أطلقت إيران وابلاً من الطائرات المسيرة المتفجرة والصواريخ على إسرائيل في وقت متأخر أمس السبت وليل الأحد، في أول هجوم مباشر، مما أثار مخاوف أميركية ودولية من تصعيد كبير في ظل تعهد الولايات المتحدة بدعم "لا يتزعزع" لإسرائيل، وإن كانت واشنطن أبلغتها أنها لن تدعم أي هجوم إسرائيلي على إيران.
وانطلقت صفارات الإنذار، وقال صحافيون من "رويترز" في إسرائيل إنهم سمعوا دوياً قوياً نتيجة لما وصفته وسائل إعلام محلية بأنه اعتراض جوي لطائرات مسيرة متفجرة. وأعلنت السلطات الإسرائيلية عن إصابة 12 شخصاً، بينهم طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات أصيبت بجروح خطيرة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاغاري إن إيران أطلقت العشرات من الصواريخ أرض-أرض على إسرائيل، جرى اعتراض معظمها خارج حدود إسرائيل، مضيفاً أنها شملت أكثر من عشرة صواريخ كروز.
وذكر هاغاري أن الرشقة الإيرانية اشتملت على أكثر من 300 من الطائرات المسيرة والصواريخ حتى الآن، وأنها تسببت في أضرار طفيفة لمنشأة عسكرية إسرائيلية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن "احتواء الهجوم كان مثيراً للإعجاب والأضرار كانت طفيفة".
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن الجيش أن 7 صواريخ بالستية فقط اخترقت الأجواء الإسرائيلية من أصل 110 أطلقتها إيران.
وفيما قال الجيش الإسرائيلي إنه أسقط 99 في المئة من المسيّرات والصواريخ الإيرانية، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن "أهداف الهجوم على إسرائيل تحققت بنجاح".
وأضاف: "هاجمنا أهدافاً عسكرية مهمة للجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة ونجحنا في ضربها وتدميرها".
غير أن الجيش الإسرائيلي قال لاحقاً إنه لا ينصح السكان في أي منطقة بإسرائيل بالاستعداد للجوء إلى المخابئ، في تعديل لتحذير سابق، ما يشير على ما يبدو إلى نهاية التهديد الإيراني.
القدس فجر اليوم الأحد. (أ ف ب)
ونقلت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي لم تذكر اسمه قوله إنه سيكون هناك "رد قوي" على الهجوم.
وتوعدت طهران بالرد على ما تقول إنها ضربة إسرائيلية على قنصليتها في دمشق في الأول من نيسان (أبريل)، وهي الضربة التي أدت إلى مقتل سبعة ضباط في الحرس الثوري بينهم اثنان من كبار القادة. وقالت إيران إن هجومها رد على "الجرائم الإسرائيلية". ولم تؤكد إسرائيل أو تنفِ مسؤوليتها عن الهجوم على القنصلية.
وقالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة "إذا ارتكب النظام الإسرائيلي خطأ آخر، فإن رد إيران سيكون أكثر حدة بكثير"، وحذرت الولايات المتحدة وطالبتها "بالبقاء بعيداً". وقالت أيضاً إن إيران الآن "تعتبر الأمر منتهياً".
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران لكنها لن تتردد في التحرك لحماية القوات الأميركية ودعم الدفاع عن إسرائيل.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالهجوم الإيراني، وقال إنه "يشعر بقلق بالغ إزاء الخطر الحقيقي للغاية المتمثل في تصعيد مدمر على مستوى المنطقة".
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم الأحد بعدما طلبت إسرائيل من المجلس إدانة الهجوم الإيراني وتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
وسيعقد الاجتماع الساعة الرابعة عصراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (2000 بتوقيت غرينتش) وفقاً لجدول أعمال صدر في وقت متأخر يوم السبت.
إيران تحذّر
وفي رسالة إلى مجلس الأمن حذّر مندوب إيران في الأمم المتحدة سعيد إيرواني من أن "ردنا سيكون أكثر قوة إذا نفذت إسرائيل أي عمل عسكري ضدّنا".
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن طهران بعثت برسالة إلى الولايات المتحدة عبر سويسرا تحذرها فيها من أنها ستستهدف قواعدها إذا دعمت واشنطن أي رد إسرائيلي.
وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي على تطبيق "تيلغرام" إنه إلى جانب تلقي رسالة من إسرائيل، تلقى مجلس الأمن أيضاً رسالة من إيران تؤكد فيها أن هجومها كان في إطار ميثاق الأمم المتحدة الذي يحكم حق الدفاع عن النفس.
وأضاف "حذرت إيران من أنه إذا ردت إسرائيل، فسوف ترد إيران على نحو أكثر قوة وحسماً".
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث عبر الهاتف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء أمس السبت بتوقيت واشنطن، فجراً بتوقيت إسرائيل. وذكر بايدن أنه سيعقد اجتماعاً مع زعماء مجموعة السبع لأكبر اقتصادات عالمية اليوم الأحد لتنسيق رد دبلوماسي موحد على ما وصفه بأنه "هجوم إيراني سافر".
وقال مسؤول إن بايدن، الذي حذر إيران يوم الجمعة من شن الهجوم، قطع زيارة إلى ولاية ديلاوير للقاء مستشاري الأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، ومن بينهم وزيرا الدفاع والخارجية. وتعهد بالوقوف إلى جانب إسرائيل.
وكتب على موقع "إكس" بعد الاجتماع "إن التزامنا بأمن إسرائيل ضد التهديدات من إيران ووكلائها لا يتزعزع".
نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول في البيت الأبيض أن بايدن أبلغ نتنياهو أن واشنطن ستعارض أي هجوم إسرائيلي ضدّ إيران، ولن تشارك فيه.
ووفق المسؤول الأميركي، ردّ نتنياهو بأنه يتفهم سبب عدم مشاركة الولايات المتحدة في أي هجوم ضدّ إيران.
وذكر الموقع أن بايدن قال لنتنياهو إن جهود الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى في المنطقة أفشلت الهجوم الإيراني.
وخلال الهجمات الإيرانية بمئات المسيرات والصواريخ على إسرائيل ليل السبت – الأحد، توالت التقارير والتسريبات في وسائل إعلام أميركية عن قلق واشنطن من محاولات إسرائيلية لجرها إلى صراع مع إيران.
ونقل "أكسيوس" عن مسؤول في البيت الأبيض أن بايدن وأعضاء في فريقه للأمن القومي يتخوفون من أن يؤدي أي ردّ إسرائيلي على الهجمات الإيرانية إلى حرب إقليمية.
وقال مسؤول أميركي رفيع لشبكة "أن بي سي" إن الولايات المتحدة تتعامل الآن مع حرب مباشرة محتملة بين دولتين، فيما تحدثت مصادر أخرى عن قلق أميركي من ردّ إسرائيلي سريع على إيران لا يأخذ في الاعتبار تداعيات خطيرة محتملة.
وذكرت شبكة "سي أن أن" أن أوستن طلب من نظيره الإسرائيلي إخطار واشنطن مسبقاً بأي نية إسرائيلية للردّ على الهجمات الإيرانية.
وأدت الحرب التي دخلت الآن شهرها السابع في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى تفاقم التوتر في المنطقة، وامتدت إلى جبهات في لبنان وسوريا وتسببت في إطلاق قذائف بعيدة المدى على أهداف إسرائيلية من أماكن بعيدة مثل اليمن والعراق.
وقالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري في بيان إن هناك أنباء أيضاً عن إطلاق جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن طائرات مسيرة على إسرائيل.
وتنذر هذه الاشتباكات حالياً بالتحول إلى صراع مفتوح مباشر بين إيران وحلفائها في المنطقة وبين إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة. وحثت مصر على ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس".
ويمتد العداء بين إسرائيل وإيران لعقود، لكن المواجهات كانت تتم عن طريق وكلاء أو من خلال استهداف قوات بعضهما البعض في بلدان ثالثة.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن مقاتلات أميركية وبريطانية شاركت في إسقاط بعض الطائرات المسيرة المتجهة إلى إسرائيل فوق منطقة الحدود العراقية - السورية. وقال مسؤولان أميركيان إن الجيش الأميركي أسقط عشرات الطائرات المسيرة المتجهة لإسرائيل.
تصعيد
قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه عقد اجتماعاً لحكومة الحرب في مقر للجيش في تل أبيب.
وأعلنت إسرائيل ولبنان والأردن والعراق غلق مجالاتها الجوية ليل السبت - الأحد، وسرعان ما أعيد فتحها صباح اليوم مع مع ما بدا أنه نهاية للهجوم الإيراني.
وكان الأردن الذي يقع بين إيران وإسرائيل، وضع دفاعاته الجوية في حالة تأهب لاعتراض أي طائرة مسيرة أو صاروخ ينتهك مجاله الجوي.
وقال سكان في عدة مدن أردنية إنهم سمعوا أصوات نشاط جوي كثيف.
وقالت مصادر عسكرية سورية إن سوريا، وهي حليفة لإيران، وضعت أنظمتها للدفاع أرض-جو حول العاصمة والقواعد الرئيسية في حالة تأهب قصوى.
وندد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا والمكسيك والتشيك والدنمارك والنرويج وهولندا واليابان بالهجوم الإيراني.
وتحدث دونالد ترامب، الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري المحتمل في انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بشكل موجز عن الضربات الجوية خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا وانتقد منافسه الديموقراطي بايدن.
وقال ترامب "إنهم يتعرضون لهجوم الآن لأننا أظهرنا ضعفاً كبيراً. هذا لم يكن ليحدث، هذا الضعف الذي أبديناه، إنه أمر لا يصدق، ولم يكن ليحدث لو كنت في السلطة".
وإسرائيل في حالة تأهب للرد الإيراني على هجوم القنصلية منذ تصريح الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي بأن إسرائيل "يجب أن تُعاقب وسوف تُعاقب" على العملية التي تعد بمثابة هجوم على الأراضي الإيرانية.
وفي لبنان قال "حزب الله" في ساعة مبكرة من صباح اليوم إنه أطلق صواريخ على قاعدة إسرائيلية. ويتبادل الحزب إطلاق النار مع إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).