن
وبعد محادثة هاتفية الخميس مع نتنياهو سادها التوتر واستمرت 30 دقيقة، وصف بايدن الغارة الإسرائيلية التي أودت بعمال الإغاثة بأنها "غير مقبولة"، ودعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار".
كما أوضح بايدن أن سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بغزة سيتم تحديدها على أساس "خطوات محددة وملموسة وقابلة للقياس لمعالجة الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة عمال الإغاثة"، وفق بيان للبيت الأبيض.
وترزح غزة تحت حصار إسرائيلي منذ بداية الحرب، حيث اتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وحذرت من مستويات جوع "كارثية".
ونفت إسرائيل تقييد وصول المساعدات.
في هذا السياق أقر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي بوجود "إحباط متزايد" حيال رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال رداً على سؤال عما اذا كانت المكالمة الهاتفية تعكس إحباط بايدن من عدم استجابة نتنياهو لطلبات واشنطن، "نعم، هناك إحباط متزايد".
لكن كيربي لم يؤكد ما إذا وقف الدعم العسكري لإسرائيل من ضمن الأمور المطروحة على الطاولة، تاركا لإسرائيل هامشا ضئيلا للمناورة قائلا "ما نتطلع إلى رؤيته ونأمل أن نراه هنا في الساعات والأيام المقبلة هو زيادة هائلة في وصول المساعدات الإنسانية، وفتح معابر إضافية، وخفض العنف ضد المدنيين وعمال الإغاثة".
واعتبر كيربي في حديث لشبكة "سي ان ان" مساء الخميس أن ما حدث للمطبخ المركزي العالمي، كان "بالتأكيد حافزا للمكالمة اليوم".
"أوقف ذلك حالا!"
إدارة بايدن أمام مهمة صعبة في ما يتعلّق بسياستها في ملف غزة، إذ تسعى لإيجاد توازن بين دعمها الراسخ لإسرائيل والمعارضة المتزايدة للحرب في الداخل الأميركي.
يخشى ديموقراطيون من أن ينعكس الغضب في صفوف ناخبين مسلمين وعرب سلبا على الانتخابات في ولايات متأرجحة رئيسية على غرار ميشيغان التي يتعين عليه الفوز فيها في سباق يتوقع أن يكون محموما مع منافسه القديم الجديد الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر).
وكان مقرّب من بايدن قد نصحه في وقت سابق باستخدام الدعم العسكري الذي توفره واشنطن لإسرائيل كل عام، ورقة ضغط.
وفي تصريح لشبكة "سي ان ان" قال السناتور الديموقراطي كريس كونز عن ولاية ديلاوير، مسقط رأس بايدن "أعتقد أننا بلغنا هذه النقطة".
وتفيد تقارير بأن بايدن يواجه أيضا ضغوطا تمارسها زوجته جيل.
وأبلغ بايدن أحد ضيوفه خلال اجتماع مع أفراد من الجالية المسلمة في البيت الأبيض بأن زوجته تلح عليه بضرورة وضع حد لارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في غزة وقالت له "أوقف ذلك، أوقف ذلك الآن!"، في واقعة أوردتها أيضا صحيفة "نيويورك تايمز".
وانسحب طبيب فلسطيني أميركي من لقاء بمناسبة شهر رمضان في البيت الأبيض، كما رفض عدد من أبناء الجالية المسلمة المشاركة في مأدبة الإفطار التقليدية في حين تتهدد المجاعة قطاع غزة.
على الرغم من العلاقة المتوترة تاريخيا مع نتنياهو، توجّه بايدن إلى إسرائيل بعد أيام قليلة على هجوم "حماس" غير المسبوق واصفا نفسه بأنه "صهيوني"، وعانق رئيس الوزراء الإسرائيلي.
خطاب بايدن ازداد حدة في الأشهر الأخيرة مع ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى أكثر من 30 ألفا وتواصل تدهور الوضع الإنساني.
لكن مع ذلك، لم تقترن أقوال بايدن بأفعال ملموسة للحد من مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات تقدمها واشنطن لحليفتها الإقليمية الأساسية.
وفي مؤشر يدل على أن شيئا لم يتغير، وافقت إدارة بايدن على نقل آلاف القنابل الإضافية إلى إسرائيل في نفس اليوم الذي قتل فيه عمّال الإغاثة السبعة بضربة إسرائيلية، وفق ما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الخميس.
وحضّ بين رودز الذي سبق أن شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأسبق باراك أوباما، بايدن على التحرّك.
وجاء في منشور لرودز على منصة إكس: "إلى أن تكون هناك عواقب جوهرية، فإن هذا الغضب لا ينفع. من الواضح أن بيبي (نتنياهو) لا يكترث بما تقوله الولايات المتحدة، بل بما تفعله الولايات المتحدة".
في صفوف الناخبين الأميركيين استياء متزايد من الهجوم الإسرائيلي في غزة.
حاليا يعارض 55% من الناخبين سلوكيات إسرائيل، مقابل 36% يوافقون عليها، وفق استطلاع لمؤسسة غالوب نشر في 27 آذار (مارس).