اعتبر المحلّل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هاريئيل اليوم الثلثاء أن "بعد 200 يوم على الحرب على غزة، لا مفر من الحديث عن فشل خطير في وضع الأمن القومي الإسرائيلي".
وقال، في تقريره: "إيران أشارت إلى نقطة مقلقة أخرى بقرارها إطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، وحزب الله صعّد مؤخراً هجمات المسيّرات والقذائف المضادة للدروع التي يطلقها من لبنان، في ما حوالي 50 ألفاً من مستوطني الحدود الشمالية لا يزالون منفيّين عن بيوتهم. بالإضافة إلى أن عودة مستوطني غلاف غزة إلى بيوتهم تتقدّم ببطء وسكّان البنايات التي دُمرت قرب الحدود مع القطاع سينتظرون فترة طويلة إلى حين الترميم والبناء من جديد".
وأضاف: "في ظل هذا الوضع، لم يتم تحقيق الأهداف المعلن عنها للحرب ضد حماس. لم يتم القضاء على حكم الحركة في القطاع وجزء من قدراتها العسكرية، رغم أنّه صغير نسبياً، لا يزال موجود ولم تنشأ ظروف لإعادة جميع الأسرى".
ولفت هاريئيل إلى "الشرخ الهائل في الروح الإسرائيلية بعد هجوم 7 تشرين الاول (أكتوبر) ونشأ شرخ كبير آخر. فالتضامن الأساسي الذي كثيراً ما تباهى فيه المجتمع الاسرائيلي تلِف كلّياً".
وأردف: "في العام 2011 تم تحرير بصفقة تبادل أسرى مختلف حولها 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الجندي جلعاد شاليط. وهذه المرّة، يتعفّن الأسرى في الأسر وقسم كبير من المؤسّسة السياسية يوحي بعدم مبالاة، وعداء أيضاً تجاه عائلتهم".
"مصيدة استراتيجية"
إلى ذلك، رأى هاريئيل أن "إسرائيل عالقة في مصيدة استراتيجية في إطار تطوّرات دولية واسعة، وفي مقدّمتها وقوف محور روسي – إيراني، بدعم معيّن من الصين، ضد الهيمنة الأميركية منذ سنوات طويلة".
وتابع: "باتت إسرائيل في مكانة دولة عضو في المعسكر الليبرالي – الديموقراطي مع وقف التنفيذ لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض خلافاً لأي منطق موضوعي البحث في الجوانب السياسية للحرب وفي الحلول المستوجبة بعدها، ولأن إسرائيل فقدت جزءاً كبيراً من الدعم الغربي على إثر عملياته العسكرية في القطاع".
وتوقّع المحلّل الإسرائيلي "خطراً أكبر في المدى البعيد يتمثّل باستقرار وضع شبه أوكراني: القتال يستمر، بحجم محدود لكن بشكل يضع مصاعب أمام الحياة الاقتصادية هنا، يعطّل السياحة الوافدة من الخارج ولا يسمح بعودة كاملة إلى البلدات عند الحدود اللبنانية وغلاف غزة. وإيران تدعم حزب الله وحماس بإطلاق صواريخ بين حين وآخر، والعالم العربي يوضح لإسرائيل أنه ينبغي أن يكون واقعي وآخذ قيود الوضع بالحسبان".
وأشار إلى أن "المصيدة الاستراتيجية العالقة فيه إسرائيل تتجسّد في غزة، لبنان، الضفة الغربية ومقابل إيران وقريباً مقابل تركياً، التي تعتزم إرسال قافلة بحرية استفزازية تحمل مساعدات للقطاع. والأنباء السيئة، مثل قرار شركة ستاندارد أند بورز بخفض التصنيف الائتماني، مناقضة تماماً للخطاب الأجوف والوعود بلا رصيد التي ينثرها رئيس الحكومة".
وقال إن "الجيش الإسرائيلي يجري استعدادات لاجتياح رفح، حيث تتحصّن 4 كتائب في حماس لكن من يرى بذلك نهاية الحرب يضلّل الجمهور. والدليل الأفضل على ذلك موجود في شمال القطاع. فالجيش الإسرائيلي أخلى هذه المنطقة كلّياً تقريباً وحماس تعود للسيطرة عليها تدريجياً. ورغم تراجع قدرات حماس العسكرية وغزوات الجيش الإسرائيلي بشكل متتالي، لكن حماس لا تواجه صعوبة كبيرة في إعادة مؤشرات قدرة حكم مدنيّة".
في الختام، رأى أن الإدارة الأميركية "تمارس سياسة العصا والجزرة تجاه إسرائيل، ما يدل على وضع العلاقات بينهما. فمساء السبت الماضي، صدفة أم لا، جسّدت إدارة جو بايدن سياسة العصا والجزرة. من جهّة، صادق الكونغرس على حزمة مساعدات أمنية لإسرائيل اوكرانيا وتايوان بينها 14 مليار دولار لإسرائيل. ومن الجهّة الثانية، تستعد الولايات المتحدة لفرض عقوبات على كتيبة نيتساح يهودا، واليوم تبيّن أن العقوبات قد تشمل وحدتين، وهذه العقوبات تأتي على خلفية انتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية".